في زيارة غير مسبوقة منذ بدء الحرب.. وفد أميركي يعلن من كييف إستراتيجية لدعم أوكرانيا وموسكو تحتج وتحذر من التداعيات

تعهّد وفد أميركي يرأسه وزيرا الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن بزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا، وذلك خلال زيارة لهما للعاصمة الأوكرانية (كييف) في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الأميركي إن بلاده وضعت إستراتيجية لدعم أوكرانيا، مشددا على أن روسيا فشلت في السيطرة على أوكرانيا، حسب قوله.
وأضاف بلينكن، في مؤتمر صحفي على الحدود الأوكرانية البولندية مع أوستن، أن واشنطن ستمضي في مساعدة الأوكرانيين وتعزيز قدراتهم في المعركة، كاشفا أن الدبلوماسيين الأميركيين سيعودون إلى كييف الأسبوع المقبل.
وبدوره، قال أوستن إن روسيا خسرت كثيرا من قدراتها العسكرية ومن قواتها في حربها على أوكرانيا. وأضاف أن واشنطن ستساعد أوكرانيا لتحقيق النصر في معركتها ضد روسيا مع التركيز على توفير كل ما يلزم.
ولفت أوستن إلى أن بلاده تقوم بكل ما في وسعها لإيصال الأسلحة المطلوبة وسائر أنواع الدعم العسكري إلى أوكرانيا.
وأوضح أنه ليست هناك قوات أميركية على الأرض، وذلك يجعل مهمة تعقب مسار الأسلحة وضمان عدم وقوعها في أيدي الخصوم أمرا غير ممكن.
من جانبه، شكر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الوزيرين الأميركيين على زيارة كييف، وأشار إلى أن ذلك يمثل نقطة محورية ومهمة في دعم الشعب الأوكراني.
وأوردت وسائل إعلام أميركية أن وزيري الخارجية والدفاع أبلغا الرئيس الأوكراني أن واشنطن ستقدم 322 مليون دولار لكييف في إطار مساعدات عسكرية خارجية جديدة، ليبلغ إجمالي المساعدات الأمنية لأوكرانيا منذ بدء الحرب نحو 3.7 مليارات دولار.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post) أنه خلال اللقاء -الذي عُقد أمس الأحد- أطلع وزير الدفاع الأميركي زيلينسكي على تفاصيل ما وعدت واشنطن بتقديمه للقوات الأوكرانية من مدافع هاوتزر والتدريب المستمر على أنظمة المدفعية الأميركية.
وقال مسؤول بالخارجية الأميركية إن المساعدات التي تقدمها بلاده ستوفر الدعم للقدرات التي تحتاج إليها أوكرانيا، وستساعدها على الانتقال إلى أسلحة وأنظمة دفاع جوي أكثر تقدمًا.
ونقلت قناة "سي إن إن" (CNN) عن مسؤول رفيع بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قوله إن الرئيس جو بايدن كان واضحا جدا في أنه لن تكون هناك قوات أميركية تقاتل في أوكرانيا، وهذا يشمل المجال الجوي الأوكراني.
وأضاف المسؤول الأميركي أن زيارة وزيري الخارجية والدفاع لكييف لا تنذر بمشاركة فعلية من طرف واشنطن في الحرب.
ونقلت "سي إن إن" عن المسؤول الأميركي قوله إن الوزير بلينكن نقل للمسؤولين الأوكرانيين أن الرئيس بايدن سيرشح سفيرة واشنطن الحالية في سلوفاكيا لتكون سفيرة لدى كييف.
احتجاج روسي
وقد أرسلت روسيا مذكرة إلى الولايات المتحدة تحثها فيها على وقف توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، وذلك عقب إعلان واشنطن عزمها توريد أسلحة بقيمة 800 مليون دولار إلى أوكرانيا.
وقال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة الأميركية أناتولي أنتونوف إن إرسال أسلحة إلى كييف لا يسهم في إيجاد حل دبلوماسي وتسوية للأزمة.
وأضاف أنتونوف أن الرقم المعلن للمساعدات العسكرية لأوكرانيا ضخم، ويدفع نحو زيادة المخاطر وتفاقم الوضع على نحو أكبر.
