موجة استقالات تعصف بحزب المحتجين في العراق.. وهذه هي الأسباب؟
لم يصدر أي توضيح أو تعليق من حركة امتداد أو من أمينها العام بشأن الانسحابات الكبيرة التي حصلت في قيادتها العليا، إضافة إلى انسحاب مؤسسين فيها.
ذي قار– مثلما تفاجأ الكثيرون بحجم المقاعد التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية التي خاضتها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عادت حركة امتداد المنبثقة عن ساحات الاحتجاج الشعبي إلى الواجهة مجددا بإثارة الجدل، وذلك بعد موجة استقالات لقيادات بارزة فيها أثارت علامات استفهام كبيرة بشأن حزب المحتجين وما يحصل له في أول تجربة سياسية يخوض غمارها.
تبدو التحديات التي تواجه حركة امتداد التي أُعلن تأسيسها في يناير/كانون الثاني 2021، كبيرة. فمنذ الإعلان عنها بكونها حزبا سياسيا يمثل نسبة كبيرة من "محتجي تشرين" وانضمام قيادات احتجاجية شبابية من عدة محافظات، واجهت الحركة حملة تبخيس، لكنها تجاوزتها وشاركت في الانتخابات، وفازت بتسعة مقاعد نيابية من أصل 329 مقعدا بالبرلمان العراقي.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsبين داعم ومشكك.. قوى الاحتجاج في العراق تسعى للتنسيق قبيل الانتخابات
بعد أول لقاء من نوعه بين الطرفين ببغداد.. هل يتنازل الصدر عن ثوابته لكسب ود منافسيه الشيعة؟
كانت الانتخابات الأخيرة أصعب ما وجهته الحركة، فهي لا تملك دعما أو موارد مالية مثل الأحزاب التقليدية التي ترصد ميزانية كبيرة، وكل ما لديها هو تأييد المحتجين، وكانت النتيجة غير متوقعة للكتل السياسية المنافسة، فقد حصلت على مقاعد في محافظات ذي قار والنجف والديوانية وبابل (جنوبي البلاد).
ومنذ عدة أيام، شهدت الحركة هزات داخلية، إذ أعلن عدد من قادتها ومؤسسيها استقالاتهم، مما أثار الجدل والمخاوف بشأن المستقبل السياسي للحراك الاحتجاجي ومساعيه نحو التغيير.
الانسحاب الكبير
السبب الأساسي الذي دعانا للانسحاب من الحركة هو أن أغلب نواب الحركة (7 من أصل 9) قد صوتوا لمحمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب في جلسته الافتتاحية، ولم تتم محاسبة الأعضاء المصوتين، وعلى رأسهم الأمين العام للحركة علاء الركابي ونائبه الأول، وهذا يعد مخالفة للنظام الداخلي ومبادئ الحركة، كما يقول عضو الهيئة العامة لامتداد منتظر كريم الزيدي في حديثه للجزيرة نت.
يضيف الزيدي أن هناك تفاصيل داخلية أخرى تخص ضرب النظام الداخلي وعدم العمل به، دفعت كذلك لانسحاب عدد من الأعضاء، إذ بلغ المنسحبون حتى الآن ما يقارب 20 عضوا، من بينهم 4 قادة مؤسسين.
من مبادئ الحركة وبرامجها الأساسية، كما يوضح الزيدي، عدم التحالف أو التصويت أو مجالسة أحزاب السلطة، والتصويت للحلبوسي يعتبر مخالفة كونه جزءا أساسيا من السلطة في الدورات السابقة، والتصويت والمشاركة مخالفان لثوابت الحركة بشكل واضح.
"خرجنا من أجل التغيير والحفاظ على المبادئ التي تعاهدنا عليها في الحركة"، كما يقول الزيدي، مشيرا إلى أنه لم يكن هناك احترام لمبادئ الحركة أو النظام الداخلي، أو حتى ما يتعلق بكرامة الأعضاء.
ضرب لمبادئ الحركة
يؤكد غسان الشبيب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة امتداد الذي قدم استقالته أيضا، أن الانسحاب يعود إلى مخالفة ثوابت ومبادئ الحركة والتي كتبت بالدماء التي سقطت في ساحات الاحتجاج، معتبرا أن المشاركة في انتخاب الحلبوسي من أعضاء في الحركة مخالفة كبيرة جدا.
