عدّه الأزهر تشويها للدين والعلماء.. جدل متواصل بسبب مسلسل رمضاني

القاهرة- تواصل الجدل في الشارع المصري بشأن مسلسل "فاتن أمل حربي"، لمؤلفه الإعلامي المثير للجدل إبراهيم عيسى، الذي يبث في شهر رمضان بعد انتقادات لافتة من الأزهر للعمل الدرامي بوصفه يناقش قضايا فقهية تتعلق بالمرأة، ويُظهر علماء الدين بصورة غير لائقة.
وأثار المسلسل منذ حلقاته الأولى جدلا كبيرا بسبب إبراز آراء مؤلفه المعروف بقربه من السلطة، إذ رأى البعض أنه يروّج لمعتقداته من خلال العمل الدرامي، مقدّما رسائل مباشرة على لسان بطلته فاتن، ومشككا في الفقه وآراء الفقهاء، ومناديا بأن الأحاديث النبوية غير مؤكدة ويجب الاعتماد فقط على القرآن الكريم.
وتداول رواد مواقع التواصل نص أحد المشاهد المثيرة في المسلسل، حيث تستفتي فاتن أحد الشيوخ وعندما يرد عليها تقول له إنها تريد كلام الله وليس كلام الفقهاء بخصوص حضانة أطفالها، ليقول لها الشيخ إن هذا ما يحفظه.
بيان مطول من مركز #الأزهر للفتوى ردًا على ما جاء من إثارة للجدل في أمور فقهية بمسلسل "#فاتن_أمل_حربي" يحذر فيه من الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وهدم مكانة السُّنة النبوية، وإذكاء الأفكار المتطرفة، وتشويه صورة عالِم الدّين في المجتمع pic.twitter.com/FJ0H1UTUKM
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) April 16, 2022
بيان شديد اللهجة
وبعد نحو أسبوعين من بدء عرض المسلسل الرمضاني، خرج مركز الأزهر العالمي للفتوى عن صمته، وأصدر بيانا شديد اللهجة، أول أمس السبت، محذرا من الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وهدم مكانة السنّة النبوية، وإذكاء الأفكار المتطرفة، وتشويه صورة عالِم الدّين في المجتمع.
وأشار البيان إلى أن تعمُّد تقديم عالِم الدّين الإسلامي بعمامته الأزهرية البيضاء في صورة الجاهل، الإمّعة، المعدوم المروءة، الدنيء النفس، العَيِيّ اللسان -في بعض الأعمال الفنية- تنمُّرٌ مُستنكَر، وتشويه مقصود مرفوض، ولا يتناسب وتوقير شعب مصر العظيم لعلماء الدين ورجاله.
وقال إن الشحن السلبي المُمنهج في بعض الأعمال الفنية تجاه الدين وتشويه المفاهيم الدينية والقِيم الأخلاقية، بهدف إثارة الجدل وزيادة الشهرة والمُشاهدات، نذير خطر يؤذن بتطرف بغيض ويهدّد الأمن الفكري والسِّلم المجتمعي واستقامته.
ورأى أن طرح القضايا الدينية والمُجتمعية العادلة في قوالب مشبوهة يظلم هذه القضايا، واستخدام المنهج الانتقائي الموجّه في عرض مشكلة مجتمعية، لا يعرضها من جميع جوانبها، لا يُسهم في حلها، بل يُفاقمها، ويزيد الاستقطاب حولها، ويعكّر السلم المجتمعي، ويُصدّر للعالم صورة مُجتزأة وسلبية عن المجتمع المصري على غير الحقيقة والواقع.
وانتقد بيان الأزهر بقوة التستُّر خلف لافتات حقوق المرأة لتقسيم المجتمع، وتصوير بعض الأفراد للتراث الإسلامي كعدوٍّ للمرأة، وأكد أن استخدام الإعلام والدراما لتشويه هذا التراث فكرٌ خبيث مغرض ويستهدف تنحية الدين جانبا عن حياة الإنسان وتقزيم دوره، ويدعو إلى استيراد أفكار غربية دخيلة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية بهدف تذويب هويتها وطمس معالمها.
وفنّد علماء ودعاة ما سمّوها بالحملة المشبوهة ضد الأزهر الشريف في مصر، وانتقدوا تجاهل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (حكومي) التعليق على ما جاء في المسلسل من مشاهد تُسيء لرجل الدين، خاصة أنه يقع ضمن تخصصه في الرقابة على الأعمال الدرامية وفق القانون.
وخوًل القانون المجلس بوضع وتطبيق الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بأصول المهنة وأخلاقياتها، والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بمحتواها.