ورأى الدبلوماسي الروسي أن الغرب يسعى إلى منع بلاده من الوقوف على قدميها، واحترام مصالحها وسماع صوتها في أنحاء العالم.
وفي السياق، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محاولات تفتيت بلاده لن تنجح على حد تعبيره، وأضاف في كلمة ألقاها خلال اجتماع للنيابة العامة بموسكو إن من وصفهم بالنازيين بدؤوا جرائمهم ضد سكان دونباس قبل 8 سنوات.
وشدد بوتين في كلمته على ضرورة مكافحة "التطرف" وقمع أي محاولات للتدخل في شؤون بلاده، متهما الغرب بالسعي إلى تقسيم المجتمع الروسي وتدمير البلاد من الداخل، وهو أمر لن ينجح وفق تعبيره.
حصيلة روسية
وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن سلاح الجو قصف 56 منشأة عسكرية أوكرانية الليلة الماضية، وأن قواتها الصاروخية نفذت 19 ضربة ودمرت 4 مراكز قيادة أوكرانية و3 مستودعات ذخيرة.
وفي وقت سابق، أعلنت الوزارة نفسها أن قواتها الصاروخية والمدفعية نفذت أكثر من 400 مهمة نارية، ودمّرت متاجر شركة لإنتاج المتفجرات في منطقة بافلوغراد بمقاطعة دينيبرو وسط أوكرانيا.
كما أعلنت القوات الروسية أن المرحلة الثانية من العملية العسكرية في أوكرانيا ستركز على إحكام السيطرة على دونباس وجنوب أوكرانيا بما يفتح الطريق أمام الجيش للوصول إلى قواته الموجودة في إقليم ترانسنيستريا الانفصالي.
وفي السياق ذاته أعلن رومان ستاروفويت الحاكم الإقليمي لمنطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، على حسابه على تليغرام، اليوم الاثنين، أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية أسقطت طائرتين مسيّرتين أوكرانيتين بالمنطقة، وأنه لم تقع إصابات جراء ذلك.
حديث بريطاني عن تقدم روسي طفيف
وأفادت وزارة الدفاع البريطانية، في نشرة دورية، اليوم، بأن روسيا أحرزت تقدما بسيطا في بعض المناطق منذ أن حوّلت تركيزها إلى احتلال منطقة دونباس بالكامل.
وأوضحت أنه من دون وجود عناصر دعم لوجستية ودعم قتالي فإن روسيا لم تكن لتحقق بعد اختراقا مهما.
وأضافت المخابرات العسكرية البريطانية أن دفاع أوكرانيا عن ماريوبول استنفد أيضا العديد من الوحدات الروسية وقلّل من فاعليتها القتالية.
حريق هائل في بريانسك الروسية
قالت وزارة خدمات الطوارئ الروسية إن حريقا هائلا اندلع بساعة مبكرة من صباح اليوم في منشأة لتخزين النفط بمدينة بريانسك.
ولم يكن هناك ما يشير حتى الآن إلى أن الحريق له علاقة بالحرب في أوكرانيا، على الرغم من أن مسؤولين روسيين قالوا الأسبوع الماضي إن مروحيات أوكرانية قصفت مباني سكنية وأصابت 7 أشخاص في المنطقة.
وقالت هذه الوزارة -في بيان- إن الحريق اندلع في منشأة مملوكة لشركة خطوط الأنابيب "ترانسفت" الساعة الثانية صباحا بتوقيت موسكو (23:00 بتوقيت غرينتش) ولم تكن هناك حاجة إلى إخلاء أي أجزاء من المدينة التي يقطنها 400 ألف نسمة.
وتعدّ بريانسك مركزا إداريا، وتقع على بعد 154 كيلومترا شمال شرقي الحدود الأوكرانية، بالقرب من منطقتي سومي وتشيرنيهيف، كما تبعد 380 كيلومترا عن العاصمة الروسية.
واتهمت روسيا مرارا القوات الأوكرانية بشن ضربات على أراضيها، ولا سيما على قرية في منطقة بريانسك.
ماريوبول ولوغانسك
وفي التطورات الميدانية، أعلن الجيش الروسي فتح ممر إنساني اليوم لتأمين مغادرة المدنيين الموجودين في مصنع "آزوفستال" بمدينة ماريوبول.
