العائدون من أوكرانيا.. طلاب مصريون يبحثون عن استكمال دراستهم الجامعية

قرار الحكومة باستكمال الطلاب دراستهم في التخصصات نفسها بعد عودتهم من أوكرانيا أثار جدلا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وطلاب كليات القمة

طلاب مصريون عائدون من أوكرانيا في أثناء تقديم الوثائق اللازمة لاستكمال الدراسة في مصر (مواقع لتواصل)

القاهرة- رغم القرارات الحكومية التي تسمح لهم باستكمال دراستهم في جامعات البلاد، فإن طلابا مصريين يعيشون حالة من القلق على مستقبلهم بعد عودتهم من أوكرانيا على إثر الحرب الروسية هناك.

وتنتهي غدا الخميس المهلة التي منحتها الحكومة لاستكمال المستندات المطلوبة والتقدم بها لوزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، وذلك وفقا لقرار مجلس الوزراء وبالتنسيق مع وزارة التعليم العالي.

وفي العاشر من مارس/آذار الجاري، قرر مجلس الوزراء فتح الباب أمام الطلاب المصريين العائدين من أوكرانيا لاستكمال دراستهم بالجامعات الخاصة، لكنه وضع عدة ضوابط، أبرزها تقديم كل طالب ما يثبت دراسته في أوكرانيا قبل اندلاع الحرب هناك، وأن تكون الجامعة في أوكرانيا معترفا بها في مصر، بالإضافة إلى اجتياز اختبار بالنسبة للكليات العلمية، في حين يتوجه أصحاب الاختصاصات النظرية إلى الجامعات مباشرة.

جاء قرار مجلس الوزراء تنفيذا لما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة دراسة أوضاع الطلاب المصريين الدارسين بالجامعات الأوكرانية، وإيجاد حلول لمساعدة من يرغب في التحويل للجامعات المصرية، مراعاة للظروف الاستثنائية التي تواجهها أوكرانيا حاليًا، وحرصا على مستقبل هؤلاء الطلاب.

وكشف وزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار عن أن عدد الطلاب المصريين في الجامعات الأوكرانية نحو 3220 طالبا وطالبة، منهم 750 يدرسون في شرق أوكرانيا على الحدود الروسية، وأن هناك 2400 طالب مصري يدرسون بالقطاع الطبي في أوكرانيا، منهم 1584 يدرسون الطب البشري، وآخرون يدرسون الصيدلة وطب الأسنان، بالإضافة إلى بعض الطلاب الذين يدرسون الهندسة.

الملاذ الآمن

ويرى طلاب مصريون أوكرانيا على أنها الملاذ الآمن للهروب من أزمة مكتب التنسيق في مصر، الذي يتحكم في رغبات طلاب الثانوية العامة ويحدد مستقبلهم الجامعي وفقا لأعلى الدرجات، مما يمثل عقبة أمام الكثير من الطلاب الراغبين في دخول ما بات يعرف بـ"كليات القمة"، وهي كليات الطب والهندسة للتخصص العلمي، والإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية للتخصص الأدبي.

لكن قرار الحكومة باستكمال الطلاب دراستهم في التخصصات نفسها بعد عودتهم من أوكرانيا أثار جدلا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وطلاب كليات القمة، فقال بعضهم إن الطلاب العائدين سيدخلون الكليات الطبية رغم أن بعضهم كانوا تخصصات أدبية في الثانوية العامة، كما أن بعضهم حصلوا على درجات متدنية.

في المقابل، قال آخرون إنه لا إشكال في ذلك، أولا من ناحية إنسانية نظرا لظروف الحرب الخارجة عن إرادة الجميع، والأهم هو أن رغبات الطلاب وقدراتهم يجب أن تكون هي فقط المحدد للمستقبل الجامعي، وليس نتائج مكتب التنسيق.

غضب وتساؤل

"نحن لم نحصل على 50% في الثانوية العامة كما يردد الكثير عبر مواقع التواصل، أقل نسبة حصل عليها أي طالب بيننا هي 80%"، هكذا أجاب غاضبا الطالب أحمد في حديثه للجزيرة نت.

وأكد أحمد، الذي كان يدرس طب الأسنان بالمرحلة الخامسة في أوكرانيا، أن هناك اختبارات ونظاما دراسيا شاملا، حيث كان يدرس في جامعة حكومية أوكرانية معترف بها في مصر. وتحدث الطالب المصري عما وصفه السياق الدرامي المخيف الذي يتعرض له الآن خوفا على مستقبله، مشيرا إلى أنه هو السياق الدرامي نفسه الذي تعرض له في أثناء هروبه من القصف الروسي.

وقف مجموع أحمد في الثانوية العامة عقبة أمام دخول كلية طب الأسنان، التي لطالما طمح للدراسة بها، ورغم توفر فرصة له في جامعة خاصة مصرية، فإنه آثر الدراسة في أوكرانيا، بعد أن تبين له ولأسرته المستوى التعليمي الجيد هناك والتسهيلات الدراسية والمادية التي وجدها، مقارنة بالخيارات المطروحة أمامه في مصر، بحسب وصفه.