وأضاف الشبيب للجزيرة نت أن ممثلي الحركة كانت لهم جلسة مع رئيس السن حينها محمود المشهداني في بيت النائبة سروة عبد الواحد، ثم جلسة مع رئيس مجلس النواب قبيل انتخابه، ثم مع رئيس الجمهورية برهم صالح، وبعدها مع مرشح منصب الرئاسة هوشيار زيباري، ثم مع الكتلة الصدرية، وهذه لقاءات تمت من دون علم الأمانة العامة للحركة أو المكتب السياسي، وهذه أفعال ضربٌ لثوابتها.
وواصل حديثه بالقول إن رئيس الكتلة ومن معه تصرفوا بتفرد وأخفوا هذه المعلومات عن الحركة، معتبرا أن ذلك مخالفة للنظام الداخلي وتفريط بحق "دماء الشهداء"، الذين سقطوا في ساحات الاحتجاجات، من خلال المشاركة في انتخاب شخص كان جزءا من السلطة السابقة.
ولفت الشبيب إلى أن برنامج الحركة الأساسي هو البعد عن القوى السياسية التقليدية المتورطة في المحاصصة، مذكرا بأنه تمت معاهدة الجماهير على ذلك.
وأكد أنه عند مواجهة الأمين العام للحركة علاء الركابي ومن معه ممن التقوا بقادة الأحزاب التقليدية وصوتوا للحلبوسي أقروا بذلك، ورغم ذلك لم تُتخذ بحقهم أي إجراءات عقابية، فاضطر هو وعدد آخر من الأعضاء للانسحاب من الحركة.
لا تعليق
لم يصدر أي توضيح أو تعليق من حركة امتداد، أو من أمينها العام، بشأن الانسحابات الكبيرة التي حصلت في قيادتها العليا التي شهدت أيضا انسحاب مؤسسين فيها، كما أن الركابي رفض الإدلاء بأي تصريح حول ما حصل في الحركة.
بيد أن أحد نواب حركة امتداد (فضل عدم ذكر أسمه) قال للجزيرة نت إن من انسحبوا من الحركة خرجوا بسبب هيكلية المكتب السياسي وجلب دماء جديدة، وعدم الدمج بين منصبين، كل هذا لم يتحقق لهم فكانت هذه الردة والهجمة.
وأشار إلى أن عضوة الحركة آلاء الياسري رشحت نفسها لرئاسة الجمهورية من دون علم الحركة فرفضت الحركة ترشيحها، وهذا ما حصل.
حالة صحية
واعتبر الناشط الساسي صادق السهل أن الرهان الصعب بالنسبة له ولناشطين غيره هو التحول من ساحات الاحتجاج إلى العمل السياسي، بعد سنوات طويلة من العمل على تأسيس بوادر الرفض الشعبي للعملية السياسية في البلاد، مع ضرورة المواكبة والحفاظ على الاحتجاج بوصفهِ وسيلة وركيزة تتكئ عليها القوى السياسية المنبثقة من الاحتجاج، أو القريبة والمساندة له.
وبيّن للجزيرة نت أن ذلك يمكن أن يكون من خلال أمرين أساسيين، وهما تبني المطالب الشعبية بإصلاح النظام السياسي، والتأسيس لفعل مُغاير لما كان سائدا من قبل الأحزاب التقليدية، ولا يقتصر ذلك على تأسيس الأحزاب الجديدة وفقا لتلك المنطلقات، وإنما يرتكز على السلوك والفعل الذي يتطلب مواقف ومراوغات سياسية لاستثمار ما يمكن داخل العملية السياسية من جهة، وكذلك المكاشفة العلنية للجمهور ومدى توافق المواقف مع المطالب الشعبية للمحتجين من جهة أخرى.
يتابع السهل حديثه بأن الانتخابات التشريعية الأخيرة أدت لصعود مستقلين وآخرين منتمين لكيانات جديدة، مما يعني أن هناك وعيا سياسيا للشباب الذي لم يعد ينظر من زاوية الرفض فقط. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا التحول التدريجي بحاجة إلى وقت لكي يترسخ وتنعكس مظاهره داخل التنظيمات الحزبية الناشئة، ومن الطبيعي حدوث تباين في الآراء تجاه قرارات قادة الأحزاب الجديدة من قبل التنظيمات الحزبية نفسها، لكن لا أعتقد أن هذا الاختلاف سيضعف هذه الأحزاب حتى وإن حدث انسحاب أو تراجع لعدد من أفرادها لأنها حالة فرز صحية داخل هيكلية الأحزاب، وكذلك تُشكل ضغط أكبر على القيادات الحزبية تُلزمهم بمراجعة وتمحيص مواقفهم.