فيما تتفاقم أزمة الطاقة عالميا.. اليمنيون يكافحون لشراء الحطب
لا تقتصر الأزمة على مناطق سيطرة الحوثيين، بل امتدت بدرجة أقل إلى مناطق سيطرة الحكومة، ووفق سكان في العاصمة المؤقتة عدن، فإن الحطب بات بديلا خصوصا لمن يعيش في منازل مستقلة.
صنعاء- لم يجد محمد علي الستيني المتقاعد سوى أخشاب الطلح اليابسة -في سوق ضخم خُصص لتجارة الحطب المزدهرة بحي المطار شمالي العاصمة صنعاء بديلا لغاز الطهي.
ومنذ أشهر، يواجه سكان المدينة -التي تضم أكثر من 7 ملايين نسمة حسبما تقول سلطات الحوثيين- أشد أزمة مع انعدام غاز الطهي والوقود منذ اندلاع الحرب، وسط اتهامات متبادلة بالمسؤولية بين الحوثيين والحكومة اليمنية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالمهمشون في اليمن بين فكي كماشة.. الحوثي شمالا والانتقالي جنوبا
المساعدات تقلصت والجوعى يتضورون جوعا.. أزمة اليمن طي النسيان مع تصاعد الحرب في أوكرانيا
الريال الإلكتروني.. هل هو أزمة جديدة تواجه الاقتصاد اليمني؟
وفيما ينشغل العالم بمخاوف تقلّص إمدادات الغذاء والطاقة جراء الحرب الروسية الأوكرانية، تهيمن البدائل البدائية على حياة اليمنيين مع عجزهم عن الحصول على غاز الطهي والوقود، والارتفاع القياسي في أسعار الغذاء.
وتعتمد مناطق سيطرة الحوثيين التي تضم الجزء الأكبر من السكان، على الغاز المصدّر في مقطورات من حقول "صافر" النفطية بمحافظة مأرب، الخاضعة لسيطرة الحكومة، إضافة إلى الغاز المستورد من الخارج.
ارتفاع سعر الحطب
ودفعت الأزمة الآلاف من اليمنيين للاعتماد على الحطب، الذي شهد ارتفاعا في أسعاره أيضا ووصلت للضعف، وبلغت قيمة الحزمة الواحدة نحو 900 ريال (1.5 دولار أميركي).
ومنذ 7 أعوام، تسببت الحرب في انهيار للاقتصاد اليمني، وفاقم انقطاع الرواتب من الكارثة الإنسانية. ووفق الأمم المتحدة فإن 21 مليون يمني باتوا بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
ويقول اليمني محمد علي، للجزيرة نت "كلما نجد حلا نفقده؛ سعر الحطب يزداد، وأسطوانة الغاز وصلت في السوق السوداء إلى 25 ألف ريال (42 دولارا)، وهذا المبلغ لم نعد نمتلكه، كل يوم تصبح حياتنا أسوأ".
وتوسعت محال بيع الحطب في شوارع المدينة، وبات من المألوف رؤية أكوام من الحزم أمام المتاجر الصغيرة، بينما تنتشر تجارته أكثر في الضواحي.
لكن عبد اللطيف، وهو أحد تجار الحطب، يعزو سبب ارتفاع أسعاره إلى زيادة الإقبال عليه، وارتفاع تكاليف نقله من محافظات أخرى. وقال إن تكلفة نقل الشاحنة المتوسطة من مدينة باجل (غربا)، كانت 170 ألف ريال (280 دولارا) وارتفعت إلى 300 ألف (500 دولار).
حلول بديلة
في شارع الحصبة، وسط المدينة، يكوّم علي الشعبي جذوع الأشجار أمام مخبزه، بينما يكافح الفرّان ومساعدوه في الداخل لإنتاج أكبر قدر ممكن من الأرغفة، مستغلين جذوة نيران الحطب التي تخمد سريعا.
وعزز الطلب المتزايد من مالكي الأفران من رواج الحطب، إذ بدا حلا بديلا لانعدام غاز الطهي والوقود، وبات يشكل المشغّل الأول للمخابز في المدن الرئيسية.
ويقول الشعبي للجزيرة نت إن وقود الديزل بات منعدما، وحل الحطب بديلا ممكنا رغم كونه غير عملي بسبب متاعبه الكبيرة وسرعة احتراقه.
ويضيف "رغم ذلك زاد سعر الحطب بسبب تكلفة النقل والإقبال عليه، وأحيانا نجد حطبا غير جيد يُجلب من أشجار مختلفة، ويسبب الرماد فقط".
اعتماد رئيسي
ولم تقتصر الأزمة على مناطق سيطرة الحوثيين، بل امتدت بدرجة أقل إلى مناطق سيطرة الحكومة، ووفق سكان في العاصمة المؤقتة عدن، فإن الحطب بات بديلا خصوصا لمن يعيش في منازل مستقلة.
ومع قرب حلول شهر رمضان زاد الإقبال عليه، وارتفع من ألف ريال (دولار واحد) إلى 1500 ريال.
وفي القرى ومخيمات النزوح، حلّ الحطب بشكل كامل بديلا عن الغاز، إذ تقضي أم أحمد صباح نهارها في قريتها بمحافظة ذمار، وهي تجمع الخشب، وتقول للجزيرة نت "لم يعد يصلنا الغاز، ولم نعد نحتاجه، سنعيش كما عاش آباؤنا".
لكن المخاوف تتصاعد من تعرّض مناطق واسعة للاحتطاب، وحذرت الهيئة العامة لحماية البيئة من مخاطر "موجة الاحتطاب الكبيرة" نتيجة استمرار أزمة مادة الغاز المنزلي.
طلب متزايد
واتسعت أزمة الغاز المنزلي في ظل محدودية الإنتاج من حقول صافر النفطية في مأرب، وعجز الحكومة اليمنية عن استيراده.
وسعت الحكومة لسد الاحتياج في المحافظات الخاضعة لسيطرتها بتقليص حجم الغاز المخصص لمناطق سيطرة الحوثيين بأكثر من 40%، وفق المتحدث باسم شركة الغاز اليمنية التابعة للحوثيين، علي معصار.
ويضيف معصار للجزيرة نت، أن شركة الغاز التابعة للحكومة في مأرب رفضت تأمين الحصة السابقة كما كانت، رغم زيادة الطلب، وتفاقمت الأزمة مع منع قوات التحالف وصول سفن الغاز المستورد إلى ميناء الحديدة. وطالب المسؤول بتحييد الغاز المنزلي عن الصراع السياسي.
لكن مدير الشركة اليمنية للغاز، محسن وهيط، قال في تصريحات صحفية، إن الشركة أنتجت العام الماضي 26 ألفا و687 مقطورة غاز، وكان نصيب مناطق الحوثيين 14 ألفا و739، أي ما يعادل أكثر من 32 مليونا و444 ألف أسطوانة.
ونفى وهيط أن تكون الشركة قد قلصت حجم تصدير الغاز إلى مناطق الحوثيين، بينما اتهم وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني -في تغريدات له- الحوثيين ببيع الوقود والغاز في السوق السوداء للإثراء والتربح، وتوظيف تلك الأموال لتمويل الحرب.