بعد تقرير الغارديان.. ما صحة استخدام روسيا ذخائر عراقية هربتها شبكات إيرانية؟
تقرير الغارديان كان له صدى كبير داخل وخارج العراق، رغم نفي وتشكيك الجهات الرسمية وغير الرسمية العراقية في مصداقية وجدية ما جاء فيه.
بغداد – نشرت صحيفة "الغارديان" (The Guardian) البريطانية قبل أيام تقريرا أفاد بتلقي روسيا عتادا وذخائر من العراق عبر شبكات تهريب إيرانية نقلا عن أعضاء في فصائل مسلحة عراقية مدعومة منها، وذكرت نقلا عن أجهزة استخبارات إقليمية أنه تم إرسال قذائف "آر بي جي" (RPG) وصواريخ مضادة للدبابات وراجمتي صواريخ برازيلية إلى روسيا من العراق.
تقرير الغارديان كان له صدى كبير داخل وخارج العراق، على الرغم من نفي وتشكيك الجهات الرسمية وغير الرسمية العراقية في مصداقية وجدية ما جاء فيه.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsميدل إيست آي: هل أحيت الحرب على أوكرانيا ضمير الغرب الذي مات في العراق؟
بيد أن دعم عراقيين لروسيا في مواجهة أميركا وحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) يتماشى مع التأييد الذي عبّر عنه ناشطون وأنصار لفصائل وجماعات عراقية مسلحة منذ بداية المواجهة إلى درجة أنه تم تعليق صور ضوئية كبيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي في العاصمة بغداد تعبيرا عن تأييده في مواجهة الولايات المتحدة، قبل أن تعمد السلطات إلى إزالتها.
سذاجة
تقرير الغارديان جوبه بالرفض والتشكيك من قبل الفصائل المسلحة والشخصيات المقربة منها، مستبعدين طرح فكرة حاجة دولة عظمى كروسيا لدول أخرى وجهات أخرى لدعمها في حربها على أوكرانيا.
وفي هذا السياق يشير السياسي المستقل محمد البصري بسخرية إلى ما تم تداوله في التقرير، مشيرا إلى أنه "من السذاجة تصديق ما جاء فيه، فهل يصدق أن ثاني أعظم دولة في العالم بكل ترسانتها العسكرية وأسلحتها المتطورة تكون بحاجة للدعم بأسلحة من العراق؟".
وتساءل البصري عن كيفية تهريب الأسلحة من العراق ووصلوها لروسيا في ظل الوجود الأميركي بالمنطقة، مبينا أن ما جاء في تقرير الغارديان لا يعدو أن يكون خلطا للأوراق وإظهار روسيا على أنها ضعيفة ومتورطة وبحاجة لدعم من أي جهة، ومضيفا أنه كان من الأولى الحديث عن أوكرانيا التي وجهت الدعوات حتى لمرتزقة دوليين لمواجهة ما أسمته بـ"الغزو الروسي".
رسائل تأييد
في المقابل يؤكد خبراء أمنيون أن التقرير لا يتعدى كونه تسريبات لتأكيد النظريات الغربية بقرب إيران والفصائل العراقية من جبهة روسيا، ودعمهما لها في مواجهة أميركا والغرب.
الخبير الأمني أحمد شوقي أوضح أن مضمون التقرير هو رسائل تأييد من الفصائل المسلحة لروسيا في مواجهة الولايات المتحدة العدو المشترك للطرفين، لافتا إلى أن روسيا تمتلك قدرة هائلة وليست بحاجة للسلاح من أي أحد، لكنها "رسائل تفاعل كاملة اقتصادية وتسليحية بين الجبهات المعادية للغرب".
وأوضح شوقي أن العراق وقع أصلا اتفاقيات تسليحية مع روسيا بقيمة 8 مليارات دولار لاستيراد الدبابات والمدرعات، وبالفعل تم تسليم العراق 74 دبابة وعددا من المدرعات، لكن العقوبات الأخيرة بحق روسيا عطلت إتمام الاتفاقيات.
عدو عدوي صديقي
المحلل السياسي علي البيدر يصف التقرير بغير المنطقي، وفق منطق الإمكانيات والقدرات التي تمتلكها روسيا بوصفها مصدرا مهما عالميا للتسليح وليس العكس، لكنه لا يستبعد أن تكون معلوماته مبنية معطيات متعمد وصولها إلى الصحيفة من قبل روسيا نفسها للعمل على استقطاب وجذب بعض الأطراف في حربها التي أصبحت عالمية بالاصطفاف معها أو بالضد منها.
وفي الوقت نفسه يطرح البيدر إمكانية أن تكون الخطوة قد صدرت من الفصائل المسلحة نفسها تبرعًا لإيصال رسالة الدعم والتأييد لروسيا في الحرب الحالية وفق مبدأ "عدو عدوي صديقي".
المنافذ تنفي
وإزاء تقرير الغارديان، نفت هيئة المنافذ الحدودية العراقية مرور سلاح من العراق إلى الخارج، مؤكدة أن المراقبة في المنافذ متواصلة على مدار الساعة.
وقال المتحدث باسم الهيئة علاء الدين القيسي إن القوات الأمنية موجودة في المنافذ الحدودية، والمنافذ محكمة بالكامل، والسيطرة مفروضة بالكامل عليها لمنع أي دخول وتهريب للمواد الممنوعة، أيا كانت.
وبينما ردت هيئة المنافذ على التقرير، امتنعت قيادة العمليات المشتركة عن التعليق على الموضوع.
نفي إيراني
ولم ترد الحكومة العراقية حتى اللحظة على ما جاء في تقرير الغارديان بشكل رسمي، في الوقت نفسه نفت السفارة الإيرانية في لندن صحة التقرير.
وقالت السفارة في بيان لها إن التقرير المتعلق باستخدام روسيا "أسلحة مهربة من العراق بواسطة إيران" لا أساس له ولا يتسم بالمهنية، واعتبر البيان أن هذا التقرير الذي نشرته الصحيفة "لا يعدو كونه سردا مغلوطا للأحداث وعاريا عن الصحة".
ووصفت التقرير بأنه محاولة تهدف لربط التطورات الأخيرة في أوكرانيا بالتطورات في الشرق الأوسط من خلال ربطه بإيران.
وقالت السفارة إن التقرير يشكل خطوة لا تتسم بالمهنية ومرفوضة، معتبرة أنه يمثل إساءة لقراء الصحيفة نفسها.