الكنيسة المشيخية الأميركية تصنف إسرائيل دولة عنصرية.. ماذا يعني ذلك للقضية الفلسطينية؟

قرار الكنيسة المشيخية باعتبار إسرائيل دولة عنصرية سيعطي صوتا أقوى للفلسطينيين رغم الهجوم الإعلامي المضاد، مما سيوجه لمزيد من توازن الآراء وظهور المزيد من الحقائق أمام الشعب الأميركي الذي غالبا لا يصل إليه من الإعلام الرسمي إلا رواية أحادية في صالح المحتلين.

Multiple people shot at July 4 parade in US state of Illinois
الكنيسة المشيخية اتخذت قرارا غير مسبوق بالكنائس الأميركية تجاه القضية الفلسطينية (الأناضول)

كاليفورنيا- شكل تصويت الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة، لصالح قرار يصنف إسرائيل على أنها دولة فصل عنصري، حدثا لافتا لدى المؤيدين والمعادين للقضية الفلسطينية في الأوساط الأميركية.

ووُصف القرار بأنه أول موقف من نوعه تتخذه واحدة من الكنائس البروتستانتية الرئيسية في الولايات المتحدة.

ونص قرار الكنيسة -التي يقدر عدد أتباعها بنحو مليون و700 ألف أميركي- على أن قوانين إسرائيل وسياساتها وممارساتها ضد الشعب الفلسطيني تطابق تعريف القانون الدولي للفصل العنصري (أبارتهايد).

كان مجلس الكنائس المشيخية بالولايات المتحدة (PCUSA) قد صوت منذ عامين على قرار يصف إسرائيل بدولة تفرقة عنصرية، لكنّه تعثر بفارق صوتين.

غير أن المؤتمر العام للكنيسة المشيخية صوت -خلال اجتماعاته بمدينة لويفيل في ولاية كنتاكي بأغلبية 70%- لصالح قرار يصنف إسرائيل دولة فصل عنصري.

لوغو الكنيسة المشيخية بالولايات المتحدة (الجزيرة)

ما الكنيسة المشيخية؟

الكنيسة المشيخية (Presbyterian Church) هيئة تضم مجموعة من الكنائس التي تلتزم إلى درجة ما بتعاليم جون كالفين وجون نوكس، وتمارس شكلا مشيخيا لحكومة الكنيسة التي يقودها ممثلو الشيوخ (الكهنة).

وتدعو سياسة الكنائس المشيخية إلى تجمعات محلية تنتخب بها إدارة تسمى الدورة أو المجلس. وتنتخب التجمعات أيضًا الكهنة الذين يختارون كاهنا لحكم المجموعات الإقليمية للكنائس المحلية. ثم تشرف المجامع الكنسية على المساعدين، وتشكل الجمعية العامة.

وشهدت الكنيسة انقساما فافترقت إلى هيئتين: محافظة وليبرالية، فاستقلت مجموعة المحافظين تحت ما يسمى الكنيسة المشيخية الأميركية (PCA) ولهم حوالي 335 ألف عضو.

بينما استمر الجانب الليبرالي تحت ما يسمى الكنيسة المشيخية بالولايات المتحدة (PCUSA) ويصل أتباعها إلى حوالي 1.7 مليون عضو. وهي التي أدانت إسرائيل.

قرارات الكنيسة

وافقت الكنيسة خلال تصويتها الأخير على عدة قرارات منها:

  • اعتبار أن قوانين إسرائيل وسياساتها وممارساتها بحق الشعب الفلسطيني تتطابق مع التعريف القانوني الدولي للتمييز العنصري.
  • إضافة 15 مايو/أيار من كل عام إلى تقويم الكنيسة كيوم ذكرى النكبة، والذي شهد تهجير عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم لإقامة دولة إسرائيل عام 1948.
  • دعت الكنيسة إلى انهاء الحصار على غزة وإنهاء العقاب الجماعي للمواطنين الأبرياء من الفلسطينيين والإسرائيليين، وأكدت على "حق الجميع في العيش والعبادة بسلام".
  • Outbreak of the coronavirus disease (COVID-19) in Massachusetts
    مساعدات غذائية جهزتها الكنيسة المشيخية للمحتاجين فترة انتشار كورونا بالولايات المتحدة (رويترز)

