إصابات بين الفلسطينيين في مواجهات بمحيط "قبر يوسف" والاحتلال يطلق أكبر مناورة في تاريخه

Israeli police officer injured in East Jerusalem
قوات من جيش الاحتلال في أحد مداخل القدس (الأناضول)

أصيب عدد من الفلسطينيين مساء الاثنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وعشرات آخرون بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع؛ وذلك خلال مواجهات ليلية اندلعت عند محيط "قبر يوسف" في مدينة نابلس بالضفة الغربية، في حين أعلن جيش الاحتلال إطلاق أكبر مناورات عسكرية شاملة في تاريخه.

وكان عشرات الشبان خرجوا للتصدي لقوات الاحتلال التي اقتحمت المنطقة الشرقية من مدينة نابلس لحماية مستوطنين متطرفين توجهوا للمقام لأداء الصلوات.

وأفاد شهود عيان بأن الشبان كشفوا كمينا لوحدة خاصة حاولت اعتقال عدد من الشبان فأطلقوا الرصاص على الجنود، وأضافوا أن شبانا ألقوا زجاجات حارقة تجاه حافلة للمستوطنين ولم تقع إصابات.

يذكر أن المقام يقع في مدينة نابلس، ويعدّه اليهود مكانا مقدسا، إلا أن السلطة الفلسطينية -وفق اتفاق أوسلو- تسيطر على الموقع ويتوجب التنسيق مع أجهزتها عند اقتحام المقام، ولكن الاحتلال لا يلتزم دائما بهذا الاتفاق.

مناورات شاملة

وفي وقت سابق أعلن جيش الاحتلال إطلاق أكبر المناورات العسكرية الشاملة في تاريخه تحت اسم "عربات النار"، تستمر شهرا كاملا، وتشارك فيها أذرع الجيش كافة، في البر والبحر والجو، وتشمل جنود الجيش النظامي والاحتياطي.

وسوف يكون التدريب -الذي يستغرق 4 أسابيع- بمنزلة محاكاة لحرب متعددة الجبهات والأبعاد ضد أعداء إسرائيل في الجو والبحر والبر وفي الفضاء السيبراني.

وكانت هذه المناورات قد أرجئت من العام الماضي، بسبب اندلاع الحرب على قطاع غزة؛ حيث اضطرت قيادة الجيش حينها إلى وقف المناورات قبل انطلاقها بيوم واحد.

An Israeli Tank maneuvers near kibbutz Kerem Shalom just outside the southern Gaza Strip
دبابة تشارك في مناورات إسرائيلية سابقة بالقرب من غزة (رويترز)

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي -في بيان- إن هدف المناورات هو رفع جهوزيته لأي سيناريو، وتأهيله لخوض معركة طويلة الأمد.

وأضاف أن رئيس الأركان أفيف كوخافي حدد الأهداف المطلوبة من المناورات؛ وهي تعزيز الجهوزية للحرب على الصعيدين، الهجومي والدفاعي، واستخلاص العبر من الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إن لدى إسرائيل اليوم مهمة أساسية، هي ضرب الإرهاب وملاحقة كل من يريد إيذاء الإسرائيليين، حسب وصفه.

وبدوره، قال وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن ما وصفها بقواعد اللعبة يجب أن تتغير بشأن قادة حركة حماس، وإنه لا يمكن قبول واقع يسمح لهم فيه بالتمتع بحصانة في غزة، وهم يواصلون التحريض على تنفيذ عمليات في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، وفق تعبيره.

وقال إن قادة حماس حصلوا على هذه الحصانة بتعهد من رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو عام 2014 مع انتهاء عملية "الجرف الصامد"، وبوساطة مصرية، حين رفضوا وقف إطلاق النار مع استمرار عمليات الاغتيال.

وفي تطور آخر، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على طلب أردني بزيادة عدد حراس الأوقاف في الحرم القدسي.

حملة أمنية إسرائيلية واسعة

وبالتوازي مع المناورات والتهديدات الإسرائيلية، بدأت الشرطة الإسرائيلية بالتعاون مع قوات حرس الحدود حملة أمنية واسعة داخل إسرائيل لملاحقة الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية الذين يعملون داخل إسرائيل من دون تصاريح.

وأصدر المفوض العام للشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي تعليماته بمباشرة حملات دهم وتفتيش للسيارات والمحال التجارية والمطاعم وكافة الأماكن التي يعمل بها سكان الضفة الغربية داخل إسرائيل.

وحسب بيان للشرطة الإسرائيلية، فقد تم فحص أكثر من 9009 فلسطينيين من سكان الضفة الغربية، وألقي القبض على 314 من سكان الضفة الغربية بذريعة وجودهم داخل إسرائيل من دون الحصول على تصريح بذلك.

وأشار بيان الشرطة الإسرائيلية إلى أن هذه الحملة الأمنية ستستمر الأيام المقبلة.

رفع حالة التأهب

في المقابل، أعلنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة رفع حالة التأهب لكافة الأجنحة والتشكيلات العسكرية، وذلك بالتزامن مع إعلان إسرائيل مناوراتها العسكرية.

وأكدت الغرفة المشتركة -في بيان صحفي- أنها في حالة انعقاد دائم لرصد ومتابعة سلوك الاحتلال، تحسبا لقيامه بارتكاب أي حماقة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، حسب البيان.

وفي السياق نفسه، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن جرائم الاحتلال والمستوطنين محاولات استعمارية لطمس الطابع السياسي للصراع.

