من غزة إلى أوكرانيا: 3 مبادئ أساسية لحرب الأنفاق

عناصر من المقاومة الفلسطينية داخل أحد الأنفاق في غزة (مواقع التواصل)

الحرب الروسية المتواصلة منذ شهور على أوكرانيا تسلط الضوء على الاستخدام المتنوع للأنفاق والمرافق المبنية تحت الأرض من الجهات الحكومية وغير الحكومية، كما تؤكد أن هذا النوع من تكتيكات الحرب باق رغم تطور تقنيات اكتشاف الأنفاق على نحو مطرد.

هذا ما تراه الكاتبة الصحفية الإسرائيلية دافني ريتشموند باراك -في مقال لها بصحيفة "جيروزاليم بوست" (The Jerusalem Post)- إذ حاولت خلاله إبراز أوجه الشبه والاختلاف في استخدام كل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمقاتلين الأوكرانيين للأنفاق في صراعهما مع عدويهما إسرائيل وروسيا.

وأشارت الكاتبة إلى أن استخدام دولة مثل أوكرانيا لشبكات الأنفاق لأغراض عسكرية يعد أمرا غير معتاد عند النظر إليه من منظور معاصر لهذا التكتيك العسكري القديم.

من أوكرانيا وروسيا إلى فلسطين

وقالت إن الجيش الأوكراني يستخدم الأنفاق والمنشآت المبنية تحت الأرض، التي هي في الأصل جزء من البنية التحتية للمدن، ولم يحفرها للاستخدام العسكري في معاركه ضد القوات الروسية، وهو ما يمكن الأوكرانيين من الاستفادة من مزايا استخدام الأنفاق في الحرب من دون الحاجة إلى حفرها. وقد استخدم المقاتلون الأوكرانيون تلك الأنفاق لعرقلة الهجوم الروسي على مدينة ماريوبول.

وقد تعايش المدنيون والمقاتلون الأوكرانيون في مصنع آزوفستال للصلب المبني تحت الأرض في ماريوبول خلال حصار الجيش الروسي للمدينة، في حادثة تذكر بأنفاق "فيتكونغ" (Viet Cong) سيئة السمعة والخطيرة التي كانت في فيتنام والتي استخدمها القرويون الفيتناميون خلال الحرب مع أميركا.

ومن ناحية أخرى -والكلام للكاتبة- يدير الرئيس فلاديمير بوتين شؤون الحكم والحرب من مقر قيادة رئيسي مبني تحت الأرض شبيه بالمنشآت الأميركية المبنية تحت الأرض. ولا تمتلك أوكرانيا القدرات لبناء هذا المستوى من المنشآت التابعة للدولة المبنية في جوف الأرض، لكن تستخدم الأنفاق والممرات الموجودة تحت الأرض لغرض شبيه، وهو ضمان استمرار القيادة والتحكم.

وقالت الكاتبة باراك إن من وصفتهم بأعداء إسرائيل -في إشارة إلى حركات المقاومة الفلسطينية- قد بنوا شبكات واسعة من الأنفاق للتمكن من التسلل إلى "الأراضي الإسرائيلية" وتنفيذ الهجمات ومواجهة القدرات الإسرائيلية عن طريق العمل تحت الأرض.

مبادئ أساسية

ورأت أن هناك 3 مبادئ أساسية لحرب الأنفاق، يمكن تلخيص أولها بأن النفق مجرد أداة، وبمجرد وجود النفق أو حفره يمكن استخدامه لأي غرض.

وضربت المثل على ذلك باستخدام حركة حماس في غزة نفق لتهريب البضائع لأسر -أو "اختطاف" على حد تعبيرها- الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

أما المبدأ الأساسي الثاني لحرب الأنفاق، فهو أن كل فاعل في هذا المجال سيستخدم التضاريس الأرضية بما يتماشى مع قدراته؛ فحركة حماس مثلا لا تستطيع بناء منشأة قيادة وسيطرة ضخمة على الطراز الروسي تحت الأرض. لذلك فإن استخدام الدول للأنفاق يختلف عن استخدام الجهات غير الحكومية لها.

وأشارت إلى حاجة أطراف الصراع الأضعف إلى استخدام الأنفاق في الحروب غير المتكافئة، وذلك للتمكن من العمل في الخفاء، بعيدا عن أعين الاستخبارات وأجهزة المراقبة والاستطلاع.

وقالت إنه بالنسبة لبعض الجهات، بما في ذلك حركة حماس وحزب الله في لبنان، فإن استخدام الأنفاق يوازن القوى، وهذا هو سبب استمرار شعبية حرب الأنفاق، فهي عامل يحقق تعادلا كبيرا في القوى في الحروب المعاصرة.

ولا يقتصر هذا المبدأ على الحركات والمنظمات، بل يتعداها إلى الحروب التي تنشب بين الدول كما هي الحال في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إذ يعمد الطرف الذي يشعر أنه في وضع عسكري غير موات لاستخدام الأنفاق كما فعلت أوكرانيا في حربها الحالية.

والمبدأ الثالث والأخير من المبادئ الأساسية لحرب الأنفاق هو أن التهديدات التي تشكلها الممرات والأنفاق تحت سطح الأرض لن تتوقف، ولن يكون بمقدور التكنولوجيا تغيير تأثيرها كثيرا في المستقبل القريب.

وزعمت الكاتبة أن وسائل إعلامية تشير إلى أن باكستان تحفر أنفاقًا -عبر حدودها مع الهند- توصل للأراضي الهندية، وذلك بالرغم من التكنولوجيا الحديثة القوية الموجودة بحوزة الهند في مجال الكشف عن الأنفاق.

كما بنى حزب الله شبكة معقدة من الأنفاق والمخابئ في لبنان، رغم أن حفر الصخور الصلبة لبناء تلك الأنفاق يستغرق وقتًا طويلاً، كما أن احتمال اكتشاف عمليات الحفر كبير. ومع ذلك، فإن حزب الله يعد الأنفاق جزءا أساسيا من إستراتيجيته.

وختمت باراك مقالها بأن التكنولوجيا المضادة للأنفاق قد شهدت تحسنا معتبرا، ولكن من غير المرجح أن تقدم حلاً واحدًا يناسب الجميع. وتوقعت أن تحافظ التكتيكات العسكرية التي تعتمد على الأنفاق على جاذبيتها لأطراف الصراع سواء أكانت دولا أو جهات غير حكومية.

المصدر : الصحافة الإسرائيلية

إعلان