الأزمة السياسية في باكستان.. ما حدود العلاقة بين واشنطن وإسلام آباد وعمران خان؟

Supporters of the Pakistan Tehreek-e-Insaf (PTI) political party, chant slogans in support of Pakistani Prime Minister Imran Khan, outside parliament building Islamabad,
مؤيدون لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في مظاهرة خارج مقر البرلمان بالعاصمة إسلام آباد (رويترز)

واشنطن- تواجه باكستان أزمة سياسية كبيرة تلعب فيها واشنطن دورا بارزا، حيث حل الرئيس عارف علوي البرلمان ودعا لانتخابات جديدة بعدما عرقل نائب رئيس البرلمان تصويتا بحجب الثقة عن رئيس الوزراء عمران خان.

وينص الدستور الباكستاني على أنه "لا يجوز السماح لأي قوة أجنبية بالإطاحة بحكومة منتخبة من خلال مؤامرة"، ووافقت المحكمة العليا الباكستانية على الاستماع إلى الالتماسات المعارضة لحل البرلمان.

وتخشى واشنطن أن تعيد نتائج الانتخابات القادمة عمران خان إلى سدة رئاسة الوزراء بعدما اتهم الولايات المتحدة بالتواطؤ مع معارضيه من أجل الإطاحة به.

وتنفي واشنطن أي دور لها في الأزمة السياسية بباكستان، وجددت تأكيدها على لسان نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ألا صلة لها بما يجري هناك، وقال برايس "لا صحة على الإطلاق لهذه المزاعم، والولايات المتحدة تدعم سيادة الدستور والمبادئ الديمقراطية وليس حزبا سياسيا معينا في إسلام آباد".

خلافات متجددة

وخلال الأسابيع الأخيرة، كرر رئيس الوزراء الباكستاني وجود مؤامرة موجهة من الخارج للإطاحة به مدعومة من الولايات المتحدة، مستندا على اعتراض الأخيرة على سياسته الخارجية المستقلة، بالتواطؤ مع خصومه السياسيين "للتفريط في سيادة البلاد".

إعلان

ولدعم اتهاماته، تحدث خان عن "برقية دبلوماسية" قال إنها تقدم دليلا على وجود مؤامرة أميركية. ويقول خان إن هناك برقية للسفير الباكستاني في واشنطن، أسعد مجيد خان، تفيد باجتماعه مع مسؤول رفيع المستوى في الخارجية الأميركية أعرب خلالها المسؤول عن استياء إدارة الرئيس جو بايدن من الاتجاه المعادي للولايات المتحدة في سياسات حكومة عمران خان.

ابحث عن الصين

ووفق خان، فقد أشار المسؤول الأميركي بشكل خاص إلى قرار رئيس الوزراء بزيارة موسكو عشية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتطور العلاقات بين بكين وإسلام آباد. وذكر خان أن المسؤول الأميركي تحدث عن وجود "عواقب" حال استمرار خان في الحكم.

ومنذ نهاية الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان الذي دام 20 عاما، عرفت علاقات الدولتين توترا جديدا، اعتبره بعض الخبراء في واشنطن عاملا إضافيا ساهم في تحول باكستان إستراتيجيا تجاه الصين وروسيا.

وضاعفت الصين من استثماراتها في باكستان، وأصبحت إسلام آباد جزءا رئيسيا من مبادرة الحزام والطريق الصينية، وأنشئ الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي يشمل استثمارات صينية في باكستان بقيمة تزيد على 30 مليار دولار حتى الآن.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار مارفن وينباوم، مدير برنامج باكستان وأفغانستان بمعهد الشرق الأوسط إلى أنه "ليس سرا أن المسؤولين الأميركيين والمراقبين المطلعين قد أزعجهم خطاب عمران خان المتكرر غير الدبلوماسي والمعادي بشدة للولايات المتحدة. كما غضبت واشنطن من رحلته الأخيرة إلى موسكو عشية الصراع الأوكراني".

وأضاف "بطبيعة الحال، يتم نقل مشاعر واشنطن إلى حكومة إسلام آباد من خلال القنوات الدبلوماسية الرسمية، ويمكن توقع أن تؤدي سياسات باكستان هذه إلى عواقب كبيرة على العلاقات الأميركية الباكستانية. ولم يكن من المقبول أن يستخدم رئيس وزراء باكستاني برقية صادرة عن سفير في واشنطن يبلغ عن محادثة مع دبلوماسي رفيع المستوى لاتهام الحكومة الأميركية بالتآمر مع خصومه السياسيين، فأنت بحاجة إلى أدلة دامغة، ولا يكفي أن تفسر كلمات المسؤول الأميركي على أنها تحتوي على تهديد مبطن".

إعلان

ترقب وانتظار

وفي الوقت الذي تبدو فيه الانتخابات المبكرة أمرا لا مفر منه تقريبا، يعتقد بعض المراقبين الأميركيين أن فرص خان في الاستمرار في الحكم كبيرة للغاية، بسبب ضعف وتشتت الأحزاب السياسية المعارضة، حيث لا تمتلك أي زعيم لديه مهارات خطابية وحنكة سياسية كالتي يتمتع بها خان.

وإذا تسلم عمران خان مقاليد السلطة مرة أخرى فمن المتوقع أن يدفع بقوة لأجندته السياسية ويعاقب منتقديه، مع مواصلة توجيه سياسته الخارجية نحو موسكو وبكين.

وفي حديث للجزيرة نت، أشار حسين حقاني، السفير السابق لباكستان بواشنطن والخبير بمعهد هودسون بالعاصمة الأميركية، إلى أن "الولايات المتحدة ببساطة تراقب الوضع في باكستان، ويبدو أنها قررت أنه إذا كان رئيس وزراء بلد ما يوجه اتهامات كاذبة ضد الولايات المتحدة دون تقديم أي دليل فإن الأمر لا يستحق تضييع الوقت والطاقة للتعامل معه إلى أن تستقر الأمور داخل باكستان".

وأضاف أن "البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية يرغبان في الحفاظ على العلاقات مع نظرائهما الباكستانيين، لكن هذه العلاقة لا يمكن أن تتقدم دون وجود علاقة سياسية إيجابية بين الإدارة الأميركية والحكومة الباكستانية".

وفي السياق نفسه، وعن علاقات الجيش الباكستاني بواشنطن، ذكر وينباوم أن "العلاقات الأميركية مع الجيش الباكستاني ليست موضع خلاف، حيث أعلنت القيادة العليا للجيش الباكستاني علنا قبل أيام فقط أنها تقدر بشدة علاقتها مع الولايات المتحدة ونأت بنفسها فعليا عن اتهامات رئيس الوزراء. حتى مع وجود استياء ضد الولايات المتحدة داخل صفوف الجيش، إن لم يكن لأي سبب آخر، فإن الجيش مرتبط بالولايات المتحدة من خلال حقيقة أنه يعمل بشكل رئيسي باستخدام المعدات العسكرية الأميركية التي قدمتها واشنطن لإسلام آباد على مدار العقود الأخيرة".

إعلان

ولا يتردد عدد من خبراء الشأن الباكستاني بواشنطن في الإشارة إلى أنه في حال خسر خان الانتخابات فقد لا يقبل نتائجها، وفي هذه الحالة قد تواجه باكستان فترة من الاضطرابات السياسية التي تشجع تقليديا الجيش على التدخل لوقف ما يراه "فوضى سياسية".

المصدر : الجزيرة

إعلان