وقال رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع بالدفاع الروسية، الجنرال ميخائيل ميزينتسيف، إن الجيش سيوقف جميع الأعمال القتالية وسيتراجع إلى مسافة آمنة لتأمين إجلاء المدنيين الموجودين في المصنع إلى أية جهة يختارونها.
بيد أن وكالة رويترز نقلت عن نائب رئيس الوزراء الأوكراني قوله إنه لا اتفاق مع موسكو على فتح ممر إنساني من ماريوبول اليوم.
من جهة أخرى، قال عمدة مقاطعة ماريوبول إن أكثر من 20 ألفا من سكان المدينة لقوا حتفهم بسبب الهجوم الروسي.
وطالب سفياتوسلاف بالامار نائب قائد قوات "آزوف" التابعة للجيش الأوكراني بإخراج المحاصرين في ماريوبول، متهما القوات الروسية بمواصلة استهداف المحاصرين رغم حلول عيد الفصح، وفق تعبيره.
وبدوره، قال إيهور جوفكفا كبير مستشاري الرئيس الأوكراني إن القوات الروسية لا تسيطر على ماريوبول بالكامل، بل على أجزاء منها، وإن القوات الأوكرانية لا تزال متمركزة في المدينة.
وأضاف جوفكفا، في مقابلة تلفزيونية، أن الرئيس زيلينسكي دعا في مناسبات عديدة إلى فتح ممر إنساني يتيح خروج المدنيين من المدينة، ولكن روسيا لم تستجب لذلك، وفق قوله.
ومن جهتهم أعلن الانفصاليون في لوغانسك أن قواتهم سيطرت على بلدة نوفو-توشكوفسكويْ الإستراتيجية الواقعة غرب خط التماس مع الجيش الأوكراني.
وأظهرت صور نشرها الانفصاليون مواقع الجيش الأوكراني التي تمت السيطرة عليها في البلدة وحولها، مؤكدين أنهم تمكنوا من اختراق الدفاعات الأوكرانية في المحور الجنوبي الغربي من لوغانسك.
وتشهد جبهة لوغانسك الغربية معارك عنيفة خاصة على محاور سيفيرو-دونيتسك وليتشانسك وزولوتوي الحدودية مع مقاطعة دونيتسك.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن القوات الروسية شنت هجمات متواصلة للسيطرة على ولايتي دونيتسك ولوغانسك. وأفاد المتحدث باسم هيئة الأركان الأوكرانية أولكسندر شتابون أن الجيش الروسي يواصل قصف مدن خاركيف كاراسيفكا وبروديانكا وكوروربوتشكينو.
وأشار المتحدث العسكري الأوكراني إلى أن قواته أفشلت تقدم الجيش الروسي في اتجاهات إيزيوم-بارفينكوف وإيزيوم-وسلوفيانسك، كما أعلن عن صد 7 هجمات للجيش الروسي في الساعات الـ 24 الماضية.
المفاوضات وزيارة غوتيريش
وانتقد كبير مستشاري الرئيس الأوكراني الزيارة المرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى العاصمة الروسية، وشكك في أن تتمخض عن محادثات السلام التي يجريها أي نتائج.
ومن المنتظر أن يصل غوتيريش الاثنين إلى أنقرة قبل أن يتوجه إلى موسكو الثلاثاء، ثم إلى كييف في محاولة للتفاوض بشأن إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا.
وفي السياق، نفى عضو وفد التفاوض الأوكراني روستيم أوميروف أن تكون بلاده قد تراجعت عن التزاماتها التفاوضية، كما زعمت روسيا.
وأوضح -في مقابلة مع الجزيرة- أن روسيا إذا استمرت في ما سماها عمليات القتل فإن كييف ستغادر طاولة المفاوضات، مشددا على أن هناك شخصا واحدا فقط يقدر على وقف الحرب هو (الرئيس الروسي) بوتين، على حد تعبيره.
وأكد أن بلاده تركز في المرحلة الحالية على التزود بالأسلحة، خصوصا الدفاعية منها، موضحا أن أوكرانيا بحاجة إلى منصات لإطلاق الصواريخ ومنظومات دفاع جوي لحماية أجوائها.
وأضاف أن كييف أبلغت واشنطن بالأسلحة التي تحتاج إليها وحصلت على بعضها، وتنتظر بعضها الآخر.