بدعم الغرب هذه المرة.. أوديسا تترقب هجوم الروس الذين حرروها عام 1944

Russia's invasion of Ukraine continues, in Odesa
تستهدف روسيا مدينة أوديسا لأهميتها الإستراتيجية كونها ميناء حيويا، فهل تصمد في وجه الروس كما صمدت في وجه الألمان؟ (رويترز)

أوكرانيا- بدلا من أن تحتفل بالذكرى 78 للتحرير من قوات ألمانيا النازية في العاشر من أبريل/نيسان الجاري، تستعد مدينة أوديسا (جنوبي أوكرانيا) لصد "عدوان جديد" عليها، تشنه هذه المرة روسيا، التي بدأت حربا مستمرة على البلاد منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

المفارقة هنا أن روسيا، وريثة الاتحاد السوفياتي الذي كان يدافع عن شواطئ وأراضي المدينة المطلة على البحر الأسود في ذلك العام، لطالما حذرت من "أطماع وتهديدات الغرب" -على وجه التعميم- بعد الحرب العالمية الثانية.

لكن الصورة انعكست تماما؛ فأوكرانيا عامة -وأوديسا خاصة- تنشد اليوم مساعدة الغرب للدفاع عنها ضد "أطماع وتهديدات الروس"، الذين يحاولون -منذ أسابيع- الوصول إلى أوديسا عبر البحر، وعبر بر منطقة ميكولايف المجاورة في الشرق، قبل أن تدخل المشهد قوات روسيا المرابطة في منطقة ترانسنيستريا الانفصالية بدولة مولدوفا المجاورة.

ميناء مدينة أوديسا إرث سوفييتي ورثته أوكرانيا يعد من أبرز إمكانياتها الاقتصادية والاستثمارية
ميناء مدينة أوديسا إرث سوفياتي ورثته أوكرانيا يعد من أبرز إمكانياتها الاقتصادية والاستثمارية (الجزيرة)

ما أهمية أوديسا؟

تحتل مدينة أوديسا أهمية إستراتيجية كبرى بالنسبة لأوكرانيا؛ فهي ثالث أكبر مدنها، بعد العاصمة كييف في الوسط ومدينة خاركيف في الشرق، ونافذتها الرئيسية على البحر الأسود.

تأسست أوديسا عام 1794، وكانت ثالث أهم مدينة، وميناؤها -كذلك- كان ثاني أهم موانئ روسيا القيصرية، بحسب عدة مواقع على الإنترنت. وتشغل المدينة مساحة تبلغ نحو 237 كيلومترا مربعا من إجمالي مساحة منطقة أوديسا البالغة 33.3 ألف كيلومتر مربع، وفيها يعيش أكثر من مليون نسمة.

كانت أوديسا -ولا تزال- توصف بأنها "لؤلؤة البحر الأسود"، و"عاصمة أوكرانيا الاقتصادية"، ففيها الشريان الأهم بالنسبة لاقتصاد أوكرانيا، لا سيما أن عبر مينائها الرئيسي -الذي يحمل اسمها- تصدر البلاد إلى العالم معظم ما تستخرجه وتحصده وتنتجه، بما يعادل نحو 20% من الناتج المحلي للبلاد.

وبالإضافة إلى 4 موانئ فيها، تضم المدينة كثيرا من الجامعات والمعاهد، جعلتها قبلة رئيسية لدراسة الطلاب المحليين والأجانب، إضافة إلى كم كبير من المعالم العمرانية والفنية والتاريخية التي تميز أوديسا، ومن أبرزها دار الأوبرا والباليه الشهيرة في أوروبا.

حصن منيع أمام جبهات صعبة

وبالعودة إلى "العدوان" والاستعدادات له، حاولت القوات البحرية الروسية تنفيذ عدة عمليات إنزال برمائية خلال أيام الحرب الأولى على شواطئ أوديسا، قبل أن تنتقل إلى الاعتماد على الضربات الصاروخية مؤخرا.

ويفسر عمدة المدينة هذا بالقول إن "أوديسا تحولت إلى حصن منيع"، مع الإقرار بأن "القتال على 3 جبهات سيكون صعبا"، في إشارة إلى جبهة البحر جنوبا، وجبهة الشرق إذا ما اخترقت القوات الروسية منطقة ميكولايف، إضافة إلى جبهة ترانسنيستريا المحتملة في الغرب.

ورغم أن الناس تحاول العيش كالمعتاد قدر الإمكان، وتجاهل الكثير من التحذيرات، فإن كل شيء في شوارع أوديسا يدل على استعدادات المدينة للحرب، بدءا من أكياس الرمل التي تملأ كل مكان وتسد معظم النوافذ وتحمي معظم النصب والتماثيل، مرورا بالحواجز المنتشرة على جميع الطرق الرئيسية، وانتهاء باستنفار وانتشار أمني واضح وكثيف.

ما سر استعصاء المدينة؟

يصف الخبراء أوديسا بـ"المدينة المستعصية على غزاة الأمس واليوم"، في إشارة إلى أن الألمان النازيين لم يستطيعوا دخولها إلا في بداية عام 1944، ولمدة قاربت 3 أشهر فقط؛ وإلى أن الروس لن يدخلوها اليوم بسهولة، كما يؤكد الأوكرانيون.

حول هذا الشأن يقول المحلل العسكري، فلاديسلاف فيتكو "شواطئ المدينة تكشف البحر وليس العكس، وبالتالي لا تستطيع السفن التقدم بسهولة. أوكرانيا أغرقت 3 سفن للبحرية الروسية قرب أوديسا في أولى أيام الحرب، قبل أن تبتعد عشرات الكيلومترات بعدها، وتعتمد على الضربات الصاروخية".

ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- "يدرك العدو جيدا هذا الواقع، وأن المدينة محصنة ومستعدة بشكل خالف توقعاته، لذلك يعتمد على قصفها من بعيد، أملا في أن يحرز تقدما في ميكولايف، يزيد عدد الخيارات أمامه".

ويتابع فيتكو "هذه مهمة شبه مستحيلة؛ القوات الروسية تتراجع في ميكولايف، وفي منطقة خيرسون المجاورة التي سيطرت عليها حتى، وحصولنا على أسلحة غربية متطورة، آخرها أسلحة مضادة للسفن، تعهد بها مؤخرا رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، يزيد التعقيدات أمام الروس".

المصدر : الجزيرة

إعلان