وأضافت -في بيان- أن الاحتلال يتعمد رفع منسوب الهاجس الأمني، لإعطاء المجتمع الدولي الانطباع بأن المشكلة أمنية، في حين أنه يتعمد تأجيج الأوضاع، من خلال تصعيد القمع والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين.

وحمّلت الخارجية الحكومة الإسرائيلية برئاسة المتطرف بينيت، على حد تعبيرها، المسؤولية عن جرائم قواتها ومستوطنيها، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني ضحية ازدواجية المعايير الدولية، وتخاذل مجلس الأمن الدولي عن تحمل مسؤولياته، على حد تعبير البيان.

وفي السياق ذاته، منعت قوات من الأمن الفلسطيني دوريات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي من التوغل في قلب مدينة الخليل ظهر اليوم الاثنين، حيث أغلقت الشارع أمام آليات عسكرية إسرائيلية، ومنعتها من مواصلة طريقها في عمق المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية الموصوفة بـ"إتش وَن" (H1)، حسب ملاحق اتفاقية أوسلو.

وقد طالب وزير العدل الفلسطيني، محمد الشلالدة، الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، مؤكدا حقه المشروع في مقاومة الاحتلال وتقرير مصيره، حسب القرارات الشرعية الدولية.

وقال الشلالدة، في مؤتمر صحفي، إن الشعب الفلسطيني يتعرض يوميا لانتهاكات، وصفها بالجسيمة، من قبل الاحتلال، إضافة إلى خرق فاضح للقواعد الدولية والقوانين الإنسانية وحقوق الإنسان.

كما دان وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية فادي الهدمي تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن المسجد الأقصى، وعدها تصعيدا خطيرا، وإعلانا أحاديا بإنهاء الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى.

وأكد الهدمي أن هذه التصريحات بمنزلة إعلان صريح ضد الرعاية والوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

وأضاف أن تصريحات بينيت تدحض جميع المزاعم التي أطلقتها حكومته عن عدم نيتها تغيير الوضع القائم في الأقصى.

من جهة أخرى، نعت حركة الجهاد الإسلامي الشهيدين محمود سامي عرام ومعتصم محمد عطا الله، وطالبت -في بيان- بالتحرك بشكل جدي وحقيقي لمواجهة التحديات والمؤامرات، والاشتباك مع قوات الاحتلال والمستوطنين على نقاط التماس.

ونظمت "لجنة الأسرى" للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة وقفة تضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ورفع المشاركون في الوقفة، أمام مقر الصليب الأحمر غربي غزة، صورا للأسرى المضربين، مطالبين المؤسسات الدولية والحقوقية بسرعة التحرك لإنقاذ حياتهم قبل فوات الأوان. كما ندد المشاركون بسياسة الاعتقال الإداري، والانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال في حق الأسرى الفلسطينيين.

كما شارك طلاب فلسطينيون في قطاع غزة، اليوم الاثنين، في مسيرة، رفضا لدعوات أطلقها إعلاميون وسياسيون إسرائيليون، لاغتيال زعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس بغزة، يحيى السنوار.

وعلّق المشاركون في المسيرة، التي نظّمتها الكتلة الإسلامية (الذراع الطلابي لحركة حماس)، لافتة كبيرة أمام مكتب السنوار بغزة كُتب عليها عبارات، منها مقدّساتنا خط أحمر، واغتيال القادة خط أحمر.

من ناحية أخرى، أصيب عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي عند مدخل بلدة عزون (شرق قلقيلية).

وأوضحت مصادر محلية -للجزيرة- أن المواجهات بدأت حين أغلقت قوات الاحتلال البوابة الحديدية المقامة على مدخل البلدة الرئيسي، في حين تجمع عدد من المستوطنين في المكان، مما أدى إلى اندلاع مواجهات أسفرت عن إصابة عدد من الشبان الفلسطينيين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال صوبهم.

إحصاءات فلسطينية

وبالتوازي مع هذه التطورات، قالت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الاثنين، إن الجيش الإسرائيلي قتل 50 مواطنا في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ بدء العام الجاري، حسب ما جاء في تقرير صادر عن الإدارة العامة للطوارئ في الوزارة.

وحسب التقرير، فقد تصدرت محافظة جنين (شمالي الضفة) المحافظات الفلسطينية باستشهاد 17 من أبنائها، تليها محافظة نابلس التي فقدت 7 من أبنائها، والبقية موزعون على باقي المحافظات.

ولم تُصدر السلطات الإسرائيلية تعقيبا على ما أوردته وزارة الصحة الفلسطينية.

وبمقارنة بيانات وزارة الصحة مع حصيلة سابقة لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني (حكومي) للفترة نفسها من العام الماضي 2021، يتضح الارتفاع الملحوظ في عدد القتلى الفلسطينيين.

ووفق معطيات المركز، المنشورة على الموقع الإلكتروني، قتل الجيش الإسرائيلي 14 فلسطينيا منذ بداية 2021 حتى التاسع من مايو/أيار من العام نفسه.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) إن الجيش أتاح لجنوده إطلاق النار على الفلسطينيين، الذين يلقون الحجارة والزجاجات الحارقة حتى بعد الانتهاء من إلقائها، وفي أثناء انسحاب الشبان من المكان، أي من دون أن يشكلوا خطرا على الجنود.

وفي حينه، قالت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية إن إطلاق النيران الفتاكة يُستخدَم (من القوات الإسرائيلية) كإجراء شبه روتيني، لا في ظروف خاصة فقط، مثل وجود خطر محقق وداهم على الحياة ولا سبيل لتفاديه بوسائل أخرى.

المصدر : الجزيرة + وكالات