صبحي صبيحات وحيد والديه وصديقه أسعد الرفاعي.. تعرف على منفذيْ "عملية إلعاد"

نابلس – رغم الألم والمرارة تبدو حالة من الارتياح على عائلتي أسعد الرفاعي (19 عاما) وصبحي صبيحات (20 عاما) اللذين اعتقلتهما قوات الاحتلال اليوم الأحد بعد أن اتهمتهما بتنفيذ عملية إلعاد الخميس الماضي والتي قتل فيها 3 إسرائيليين وأصيب 3 آخرون بجراح بليغة.
وبعد نحو 4 أيام من المطاردة من خلال أعداد كبيرة من القوات أعلن جيش الاحتلال صباح اليوم الأحد اعتقال الشابين في منطقة قريبة لا تبعد سوى 500 متر عن منطقة إلعاد كما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، وأظهرت صور ومقاطع فيديو بثها الإعلام الإسرائيلي استدراج المعتقليْن بمناداتهما والطلب إليهما الخروج من أسفل شجرة حرجية كثيفة كانا يختبآن أسفلها.
والد صبحي صبيحات أحد المتهمين بتنفيذ عملية إلعاد للجزيرة: تصرفات الاحتلال تدفع الشباب لتغيير تفكيرهم والسير في طريق مختلف #الأخبار pic.twitter.com/9o4BbF03cr
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 8, 2022
وما إن خرج المنفذان الرفاعي وصبيحات حتى قام جيش الاحتلال باعتقالهما وتكبيلهما وإجراء تحقيق ميداني معهما، وظهر أسعد الرفاعي وهو يقر بأنه وصديقه صبحي هما من نفذا "عملية إلعاد".
وتناقلت وسائل الإعلام أيضا صورا للشابين ومقاطع فيديو، وبدا أسعد في مقطع مصور وهو مكبل اليدين للخلف ويدخن سيجارته، وهو ما أثار حفيظة الشارع الإسرائيلي، ولا سيما المستوطنين الذين كتب بعضهم على منصات التواصل "يدخن بدلا من أن يكون داخل كيس أسود"، في إشارة إلى التحريض عليهما وقتلهما، فيما ظهر صبحي وهو ملقى على الأرض ومجرد من ملابسه السفلية وعليه كدمات ودماء بالمنطقة الخلفية من رأسه ووجهه، وهو ما رجح تعرضه للضرب.

