خبير عسكري أميركي: الجغرافيا تمنع حربا حقيقية بين إيران وإسرائيل
يقول الخبير الأميركي إن إيران وإسرائيل في حالة حرب بالفعل؛ لكنه يصفها بـ"حرب بالوكالة" منذ اندلاع الثورة الإيرانية، ومن غير المرجح أن يصل الطرفان إلى الحرب بالطريقة التي تخوض بها روسيا هجومها في أوكرانيا، فالمسافة والجغرافيا تستبعدان نشوب صراع طويل الأمد على الأراضي.
واشنطن- يُرجع خبير أميركي عدم نشوب صراع مسلح مباشر بين إسرائيل وإيران حتى الآن، ويرجع ذلك إلى البُعد الجغرافي وعدم وجود حدود بين الطرفين، فيما تشهد العلاقات بين الدولتين تصعيدا مستمرا زاد من خطورته الجمود وتوقف مفاوضات فيينا، مع استمرار إيران في التقدم ببرنامجها النووي كما تشير آخر تقارير المنظمة الدولية للطاقة الذرية.
وفي ضوء ذلك، تحدّث "ديفيد دي روش" -وهو القائد العسكري السابق والأستاذ المساعد حاليا في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون الأميركي- للجزيرة نت بشأن إمكانية نشوب عمليات عسكرية بين إسرائيل وإيران.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالتصعيد مع إيران.. 6 أزمات داخلية تلخص سياسة إسرائيل للهروب للأمام
إيران وإسرائيل.. ما سيناريوهات التصعيد واحتمالات الحرب متعددة الجبهات؟
"اللعب بالنار".. هكذا تنظر إيران إلى الرادارات الإسرائيلية في الخليج
وخلال تاريخه الممتد على مدار 30 عاما في وزارة الدفاع، خدم دي روش في هيئة الأركان المشتركة وبقيادة العمليات الخاصة الأميركية، وكذلك في قوات العمليات الخاصة والتقليدية المنتشرة في الشرق الأوسط وأوروبا وأفغانستان.
وتقلّد دي روش مناصب عدة في مكتب وزير الدفاع الأميركي للشؤون السياسية، منها مدير مكتب الخليج وشبه الجزيرة العربية، ومدير قسم الاتصالات بين وزارة الدفاع ووزارة الأمن الداخلي، ومدير عمليات حلف الناتو.
نص الحوار:
ما الجديد في التوتر الحالي بين إسرائيل وإيران؟
كانت هناك حرب مستمرة بالوكالة على مستوى منخفض بين إيران وإسرائيل طيلة عقود. وعادة ما تهاجم إيران أهدافا سهلة يهودية (وليست إسرائيلية بالضرورة)، مثل مركز الجالية اليهودية في بوينس أيرس بالأرجنتين، في حين تهاجم إسرائيل أهدافا وقادة عسكريين داخل إيران.
ومع توسع الحرب في سوريا، استهدفت إسرائيل الوجود العسكري الإيراني في سوريا، في حين سعت إيران إلى تمكين مختلف الوكلاء مثل حزب الله اللبناني، ليس فقط من خلال توفير الأسلحة خاصة الصواريخ، ولكن أيضا بإمدادهم بوسائل تصنيع مثل هذه الأسلحة، وكان هذا أكثر وضوحا مع الطائرات بدون طيار.
وفي الآونة الأخيرة، هاجمت إسرائيل منشأة إيرانية للطائرات بدون طيار داخل إيران، مما دفع إيران إلى مهاجمة منشأة في كردستان العراق وصفتها بأنها مركز تجسس إسرائيلي.
ونشهد مؤخرا المزيد من الهجمات على كبار الضباط العسكريين والمسؤولين الأمنيين في إيران إلى جانب هجمات كبيرة على أهداف في سوريا مثل مطار دمشق الدولي. ويبدو أن إيران تشعر بأن عليها الرد بدافع الحسابات الأمنية وكذلك بدافع الحفاظ على صورتها.
وبالنظر إلى الدور المتزايد للحرس الثوري الإيراني في مختلف القطاعات الإيرانية، ومع الفساد المتزايد في إيران المرتبط بتوسع نفوذ الحرس الثوري الإيراني، فإن الإخفاقات الأمنية الكبيرة تشكك في شرعية النظام الإيراني. لذلك من المرجح أن يستمر التصعيد الحالي وأن يصبح أكثر عنفا.
ما احتمالات نشوب حرب حقيقية بين إسرائيل وإيران؟ وما السيناريوهات والساحات المتوقعة لهذه المواجهة؟
إنهما في حالة حرب بالفعل. وكونها حربا بالوكالة وذلك منذ اندلاع الثورة الإيرانية، فمن غير المرجح أن تصل إيران وإسرائيل إلى الحرب بالطريقة التي تخوض بها روسيا هجومها في أوكرانيا مثلا. فالمسافة والجغرافيا تستبعدان نشوب صراع طويل الأمد على الأراضي.
