هل تحسم جلسة السبت سباق الرئاسة في العراق؟ تعرف على أبرز السيناريوهات
تحالفا الكتلة الصدرية والسيادة السني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، استبقوا جلسة السبت بتأسيس تحالف برلماني واسع أطلق عليه اسم "إنقاذ وطن"
بعد أكثر من 5 أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يقترب موعد انتخاب رئيس الجمهورية الذي حدده البرلمان العراقي بعد غد السبت.
وجاء تأخر هذا الموعد نتيجة الطعون التي قُدمت للمحكمة الاتحادية التي استبعدت مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري وفتحها باب الترشيح لمرة واحدة، مع تحديد سقف زمني لانتخاب الرئيس ينتهي في 6 أبريل/نيسان القادم.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsابن عم مقتدى الصدر ونجل مؤسس حزب الدعوة .. من هو جعفر الصدر ولماذا ازدادت حظوظه لرئاسة الحكومة العراقية؟
حسم الرئاسة نفق مظلم
ولتأكيد أنه الكتلة الأكبر في البرلمان استعدادا لجلسة السبت، أعلن التحالف الثلاثي المؤلف من الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر وتحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، أمس الأربعاء، عن تأسيس تحالف برلماني واسع أطلق عليه اسم " إنقاذ وطن" مع ترشيح أحمد ريبر من الحزب الديمقراطي الكردستاني لمنصب رئيس الجمهورية، ومحمد جعفر الصدر رئيسا للوزراء، والتأكيد على تشكيل حكومة أغلبية نيابية.
وبارك زعيم التيار الصدري الإعلان عن التحالف الجديد، ووصف تشكيله بالإنجاز الفريد والمهم لإنقاذ الوطن، متمنيا تشكيل حكومة أغلبية وطنية بلا تسويف أو تأخير.
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) March 23, 2022
انغلاق سياسي
وكان البرلمان اعتمد أسماء 40 مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية، من أبرزهم مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يبدو الأوفر حظا للفوز من منافسه مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح الذي يبدو أنه أقرب إلى المعسكر الشيعي الآخر أو ما يعرف بالإطار التنسيقي الذي يضم قوى شيعية بارزة.
ومع استمرار الانغلاق السياسي بين تحالف "إنقاذ وطن" من جهة وبين الإطار التنسيقي وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني من جهة أخرى، يبدو أن جميع السيناريوهات ممكنة فيما يتعلق بانتخاب رئيس البلاد.
وكانت الأيام الماضية قد شهدت اتصالا هو الأول من نوعه بين زعيم التيار الصدري وبين زعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وما رافقه من إمكانية حل الخلافات بين الجانبين، إلا أن الواقع كشف أن الخلافات لا تزال مستمرة.
في غضون ذلك ووفقا للمعطيات الحالية، يزداد الحديث عن الحيثيات التي تحكم انتخاب رئيس الجمهورية جراء التعقيدات القانونية والسياسية، ويرى الخبير القانوني علي التميمي أنه ووفقا لقرار المحكمة الاتحادية الأخير رقم 24 المتعلق بفتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية لمرة واحدة، فإن أمام رئاسة البرلمان مدة 30 يوما فقط وفق المادة 72- ثانيا من الدستور والممتدة من تاريخ 6 مارس/آذار الجاري حتى 6 أبريل/نيسان القادم وبشكل ملزم للبرلمان.
ويتابع التميمي -حديثه للجزيرة نت- بالإشارة إلى أنه وإذا ما أخفق البرلمان في اختيار رئيس الجمهورية الجديد، فإنه يمكن لرئاسة البرلمان تأجيل الانتخاب إلى يوم 6 أبريل/نيسان المقبل، وبانقضاء هذه المدة يكون البرلمان أمام مخالفة صريحة لقرار المحكمة الاتحادية العليا التي أجازت فتح باب الترشيح لمرة واحدة، وأن البرلمان سيواجه حينها ما وصفه بالفشل غير القابل للحل.
وعن مآلات ذلك، أوضح أنه قد تتجه البلاد لحل البرلمان بطلب من ثلث أعضائه 329 نائبا مع موافقة الأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء وفق المادة 64 من الدستور، أو بقرار من المحكمة الاتحادية العليا إذا تم استفتاؤها على حل البرلمان دون الحاجة لتصويت الأخير على ذلك، موضحا أنه وفي كلتا الحالتين ستكون البلاد أمام انتخابات مبكرة جديدة مع استمرار الحكومة الحالية بتصريف الأعمال وفق ذات المادة من الدستور.