وحيد أهله
وبينما كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنشغل بنقل الأسيرين إلى سجونها لاستكمال التحقيق معهما كانت قرية رمانة قرب مدينة جنين التي ينحدر منها الشابان تعيش حالة من الهدوء المصحوب بالاستقرار بعد أن تم "الاعتقال دون تصفية"، خاصة أن التحريض من المستوطنين المتطرفين لم يتوقف ضدهما.
وفي القرية (يقطنها نحو 4 آلاف نسمة) الحدودية مع الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 ولد أسعد يوسف الرفاعي وصديقه صبحي عماد صبيحات وعاشا معا، والتحقا بالعمل باكرا، ولم يعرف عنهما سوى "الصداقة الحميمة والألفة في الحياة والعمل والتشابه بالعمل في مهنة تمديد الكهرباء للبيوت"، بحسب طارق صبيحات قريب صبحي.
وصبحي هو الوحيد لأمه وأبيه، ولم يحالفه الحظ في الثانوية العامة قبل عامين، فالتحق بأحد مراكز التعليم المهني في مدينته جنين وأنهى بتفوق تعلم مهنة "تمديد كهرباء البيوت"، وهو التخصص ذاته (كهرباء المنازل) الذي تعلمه صديقه أسعد، وهو واحد من بين 4 أشقاء بعد أن أنهى الثانوية العامة.
الهادئان والمنفردان
يقول طارق صبيحات للجزيرة نت إنه لم يكن تظهر بأي حال على الشابين سوى العلاقة الجيدة مع بعضهما ومع أهالي القرية عموما، ولم يبد على تصرفاتهما ما يثير الريبة والقلق وحتى "الإعداد والتخطيط لأي عمل مقاوم، وهما هادئان بطبعهما ولا تظهر عليها أي من علامات العنف".
وقدَّر صبيحات أن ما جرى لم يكن سوى "رد فعل طبيعي على ما تعيشه الأراضي الفلسطينية عامة ومدينة جنين خاصة بفعل مضايقات واعتداءات الاحتلال"، وأنه "تصرف فردي ودون دعم من فصيل أو تنظيم أو ترتيب مسبق".
وأظهرت مقاطع فيديو بثت في اللحظات الأولى لعائلتي الأسيرين عقب تنفيذ العملية نفي العائلتين أي معرفة مسبقة بنية ابنيهما لتنفيذ هذا العمل أو غيره ونفيهما انتماء الأسيرين لأي فصيل "ولهذا تشاورا ذاتيا ونفذا العمل منفردين" يقول طارق صبيحات.
ويرجح أن أسعد وصبحي يعملان داخل إسرائيل منذ أكثر من عام، وأنهما منذ 8 أشهر يعملان بمستوطنة إلعاد، حيث تعهدا تمديد الكهرباء لبناية هناك، وأنهما منذ أن غادرا منزليهما بقرية رمانة يوم الأربعاء الماضي -قبل تنفيذ العملية بيوم- أخبرا عائلتيهما أنهما ذاهبان للعمل في رام الله.
ويقدّر صبيحات أنه في ظل إغلاق الاحتلال الإسرائيلي الفتحات (ثقوب بجدار الفصل بين الضفة الغربية وداخل إسرائيل يتنقل عبرها العمال الفلسطينيون) في منطقة جنين بشكل كامل انتقل الشابان إلى رام الله للدخول من إحدى الفتحات هناك، وهذا ما حصل فعلا.
توافد المؤازرين
وما إن أشيع خبر الاعتقال حتى عمت حالة من السرور والاطمئنان في قرية رمانة وبين ذوي الشابين، حيث تقاطر عشرات المواطنين من القرية والمناطق المجاورة إلى ديوان الصبيحات بالقرية لمؤازرة عائلتي الأسيرين والتخفيف عنهما، حيث ظهر والداهما بصورة جماعية وهما يجلسان قرب بعضهما ويستقبلان المواطنين.
ورغم حالة الترقب والخوف التي سبقت اقتحام قوات الاحتلال قرية رمانة واعتقال عدد من أقارب الشابين فإن عائلتيهما استقبلت المتضامنين والمؤازرين وتزينت منازلهما بالأعلام الفلسطينية.
وتعد "عملية إلعاد" الثالثة منذ مارس/آذار الماضي التي ينفذها مقاومون بشكل مزدوج بعد عملية "الخضيرة" وعملية "مستوطنة أرئيل" قبل نحو 10 أيام، والتي قتل فيها الشابان الصديقان محمد مرعي وسميح عاصي حارسا إسرائيليا.

مقاصد الاحتلال من الاعتقال
بدوره، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد إن الاعتقال للمنفذيْن يراد منه إسرائيليا تحويل الهجوم والانتقادات التي تواجه أجهزة أمن الاحتلال إلى "انتصار وإنجاز للأجهزة الأمنية ووحدات الجيش الخاصة من الشاباك واليمام" وغيرها، خاصة بعد الفشل الأمني والاستخباراتي، سواء بنية هؤلاء الشبان تنفيذ عملية فدائية أو حتى بتأخر وصولها إلى مكان العملية بعد 15 دقيقة من تنفيذها.
اعتقال أبطال #عملية_إلعاد جاء بعد النجاح والانتصار الذي حققته هذه العملية نصرةً للمسجد الأقصى ورداً على جرائم الاحتلال بحق شعبنا،إن عجز الاحتلال في اعتقالهم إلا بعد أربعة أيام هو انتصار وإنجاز نوعي برهن على هشاشة وتخبط الاحتلال،وأن المساس بمقدساتنا لن يقابل إلا برد شعبنا ومقاومته
— taha jihad (@tahajihad5) May 8, 2022
كما يريد الاحتلال -وفق شديد- من نشره صور وفيديوهات الأسيرين التغطية على فشله الأمني وتحويل تفكير الإسرائيليين من التحريض على المنظومة الأمنية إلى نسيان القتلى والمصابين والتمجيد بالجنود ووحدات الجيش الخاصة بربطها الليل بالنهار للوصول إلى المنفذيْن.
وقال شديد للجزيرة نت "يريد الاحتلال كذلك بما نشره من فيديوهات تبين الأسيرين وكأنهما في حالة ارتياح -في إشارة إلى صورة أحدهما وهو يدخن- تجميل صورة إسرائيل باعتقال المنفذيْن، وبالمقابل تشويه صورة النضال الفلسطيني".
وختم بالقول "يعتقد الاحتلال واهما أن نشره الفيديوهات وصور الأسرى سينهي أو يحل أزمة إسرائيل الأمنية والسياسية، وبالتالي لن تكون عملية إلعاد هي الأخيرة".