لكنّ ما هو أكثر ترجيحا قيامُ إسرائيل بهجوم جوي واسع النطاق ضد إيران ووكلائها وقواتها في سوريا ولبنان والعراق. ومن جهة أخرى، سيتركز الجهد الإيراني على هجمات ضد السفن التجارية في الخليج، وإطلاق صواريخ طويلة المدى ضد إسرائيل من سوريا ولبنان والعراق، وشن هجمات ضد دول تُعرّفها إيران بأنها أعداء كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وستحارب إيران إسرائيل، كما فعلت منذ عقود، حتى آخر عربي.
وما الآثار المترتبة على المناورات العسكرية الإسرائيلية المتكررة التي تحاكي هجمات على أهداف إيرانية؟
هذا ليس تطورا جديدا، فعلى مدى عقود اختبرت إيران هجمات صاروخية تحاكي أهدافا إسرائيلية وسفنا حربية أميركية. من ناحية أخرى، تظهر إسرائيل مرارا وتكرارا أن لديها القدرة على إجراء عمليات عسكرية واستخباراتية عن بُعد، حتى في وسط مدينة طهران. والآثار المترتبة على هذه المناورات الآن هي تسليط الضوء على قدرة إسرائيل والعمل كرادع لمزيد من العمل العسكري الإيراني.
كيف يساهم التعاون العسكري الإسرائيلي الإماراتي في تصعيد التوتر بين إيران وإسرائيل؟
تعد إيران نفسها قائدة "محور المقاومة" ضد منظومة تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل تستهدف المصالح الإيرانية بالمنطقة. والأعضاء الآخرون في محور المقاومة هم حزب الله اللبناني وسوريا وقوى في العراق وحماس في غزة والحوثيين في اليمن.
ويعارض هذا المحور أي دولة تستضيف قوات أميركية أو تعترف بإسرائيل. وهكذا، تنظر إيران إلى "الاتفاقات الإبراهيمية" بين البحرين والإمارات وإسرائيل على أنها تحدّ مباشر لـ"محور المقاومة" وتهديد عسكري له.
ما مدى استعداد الجيش الإسرائيلي لحرب على عدة جبهات؟
لا ترحب إسرائيل بحرب متعددة الجبهات، ولكنها أدركت أنها قد تضطر إلى خوضها، ولذا استعدت لعمليات على جبهات متعددة. وبرأيي، إسرائيل تشعر أن بإمكانها الاعتماد على علاقاتها مع روسيا وكذلك على قدرتها التقليدية على توجيه ضربات لإبقاء سوريا مهمشة أثناء الصراع.
وتشعر إسرائيل بأنها قادرة على احتواء قطاع غزة من خلال تعزيز العمليات الأمنية إذا دعت الحاجة إلى ذلك. كما هيأت الرأي العام الدولي لشن ضربات عدوانية داخل لبنان من خلال الإعلان عن مواقع تصنيع صواريخ حزب الله في الأحياء المدنية ببيروت وأماكن أخرى. ومن المحتمل أن يضر مثل هذا الصراع بصورة إسرائيل على الصعيد الدولي، ولكنها إذا واجهت تهديدا عسكريا كبيرا، فإنها ستعطي الأولوية لتدمير هذا التهديد على حساب صورتها.
وما الذي يمكن أن يشعل حربا بالوكالة بين إسرائيل وحلفاء إيران؟
يعمل حزب الله كدولة داخل الدولة اللبنانية بحكم الأمر الواقع، وهو الآن يتردد في القيام بعمل عسكري ضد إسرائيل بسبب التهديد بالانتقام العسكري الضخم. أما حماس فمختلفة، فهي عبارة عن حكومة غير خاضعة للمساءلة في جيب صغير من الأرض غير قابل للحياة اقتصاديا وحده، ويمكن أن ينفجر في أي لحظة. ومن الممكن أن تدخل حماس في صراع مع إسرائيل ولكن كرد فعل على بعض الحوادث غير المتوقعة، على سبيل المثال حوادث أو تصعيد في الضفة الغربية أو القدس.
أما حزب الله فلن يذهب إلى الحرب إلا إذا قررت إيران ذلك ورأت أن قوى أخرى، مثل سوريا وحماس، انخرطت في حالة حرب وكان هناك احتمال كبير لإلحاق الهزيمة بإسرائيل.
ولن تصعد إسرائيل أعمالها العسكرية إلا إذا تعرضت للهجوم أو إذا وقع هجوم كبير على المصالح الإسرائيلية، مثل هجوم أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا على مصالح أو جماعة يهودية في أوروبا.
كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران حال اندلاعها؟
تحسنت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل كبير منذ نهاية حكم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي انقسم الرأي العام الأميركي بشأنه، حيث اعتبره الكثيرون عدوانيا ساعيا للحروب.
وعلى النقيض من ذلك، يُنظر إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية على أنها أقل سعيا إلى الصراع، وبالتالي من المؤكد أن تدعم واشنطن إسرائيل.
وإذا كانت هناك حرب بصفة عامة، فإن الرد الأميركي الرئيسي سيكون بتأمين عمليات الشحن البحري في الخليج من أي هجوم إيراني، إضافة لتقديمها أحدث الأسلحة لإسرائيل.