تداعيات القرار

وبناء على هذا القرار سيتم بيع أسهم المشيخية في شركات تتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي مثل شركة "كاتربلر" (Caterpillar) التي يستخدم الاحتلال جرافاتها في هدم منازل الفلسطينيين وانتزاع أشجارهم. وشركة "هوليت-باكارد" (Hewlett-Packard) وشركة "موتوريلا" (Motorola Solutions) وتقدر تلك الأسهم بمبلغ 21 مليون دولار.

ويعتبر أنصار القرار أن وضع ذكرى النكبة على أجندة الكنيسة سيذكر أعضاءها كل عام بما قام به الاحتلال من تشريد للشعب الفلسطيني وسرقة أرضه لبناء مستعمراته.

وقد أشاد الأمين العام للمبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي بتصويت المجلس العام للكنائس المشيخية بالولايات المتحدة، واعتبرها "ضربة جديدة لإسرائيل".

ومما يزيد من مخاوف اليمين الأميركي واللوبي الصهيوني أنّ القرار قد يشجع كنائس وهيئات أخرى للالتحاق بركب المقاطعة الاقتصادية، مع وضع القضية الفلسطينية على طاولة حوار شعبي، وعرض حقائق عن طبيعة الصراع، لم تكن لتعرض لولا تبني هيئة من أكبر الهيئات الكنسية له.

يقول جوناثان غرينبلات -مساعد خاص سابق بإدارة الرئيس باراك أوباما- والمدير التنفيذي لرابطة عدم التشهير (ADF) في تغريدة له على تويتر "هذا القرار لا يسعى لعلاج أو حل، إنمّا يعمق الانقسام بين الناس من المعتقدات المختلفة ويعكر الأمن. نحن نشجع الكنيسة المشيخية أن تستخدم تأثيرها بطريقة بناءة تؤدي إلى مستقبل سلم للجميع".

A candlelight vigil is held at Rancho Bernardo Community Presbyterian Church for victims of a shooting incident at the Congregation Chabad synagogue in Poway
فعالية للكنيسة المشيخية تضم أتباع مختلف الأديان بالولايات المتحدة (رويترز)

تأثير القرار على الشارع الأميركي

تباينت ردود الفعل، وقراءة مدى تأثير قرار الكنيسة على موقف أعضائها تجاه القضية الفلسطينية وإسرائيل بالعموم.

فقد نقلت وكالة أسوشيتد برس عن هيث رادا مدير جلسة التصويت بالكنيسة "إنّ هذا القرار لا يعكس بأي حال من الأحوال عدم حبنا لإخواننا وأخواتنا اليهود".

وقال القس جرادي بارسونز مدير العمليات بمكتب الجمعية العامة في بيان "نحن ككنيسة لا يمكننا الاستفادة من تدمير المنازل والأرواح، وسنستمر في الاستثمار في العديد من الشركات التي تشارك في المساعي السلمية في إسرائيل".

1 dead, 4 critically injured in California church shooting: Sheriff
إحدى كنائس "المشيخية" تعرضت لهجوم مسلح قبل أشهر قليلة (الأناضول)

في حين وصف د.سيلدين هارس، وهو قس متقاعد ومتخصص في المسيحية والإسلام، الخطوة بأنّها متأخرة، وقال للجزيرة نت "إنه لمن المؤسف أن كنيستي (الكنيسة المشيخية بأميركا (PCA) كانت أول هيئة دينية معتبرة تعترف بالصهيونية وبدولة إسـرائيل عام 1948. إنه خطأ فادح".

ومن المتوقع أنّ هذه الخطوة ستعطي صوتا أقوى للفلسطينيين رغم الهجوم الإعلامي المضاد، مما سيوجه لمزيد من توازن الآراء وظهور المزيد من الحقائق أمام الشعب الأميركي الذي غالبا لا يصل إليه من الإعلام الرسمي إلا رواية أحادية في صالح الكيان المحتل.

المصدر : الجزيرة