وبالحديث عن حيثيات انتخاب الرئيس في حال كان نصاب الجلسة البرلمانية القادمة مكتملا، أضاف التميمي أن انتخاب الرئيس يكون شريطة اكتمال النصاب وحضور ثلثي أعضاء البرلمان (220 نائبا) عند بدء التصويت، مضيفا "إذا ما شهدت الجلسة الأولى عدم تصويت 220 نائبا لصالح أي من المرشحين، فإن البرلمان يتجه لجولة ثانية ينحصر فيها التنافس بين أعلى الفائزين الأول والثاني، وأن حصول أي منهما على أعلى الأصوات (أيا كان عددها) يؤهله ليكون رئيسا للجمهورية.
وأوضح أن التخريجة القانونية لذلك هي المادة 70 من الدستور ووفق القانون رقم 8 لعام 2012، مع اشتراط أن يكون عدد حضور الجولة الثانية لا يقل عن ثلثي أعضاء البرلمان والمتمثل بـ 220 نائبا أيضا.
مشكلة الثلث المعطل
ومع معرفة التفاصيل القانونية لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، تبدو مشكلة الثلث المعطل في البرلمان واضحة، حيث أكد مدير مركز القرار السياسي حيدر الموسوي أن تحالف "إنقاذ وطن" الثلاثي لم يتمكن حتى اللحظة من تأكيد تحقيق نصاب الجلسة البرلمانية القادمة لانتخاب رئيس الجمهورية، سيما أن زعيم التيار الصدري وجه قبل أيام دعوة للنواب المستقلين لحضور الجلسة.
مدير مركز القرار السياسي -وفي حديثه للجزيرة نت- أوضح أن دعوة الصدر تأتي نتيجة الانغلاق السياسي بين تياره وبين الثلث المعطل المتمثل بالإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني في الوصول لصيغة توافقية وتشكيل وحدة وطنية.
ويعتقد حيدر الموسوي، المقرب من الإطار التنسيقي، أن انقسام المواقف لدى النواب المستقلين سيفضي إلى عدم تمكن التحالف الثلاثي من تحقيق النصاب، مع التأكيد على أن عدم انتخاب رئيس الجمهورية قد يؤدي لمزيد من التعقيد، وقد يفضي ذلك إلى اتجاه البلاد لحكومة طوارئ.
وعن احتمالية نجاح التحالف الثلاثي في الوصول للنصاب القانوني، يعلق بأن هذا السيناريو إن حدث "فإنه لن يصمد طويلا، سيما أن الثلث المعطل سيعرقل كافة القرارات التي سيحاول التحالف الثلاثي تمريرها تحت قبة البرلمان، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الإطار التنسيقي لديه العديد من الأوراق التي يمكن استخدامها ومنها اللجوء للشارع، فضلا عن إمكانية اتجاه الاتحاد الوطني الكردستاني لتقسيم الإقليم إلى إدارتين منفصلتين".
وحذر مدير مركز القرار السياسي -نهاية حديثه للجزيرة نت- من أنه وإذا ما استمرت الخلافات السياسية على حالها، فإن البلاد قد تتجه للفوضى وبما قد يؤدي إلى إلزام البرلمان بالتوجه لحل نفسه في غضون 60 يوما من خلال طلب رئيس الجمهورية فتوى المحكمة الاتحادية بذلك.
الموقف الكردي
على الجانب الآخر، كشف القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، الأربعاء، أن التحالف الثلاثي وفي حال فشله بجمع نصاب كامل لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فإنه لن يحضر تلك الجلسة ولن يعطي لذة النصر للطرف الآخر، على حد تعبيره.
وأضاف كريم -بحديثه لإحدى وسائل الإعلام- أن موقف جلسة السبت المقبل لا يزال غامضا، سيما أن التحالف الثلاثي لديه عدد ثابت من النواب يبلغ 174 نائبا مع اعتماده على حضور المستقلين والمعارضين لإكمال النصاب الذين أكد بعضهم حضور الجلسة، وأن بعض المتغيرات قد تشهد انسحاب البعض منهم أو مشاركة آخرين.
في غضون ذلك، يرى الباحث السياسي مناف الموسوي أن الوضع السياسي في البلاد لا يزال صعبا ومعقدا للغاية، إلا أن التحالف الثلاثي أثبت في تجربتين سابقتين أنه قادر على تحقيق نصاب الثلثين في البرلمان.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح مناف الموسوي المقرب من التيار الصدري أن التحالف نجح في انتخاب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بحضور 229 نائبا رغم مقاطعة الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني، لافتا إلى أن التجربة الثانية كانت في فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية للمرة الثانية عندما استطاع البرلمان تمرير ذلك بحضور 265 نائبا.
المستقلون بيضة القبان
وتابع الباحث أن حركة الجيل الجديد الكردية أكدت حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فضلا عن تأكيدات صدرت عن كتلتي امتداد الممثلة للمحتجين وإشراقة تشرين، بما قد يحقق نصاب الجلسة القانونية البالغ 220 نائبا.
ورغم ذلك، يكشف الباحث عن مشكلة أخرى تتمثل بأنه وفي حال تحقق النصاب بالجلسة الأولى مع عدم حصول مرشح التحالف الثلاثي لمنصب رئاسة الجمهورية على أصوات ثلثي أعضاء مجلس النواب، فإن البرلمان سيذهب لجلسة ثانية يكون فيها فوز المرشح بالأغلبية شريطة تحقق ذات النصاب البرلماني والمتمثل بحضور 220 نائبا للجلسة الثانية، وهو ما يعتقد الباحث أنه قد يشكل معضلة حقيقية.
وبالذهاب للنواب المستقلين، كانت كتلة امتداد البرلمانية (9 مقاعد) قد أكدت الاثنين الماضي أنها ستحضر جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وقال النائب عنها حيدر السلامي إنهم لن يكونوا معطلين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية ولن يكسروا نصابها القانوني.
وأضاف -في حديث صحفي- أن كتلة امتداد متحالفة مع كتلة الجيل الجديد الكردية (9 مقاعد) ضمن تحالف "من أجل الشعب" وأن لدى التحالف مرشحين لرئاسة الجمهورية هما ريبوار اورحمن وستار صالح عارف، وأن تصويت التحالف سيكون لأحدهما.
أما الاتحاد الإسلامي الكردستاني (4 مقاعد) فيبدو أنه لم يحسم أمره بعد، إذ أكد النائب عنه جمال كوجر أن حزبه ليس طرفا في أي تحالف سواء كان التحالف الثلاثي أو الإطار التنسيقي، وأن مواقفهم تعبر عن رؤية الحزب بغض النظر عن الانتماء الديني أو القومي.
وأضاف كوجر -في حديثه للجزيرة نت- أن حزبه لا يزال يمارس ضغوطا على الأحزاب الكردية لأجل التوافق مع سعيهم للتقريب بين الفرقاء الشيعة، مبينا أن موقف حزبه لم يحسم بعد، وأن قرار حضور الجلسة من عدمه سيكون في اللحظات الأخيرة.
في السياق، يرى الباحث السياسي المستقل غانم العابد أن الصراع السياسي لا يزال على أشده، وأن هناك رغبة لتعزيز موقف التحالف الثلاثي من خلال دعوة التيار الصدري للمستقلين لحضور الجلسة النيابية.
وتابع -في حديثه للجزيرة نت- أن هناك انقسامات "كبيرة" داخل الإطار التنسيقي، مبينا أن تحالف الفتح و"عصائب أهل الحق" لديهم رغبة في تجاوز المدة الدستورية التي تنتهي في 6 أبريل/نيسان القادم بما سيمكن المحكمة الاتحادية من حلّ البرلمان، مبينا أن هذه التوجهات (لدى الفتح والعصائب) تتناقض مع رغبة ائتلاف دولة القانون والذي لديه حرص على عدم حل البرلمان نظرا لعدد مقاعده الكبير (32 مقعدا).
وعما يحتاجه التحالف الثلاثي من مقاعد لتحقيق النصاب، أوضح العابد أن المستقلين باتوا بيضة القبان بهذه الدورة البرلمانية في سابقة لم يشهدها العراق سابقا، ففي حال مشاركة المستقلين بانتخاب رئيس الجمهورية، فإن هذا يعني أن تشكيل الحكومة لن يطول، وبخلافه يعتقد الباحث المستقل أن البلاد متجهة إلى "نفق مظلم" وأن الوضع في حينه قد يكون نهاية للعملية السياسية ولما لا يحمد عقباه.