يرسمه تصويت البرلمان على رئيس الحكومة الجديد.. كيف سيبدو المشهد السياسي الباكستاني غدا؟

أعادت المحكمة العليا الباكستانية أوراق اللعبة السياسية للبرلمان، بعد أن صوت بحجب الثقة عن حكومة عمران خان، وغدا الاثنين سيكمل دوره باختيار رئيس الوزراء الجديد، ليتضح المشهد السياسي للعام ونصف العام المقبلين، حتى إجراء انتخابات جديدة.

Police officers stand guard outside the parliament building in Islamabad
البرلمان الباكستاني سيحدد غدا الاثنين معالم السياسة الباكستانية للمرحلة المقبلة باختيار رئيس الوزراء الجديد (رويترز)

إسلام آباد- بعد أن نجحت المعارضة الباكستانية المشتركة في حجب الثقة عن رئيس الوزراء عمران خان (بواقع 174 صوتا)، بعد جلسة طويلة للبرلمان امتدت لأكثر من 14 ساعة أمس السبت، فإن البلاد تمر بحالة من فراغ السلطة لبعض الوقت، قبل أن يتم انتخاب رئيس وزراء جديد غدا الاثنين.

وقد ترشح كل من شهباز شريف، زعيم المعارضة المشتركة في البرلمان وزعيم حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف)، إلى جانب وزير الخارجية (المنصرف) شاه محمود قريشي من حزب إنصاف -الذي يتزعمه عمران خان- للتنافس على منصب رئيس الوزراء في التصويت البرلماني المقرر غدا الاثنين.

ملامح سياسة حكومية جديدة

كان اسم شهباز شريف يتردد منذ بداية الأزمة على أنه سيكون المرشح الرئيسي لأحزاب المعارضة لتولي منصب رئيس الوزراء بعد عمران خان، وبالفعل تم ترشيحه بشكل رسمي.

وفي حديثه للصحفيين بعد تقديم أوراق ترشيحه، فقد قال شهباز شريف إن الانسجام الوطني سيكون على رأس أولوياته، وفقا لقناة "جيو نيوز". وأضاف أنه "سيتم توفير الإغاثة للناس بعد تعزيز الاقتصاد". وقال شريف إنه سيشكل حكومة جديدة بعد التشاور مع قادة المعارضة، لضمان بدء حقبة جديدة تعزز ثقافة الاحترام المتبادل في البلاد.

وفي حديثه عن السياسة الخارجية، قال شهباز إنهم يريدون السلام مع الهند، لكن ذلك غير ممكن بدون حل قضية كشمير.

وقد قال الصحفي والمحلل السياسي فهد حسين -في مقال رأي له في صحيفة "دوون" أمس السبت- من المتوقع أن ترسم الحكومة الجديدة مسارا أقل مواجهة، ومن المتوقع أيضا أن تبني علاقة عمل أفضل بين جميع المؤسسات.

فرص كبيرة لشهباز شريف

مع اقتراب موعد التصويت البرلماني لانتخاب رئيس وزراء جديد لباكستان يقود البلاد خلال الفترة المتبقية لنحو عام ونصف العام، ووجود منافسة من الحكومة التي تم حجب الثقة عنها قبل يوم واحد فقط، يُطرح تساؤل حول فرص فوز شهباز شريف بالمنصب.

وفي هذا السياق، يقول الباحث والمحلل السياسي شاهزاد هاروني إن مسألة فوز شهباز شريف خلال جلسة التصويت غدا الاثنين أصبحت راجحة بشكل كبير، لأنه المرشح الوحيد الذي توافقت عليه أحزاب المعارضة.

ويضيف هاروني -في حديث للجزيرة نت- أنه "من الواضح أن أحزاب المعارضة لديها أصوات كافية، كما رأينا في جلسة حجب الثقة عن عمران خان مساء أمس السبت".

من جهته، يقول رئيس مجلس علماء باكستان الدكتور طاهر أشرفي -في حديث مع الجزيرة نت- إنه وفقا للنظام الدستوري فإنه يجب انتخاب رئيس وزراء جديد بعد سحب الثقة من الحكومة السابقة، ووفقا للوضع الحالي، فإن المعارضة أصبح لديها الأغلبية في البرلمان، وبالتالي فإن "فوز شهباز شريف أمر شبه مؤكد، وفقا للمعطيات الحالية".

وفي سياق متصل، يقول شاهزاد هاروني إن المعركة السياسية قد حسمت إلى حد كبير في باكستان بانتهاء التصويت على حجب الثقة عن عمران خان، وإنه "لا يتوقع أن تكون هناك أحداث أخرى خلال الفترة المقبلة".

ولدى سؤاله حول إمكانية وجود خلافات مستقبلية بين أحزاب المعارضة المشتركة، قال إنه لا يتوقع وجود خلافات بينهم، وإن هناك إستراتيجية متفقا عليها بين تلك الأحزاب لفترة ما بعد عمران خان.

سيناريوهات المرحلة المقبلة

حول توقعاته في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة، يقول هاروني إنه يرى في أحد السيناريوهات أن "شهباز شريف سوف يكون رئيسا للوزراء، وفي الغالب سيتم التوافق على مولانا فضل الرحمن -زعيم حزب جمعية علماء الإسلام- رئيسا للبلاد، في حين سيتم توزيع الحقائب الوزارية على أحزاب المعارضة، وأهمها حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز)، وحزب الشعب الباكستاني، في ما يمكن وصفها بأنها حكومة الأحزاب المتحالفة".

ويتابع حديثه، "السيناريو الآخر يتعلق بحزب إنصاف نفسه، وبالطريقة التي تم من خلالها إسقاط حكومة عمران خان، وهزيمته في التصويت على حجب الثقة، والخلافات التي دبت داخل حزبه وداخل الائتلاف الحاكم. ولذلك، فإن هذا قد يقود إلى سيناريوهين أساسيين في هذا الإطار: الأول أن مستقبله قد يكون خطيرا، وأن ما سبق قد يؤدي إلى إمكانية تفكك حزب إنصاف، لأن معظم أعضاء الحزب جاؤوا من أحزاب أخرى، وقد يغيرون رهاناتهم ويرجعون إلى أحزابهم السابقة".

ويتفق معه في ذلك المحلل السياسي فهد حسين، الذي قال إنه يتوقع مستقبلا صعبا لحزب إنصاف، بسبب السياسات التي انتهجها خلال فترة حكمه، والتي شكلت استياء كبيرا لدى الشارع الباكستاني، لا سيما على المستوى الاقتصادي.

السيناريو الآخر الذي تحدث عنه هاروني هو أن عمران خان سوف يعمل خلال الفترة المقبلة، وقبل الانتخابات المقررة العام المقبل، على بناء حزبه من جديد مع الأشخاص الذين استمروا معه خلال المعركة السياسية التي بالكاد انتهت.

ويضيف أن عمران خان لديه قبول في الشارع الباكستاني، بسبب خطاباته وشخصيته التي يرى فيها جزء من الشعب الباكستاني جاذبية خاصة. وأنه "سوف يعمل على استخدام رواية المؤامرة الخارجية، ورفضه للسياسات الأميركية".

من جهة أخرى، فقد أعلن حزب إنصاف على لسان أحد قادته، وهو فؤاد تشودري الذي كان وزيرا للإعلام في الحكومة السابقة، إن الحركة قررت الاستقالة بشكل جماعي من المجالس، وستبدأ عملية الانسحاب من الجمعية الوطنية غدا الاثنين، وفقا لصحيفة "إكسبرس تربيون". وفي هذه الحال، فإن تماسك أحزاب المعارضة أمر مهم وحاسم لتجنب تنظيم انتخابات مبكرة.

وفي حوار مع الدكتور طاهر أشرفي، قال إن مجلس علماء باكستان يأمل من الأحزاب السياسية حل الصراع السياسي بينهم، وإن المجلس يجري محاولات لحل هذه الأزمة وتجنب تصاعدها خلال المرحلة المقبلة.

المصدر : الجزيرة

إعلان