زيارة بلينكن وأوستن لكييف.. بين تطلعات زيلينسكي وواقعية بايدن

استغرب المراقبون الأميركيون خروج خبر زيارة الوزيرين الأميركيين بلينكن وأوستن لكييف على لسان الرئيس زيلينسكي وليس من خلال بيانات رسمية أميركية، كما تجري العادة مع زيارة كبار المسؤولين. فما الهدف من الزيارة في هذا التوقيت؟

Ukraine's President Zelenskiy, U.S. Secretary of State Blinken and Defense Secretary Austin attend a meeting in Kyiv
أهمية زيارة بلينكن وأوستن لكييف ولقاء الرئيس زيلينسكي تكمن في أنها الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا (رويترز)

واشنطن – في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأوكراني يجتمع في العاصمة كييف بوزيري الخارجية والدفاع الأميركيين، غرد الرئيس جو بايدن يقول إنه "بعد شهرين من شن بوتين هجوما غير مبرر على أوكرانيا، لا تزال كييف صامدة، ولا يزال الرئيس زيلينسكي وحكومته المنتخبة ديمقراطيا في السلطة. سنواصل دعم الأوكرانيين في كفاحهم للدفاع عن وطنهم".

وهذه المرة الأولى التي يسافر فيها مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى إلى أوكرانيا، ويلتقون خلالها الرئيس الأوكراني منذ بدء الغزو الروسي قبل شهرين. وكان آخر اجتماع شخصي لزيلينسكي مع مسؤول أميركي كبير في 19 فبراير/شباط، قبل الغزو الروسي، مع نائبة الرئيس كامالا هاريس في منتدى ميونخ للأمن.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

وتلقت إدارة بايدن العديد من الانتقادات لتأخر زيارة مسؤولين أميركيين كبار لكييف على غرار ما قام به عدد من كبار المسؤولين في القارة الأوروبية مثل رئيس الوزراء البريطاني والرئيس البولندي وغيرهما، كما أكدت لندن بعد ذلك إعادة العمل من سفارتها بكييف.

في الوقت ذاته يضغط بعض الجمهوريين في الكونغرس على الرئيس بايدن لدفعه إلى القيام بزيارة لأوكرانيا لإظهار حجم الدعم الأميركي في حربها مع روسيا، وقال البيت الأبيض في وقت سابق إنه لا توجد خطط لزيارة بايدن.

وزار بايدن في شهر فبراير/شباط الماضي القوات الأميركية المتمركزة في بولندا على بعد نحو ساعة بالسيارة من الحدود الأوكرانية، في رحلة استغرقت 4 أيام إلى أوروبا لكنه لم يعبر الحدود إلى أوكرانيا. وكان الرئيس بايدن قد ألمح في وقت سابق إلى مخاوف حرسه الخاص بشأن سلامته الشخصية كمبرر لعدم دخوله أوكرانيا.

أهداف رمزية للزيارة

جاء اجتماع كييف بعد أيام فقط من تعهد بايدن بتقديم أسلحة إضافية ومساعدات اقتصادية بقيمة 1.3 مليار دولار، إضافة إلى حزمة بقيمة 800 مليون دولار شملت مدفعية ثقيلة للمرة الأولى، وكذلك طائرات هليكوبتر إضافية، وستشمل شحنات المساعدات الأخيرة عشرات مدافع الهاوتزر وطائرات مسيّرة هجومية من دون طيار. وبهذا تكون الولايات المتحدة قد قدمت إجمالي مساعدات عسكرية لأوكرانيا منذ الغزو الروسي مقداره 3.4 مليارات دولار.

إعلان

وغرد الجنرال بن هادجيس، القائد العام السابق للجيش الأميركي في أوروبا، والخبير العسكري بمركز تحليل السياسات الأوروبية، معلقا على اجتماع كييف بالقول "آمل أن يكون الوزيران أوستن وبلينكن قد أخبرا الرئيس زيلينسكي ما يلي: الولايات المتحدة ملتزمة بانتصار أوكرانيا، وسنعيد فتح السفارة في كييف على الفور، وسنقدم كل ما يلزم لضمان تحقيق أوكرانيا الانتصار، ونلتزم بالتعاون الأمني الطويل الأجل، كما نلتزم بقيادة خطة مارشال لإعادة بناء أوكرانيا".