يضيق أحمد ذرعا بالهجوم الذي يتعرض له منذ عودته من أوكرانيا، نتيجة مهاجمته بسبب دراسته بالخارج، خاصة أن الجامعات التي يدرس بها مع زملائه معترف بها دوليا وفي مصر، وحينما سافر بغرض الدراسة لم يعترض أحد على القرار،  متسائلا "لماذا أثير الحديث بعد مرور سنوات طويلة حول فكرة استحقاق الدراسات الطبية، ولماذا يتم السماح لنا بالدراسة من البداية رغم الاعتراض على معدلاتنا".

وحول الجامعات الخاصة التي قررت الحكومة أن يكون استكمال الدراسة بها بعد اجتياز اختبار تحديد المستوى، يقول أحمد إن أسعارها مرتفعة جدا، وهو أحد أهم الأسباب التي دفعته للدراسة في أوكرانيا، مشيرا إلى أنها قد تصل إلى نحو 13 ألف دولار، في حين كان يدفع في أوكرانيا 5200 دولار للعام الواحد، مطالبا بفتح المجال للدراسة بالجامعات الحكومية، لمساندة الطلاب العائدين ودعمهم.

المصروفات الدراسية

بدوره، يقول الطالب مصطفى إسماعيل إنه -مثل الكثير من الطلاب- لم ير أن الثانوية العامة كانت نهاية المطاف، وهو ما جعله يتجه إلى الدراسة في أوكرانيا بعد حصوله على مجموع 88%، ورغم أن مجموعه أتاح له دخول كلية الصيدلة بجامعة سيناء، فإنه فضّل أن يدخل كلية الطب البشري وتحقيق حلمه وطموحه.

وعبر صفحته بموقع فيسبوك، طالب مصطفى وزارة التعليم العالي بمراعاة ظروف الطلاب، والسماح لهم بالدراسة في الجامعات الحكومية، لافتا إلى ارتفاع أسعار الدراسة بالجامعات الخاصة مقارنة مع أسعار الجامعات الأوكرانية، خاصة أن الجامعات الخاصة في مصر غير معترف بها في بعض الدول بالخارج، ويحتاج الطالب إلى إجراء معادلة للاعتراف بشهادته، في حين أن شهادة كليات الطب الأوكرانية معترف بها في أميركا والدول الأوروبية، بحسب قوله.

واستعرض مصطفى المصاريف الدراسية في إحدى الكليات الخاصة المصرية المتاح التقديم بها، حيث وصلت مصاريف العام الدراسي نحو 10 آلاف  دولار، مطالبا بالنظر بعين الرحمة للطلاب وأولياء والأمور، خاصة أن الكثير منهم قلقون على مستقبلهم، بالإضافة إلى أنهم دفعوا بالفعل مصاريف العام الدراسي الحالي في الجامعات الأوكرانية.

أزمة الجامعات المصرية

في هذا السياق، يعتبر الخبير التعليمي عبد الحفيظ السيد أن عودة الطلاب المصريين من أوكرانيا أزمة لوزارة التعليم العالي، نظرا لعدم وجود أماكن شاغرة بالجامعات الحكومية، بسبب انخفاض أعداد الجامعات مقارنة بعدد السكان، وبالتالي تقبل كل كلية خاصة الكليات العلمية -والطبية بشكل أخص- أعدادا محدودة من الطلاب كل عام، وهو ما دفع وزارة التعليم العالي إلى توفير أماكن للطلاب بالجامعات الخاصة التي يمكن أن يكون بها مقاعد شاغرة.

ولفت السيد -وهو مدير لإحدى مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالشأن التعليمي- إلى أن مشكلة عدم توفر أماكن بالجامعات للطلاب مع ارتفاع تكلفة الدراسة بالجامعات الخاصة بمصر تجعل الكثير من أولياء الأمور يبحثون عن فرص لأبنائهم بالخارج، مضيفا أنه حينما تقع مشكلة مثل التي وقعت مؤخرا مع الطلاب العائدين من أوكرانيا، فالطلاب قد يتعرضون لتعقيدات ومشاكل، بسبب اختلاف النظام التعليمي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى السيد أن الطلاب أمامهم خيارات محدودة تعتمد بشكل مباشر على مرونة وزارة التعليم العالي في توفير أماكن شاغرة لهم بالجامعات الخاصة، أو أن يتجهوا للقانون بحثا عن فرصة بالجامعات الحكومية، لكنهم سيواجهون تعقيدات قانونية وإجرائية متصلة باختلافات النظم التعليمية ولوائح القبول، وأخيرا يمكن لبعضهم البحث عن فرص بالخارج مرة أخرى.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي