توماس فريدمان: تناولت الغداء مع الرئيس بايدن لكن بقيت في القلب غصة
قال الكاتب الأميركي توماس فريدمان إن الرئيس جو بايدن دعاه يوم الاثنين الماضي لتناول الغداء معه في البيت الأبيض، حيث دار بينهما حديث طويل حول عدد من الموضوعات.
وأوضح في مقال بصحيفة نيويورك تايمز (The new York Times) أن كل المواضيع التي تطرق إليها مع الرئيس تبقى في إطار من السرية وليست قابلة للنشر، ولذا فإنه لا يستطيع البوح بكل شيء، فيما عدا ما تناوله من طعام وما شعر به بعد ذلك.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتوماس فريدمان: الحرب بأوكرانيا تزداد خطورة على أميركا وبايدن يعرف ذلك
هل يستطيع بايدن وقف انهيار الشراكة مع السعودية؟
كيف عكس تعامل بايدن مع مقتل شيرين أبو عاقلة موقفه من حقوق الفلسطينيين؟
وتابع بأن الطعام الذي تناوله اشتمل على شطيرة من سلطة التونة مع طماطم محشوة في قطعة كاملة من خبز القمح، إلى جانب سلطة الفواكه وميلك شيك الشوكولاتة كتحلية.
بايدن جمع شتات الناتو
ووجه الكاتب حديثه إلى من سماهم "حمقى" شبكة فوكس نيوز الإخبارية ممن يقولون إن بايدن لا يستطيع ربط جملتين مع بعضهما. وأضاف بنبرة لا تخلو من تهكم أن الخبر العاجل -الذي يخص به هؤلاء- أن الرئيس استطاع للتو لمّ شتات حلف الناتو والتحالف الغربي الممتد من كندا إلى فنلندا وحتى اليابان، بغية مساعدة أوكرانيا على حماية ديمقراطيتها الوليدة من هجوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يصفه بالفاشي.
فكان أن تمكنت أوكرانيا -حسب زعمه- من إلحاق خسائر فادحة بجيش روسيا الغازي، عازيا ذلك إلى الانتشار السريع لمدربي الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وعمليات النقل المكثفة للأسلحة الدقيقة، دون فقدان جندي أميركي واحد.
واعتبر فريدمان ذلك أفضل إدارة وتعزيز للتحالف منذ الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، الذي قيل عنه كذلك أنه غير قادر على صياغة جملتين معا رغم أنه ساعد على انهيار الاتحاد السوفياتي وإعادة توحيد ألمانيا، دون إطلاق رصاصة واحدة أو خسارة حياة أميركي واحد.
خشية من عدم لمّ شتات الأميركيين
ولم يشأ الكاتب إماطة اللثام بشكل سافر بشأن ما تناوله من حديث مع جو بايدن، مشيرا إلى أن ما يستطيع قراءته ما بين سطور كلام الرئيس هو أنه قلق من احتمال عدم قدرته على لم شمل الأميركيين رغم أنه استطاع إعادة توحيد الغرب.
وأشار فريدمان إلى أن من الواضح أن الرئيس يعطي الأولوية للم الشمل الأميركي قبل خطة "إعادة البناء بشكل أفضل" التي اقترحها في السابق، إذ يعلم أن ذلك ما حدا بالأميركيين لانتخابه.
وترمي الخطة إلى استثمار 3500 مليار دولار على مدى 10 سنوات بهدف إحداث "تحوّل" في المجتمع الأميركي عبر مجانية دور الحضانة وتحسين الرعاية الصحية والاستثمار في قطاع الإسكان وتنظيم شؤون المهاجرين ومكافحة التغيّر المناخي.
هل فات الأوان على إعادة لُحمة الأميركيين؟
غير أن فريدمان يتساءل في مقاله ما إذا كان بايدن يستطيع إعادة اللُّحمة بين الأميركيين، وعما إذا كان قد فات الأوان على ذلك؟
وأعرب عن خشيته من أن يكسر الأميركيون شيئا عزيزا لديهم في وقت قريب جدا، "وما إن نكسره فسيتبدد ذلك الشيء وربما لا نتمكن أبدا من استعادته".
وقال إنه يعني بذلك "قدرتنا على نقل السلطة بشكل سلمي ومشروع، والتي أظهرناها منذ تأسيس الدولة الأميركية".
ويرى أن الانتقال السلمي والشرعي للسلطة هو حجر الزاوية في الديمقراطية الأميركية، وأن تحطيمها يعني أنه لن يتسنى لأي من مؤسسات الدولة أن تعمل لفترة طويلة "وسنسقط في أتون فوضى سياسية ومالية".
ترامب ومستنقع الفوضى
وأضاف أن إمعان النظر فيما قد تؤول إليه أميركا من انزلاق في مستنقع الفوضى يعيد الناس إلى انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب ومؤيديه من المرشحين في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية للكونغرس "الذين يريدون تقييد الهجرة وحظر عمليات الإجهاض وخفض ضرائب الشركات وضخ المزيد من النفط والحد من التثقيف الجنسي في المدارس وتحرير المواطنين من فرض شرط ارتداء الأقنعة إبان الوباء".
ووفق مقال فريدمان، فقد كشفت الانتخابات التمهيدية الأخيرة والتحقيقات حول تمرد 6 يناير/كانون الثاني في مبنى الكابيتول (مقر الكونغرس) عن حركة قام بها ترامب وأنصاره ليست بدافع من مجموعة متناسقة من السياسات، بل بالأحرى بفرية كبيرة مفادها أن بايدن لم يفز بأغلبية الهيئة الانتخابية على نحو عادل ونزيه.
وعقد الكاتب الأميركي مقارنة بين ما تعيشه الولايات المتحدة حاليا والأوضاع التي سادت في لبنان في سبعينيات القرن الماضي. وقال في هذا الصدد إنه من واقع تجربته الصحفية، يرى أن السياسيين اللبنانيين هم من تسببوا في إغراق ديمقراطيتهم "الهشة" في حرب أهلية طويلة الأمد، معربا عن خشيته من أن يحدث ذلك في أميركا.
وختم بالقول إنه غادر البيت الأبيض بعد غدائه مع الرئيس بمعدة ممتلئة وفي قلبه غصة.