في الوقت ذاته كرر كبار المسؤولين الأميركيين أن تقديم السلاح لأوكرانيا يُعدّ إشارة قوية لروسيا بأن واشنطن لن تترك أوكرانيا وحدها في هذه الحرب.

وجاءت الزيارة متزامنة مع دخول الحرب مرحلة جديدة مع نقل روسيا قواتها إلى الشرق والجنوب بعد فشلها في السيطرة على كييف أو الإطاحة بحكومة زيلينسكي في الأسابيع الأولى من الصراع.

وتضغط أوكرانيا على الولايات المتحدة وحلفائها لإرسال أسلحة أكثر تقدما لصدّ الهجوم الروسي على إقليم دونباس الشرقية، حيث تسعى القوات الروسية للسيطرة الكاملة على ميناء ماريوبول المحاصر.

وقبل الزيارة، أشاد زيلينسكي بشحنات الأسلحة المتسارعة التي تصل إلى بلاده من الولايات المتحدة، وقال إنها يمكن أن تساعد أوكرانيا على تصعيد هجومها المضاد، لكنه أضاف أن الزائرين الأميركيين "يجب ألا يأتوا إلى هنا بأيد فارغة".

وتضغط أوكرانيا على الغرب للحصول على أسلحة أكثر قوة لمحاربة حملة روسيا للاستيلاء على مساحات شاسعة من المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد.

آمال زيلينسكي وواقعية بايدن

استغرب المراقبون الأميركيون خروج خبر زيارة الوزيرين الأميركيين على لسان الرئيس زيلينسكي وليس من خلال بيانات رسمية أميركية، كما تجري العادة مع زيارة كبار المسؤولين. وفي مؤتمر صحفي أول أمس فاجأ زيلينسكي الجميع بقوله "لا أعتقد أن هذا سر كبير، مسؤولون من الولايات المتحدة سيأتون إلينا غدا. سوف نجتمع مع وزير الخارجية السيد بلينكن ووزير الدفاع أوستن".

ودفع موقف زيلينسكي بديفيد آرون ميلر، المسؤول السابق بوزارة الخارجية، إلى القول إن ما يقوم به زيلينسكي يعدّ خروجا على الاعتبارات الدبلوماسية. وغرد يقول "من الغريب أن يعلن زيلينسكي عن زيارة بلينكن وأوستن إلى كييف مع تفصيل لجدول أعمال المحادثات. لماذا كل هذه الضجيج والدراما؟ ولماذا تأخذ أوكرانيا زمام المبادرة خلال مؤتمر زيلينسكي الصحفي؟ لماذا السماح لأوكرانيا بأخذ زمام المبادرة؟ يبدو أن هناك شخصا ما متوترا ومرتبكا مما يحدث حوله".

ولم يتوقف زيلينسكي عن الضغط على واشنطن للقيام بدور أكبر في مساعدة بلاده على هزيمة الجانب الروسي، لكن فشلت جهود كييف لدفع واشنطن إلى فرض منطقة حظر جوي فوق أراضيها أو أن تمدّها بطائرات "الميج" المتقدمة التي تمتلكها بولندا وجمهورية التشيك، وهما من أعداء حلف الناتو، وطلب زيلينسكي أيضا أن توفر واشنطن له ضمانات أمنية.

من جانبه، يكرر بايدن تعهداته بعدم الدخول في صراع مباشر مع روسيا، لكنه وعد بأن الولايات المتحدة ستقدم ما تقدر عليه من الأسلحة للجانب الأوكراني، وستدافع عن جميع أراضي حلف شمال الأطلسي، كما أمر بإرسال مزيد من القوات الأميركية إلى الجهة الشرقية للحلف لتهدئة مخاوف الحلفاء وطمأنتهم في الوقت الذي تفرض فيه عقوبات غير مسبوقة على الجانب الروسي.

إعلان
المصدر: الجزيرة

إعلان