جدير بالذكر أن "فاتن أمل حربي" هو المسلسل التلفزيوني الأول الذي يكتبه عيسى، بعد أن قدم أفلامه الثلاثة "مولانا" (2017) و"الضيف" (2019) و"صاحب المقام" (2020)، وينتظر أن يطرح فيلمه الجديد "الملحد" قريبا. وكلها تدور حول آراء عيسى الدينية المثيرة للجدل، فضلا عن انتقادات فنية للسياق الدرامي لأعماله، وأن معظمها يعتمد على الوعظ المباشر على لسان شخصيات العمل من دون تفاعل درامي.
بسبب "الطعن في ثوابت الدين".. هجوم حاد من دعاة إسلاميين على مسلسل "#فاتن_أمل_حربي" ومؤلفه #إبراهيم_عيسى pic.twitter.com/tpwPUJ2ktD
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) April 16, 2022
هجوم ممنهج
في هذا السياق، هاجم عضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين، الدكتور محمد الصغير، ما سماها بالمحاولات المشبوهة للنيل من الأزهر الشريف والعلماء، قائلا إن "ما يقدمه مسلسل إبراهيم عيسى يندرج ضمن مخطط لتشويه الدين الإسلامي، والانتقاص من دور الأزهر وشيخه ومشايخه بصورة مبتذلة تحت ستار مناصرة المرأة".
وفي حديثه للجزيرة نت، أعرب الصغير الذي كان مستشارا لوزير الأوقاف المصري سابقا، عن اعتقاده بأن محاولة التشكيك المستمرة في ثوابت الدين الإسلامي وأحكامه من قبل بعض الكتّاب والمُنظرين الموالين للسلطة يهدف بلا شك لإلغاء دور الأزهر في نشر الفكر الوسطي وتنحية الدين جانبا عن حياة الإنسان، وفتح الباب على مصراعيه أمام الأفكار الغربية الدخيلة على المجتمعات العربية والإسلامية.
وتساءل الوكيل السابق للجنة الدينية بالبرلمان المصري عن دور المجلس الأعلى للإعلام وموقفه مما يحدث من هجوم ممنهج على الأزهر والمشايخ، ولم يستبعد أن يكون هذا الصمت مقصودا في حد ذاته لتمرير العمل الدرامي، حسب اعتقاده.
دعم نسائي وجدل بمواقع التواصل
ومنذ الحلقات الأولى للمسلسل، احتفى به المجلس القومي للمرأة (جهة حكومية)، في بيان على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، مؤكدا دعمه له وشدد على أهمية التوعية بمساندة المطلقات بخاصة في ما يتعلق بمسكن الزوجية.
ويرى المجلس في بيانه أن "المسلسل أثار قضية مهمة تواجه العديد من السيدات المتزوجات أو في حالة الانفصال والطلاق مع الحضانة، وهي قضية مسكن الزوجية، رغم أن السكن أمر واجب على الزوج لزوجته، وعلى الأب لأولاده".
وفي كل قضية يذكر فيها اسم الأزهر أو شيخه أحمد الطيب، تتحول منصات التواصل الاجتماعي في مصر إلى ساحة من العراك الفكري بين أغلبية مؤيدة للأزهر بوصفه يتبنّى منهجا وسطيا في وجه تيارات التغريب والعلمانية، وأقلية تعارض الأزهر ودوره في الدفاع عن التراث.
كفايه انه تأليف ابراهيم عيسى
قطعو— wafaa adel58 (@WafaaAdel58) April 17, 2022
لم يبدأ #الأزهر إثارة الجدل ببيانه، ولكن البيان جاء كردة فعل للجدل المثار بسبب مسلسل فاتن أمل حربي، وفي رأيي أن البيان توضيحي جيد يخدم الفكرة الأصلية بضرورة فهم أن العلوم الدينية علوم يختص بها الدارسون والباحثون مثل كافة العلوم الأخرى، يتبع#فاتن_أمل_حربي#مسلسلات_رمضان
— Saleh Omar (@salehahmedomar) April 17, 2022
إبراهيم عيسي بيخسر الحركة النسوية المصرية مجهود كبير بالخناقة اللي داخلها مع الازهر وبيستخدم فيها قضايا الستات
الخناقة النسوية مش هتتحل بتجديد الخطاب الديني يا استاذ ابراهيم، النسويات بتتخانق ع الحق المدني #فاتن_امل_حربي— جناب الكوماندا المهم (@OmersalahMarei1) April 17, 2022
المشكلة ان ابراهيم عيسي بيتكلم دين واسلام مش منتقد لاصول المنهج اصلا!
لكن الحقيقة الاسلام كمنهج لايصلح لسن قوانين ٢٠٢٢ ومستقبلنا، والدولة الل تستمد قوانين من فقه مشايخ دي دوله مختلة.
وعشان كده هنفضل متخلفين كده كتير لحد مايجي مسؤولين ونخب اشجع. https://t.co/3BNNAqBzLW— أميرة أبوشهبة🇪🇬 (@mira_aboushahba) April 17, 2022