كيف تفاعلت قمة الاتحاد الأفريقي الـ35 مع القضايا العربية؟

African Union Summit in Ethiopia
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه أثناء مخاطبته قمة الاتحاد الأفريقي (الأناضول)

خلال اليومين الماضيين استعاد الزمان ما حدث في ستينيات القرن الماضي يوم أن كانت القارة السمراء تضج بقضايا التحرر والتضامن مع مختلف شعوب الأرض ووقتها كانت "قضية العرب المركزية -فلسطين- تتصدر قمم منظمة الوحدة الأفريقية.

ومع تبدل المواقف والأزمان عادت فلسطين مرة أخرى قضية أساسية للقادة الأفارقة في قمتهم الـ35 والتي عادوا إليها حضورا جسديا بعد 3 أعوام من الغياب عن مقرهم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بسبب جائحة كورونا.

وإن كان الاتحاد الذي ورث المنظمة أصابته خشية الانقسام في قمته الـ35 التي طويت صفحتها يوم أمس 6 فبراير/شباط 2022 جراء خلافات دوله حول منح إسرائيل صفة مراقب في المنظمة القارية، فإن قضية المرتزقة في ليبيا التي تؤرق الدولة العربية التي شهدت ميلاد الاتحاد في مدينتها سرت شكلت حضورا في مداولات القادة والوزراء والدبلوماسيين.

وإلى جانب تعليق القمة الأفريقية منح إسرائيل صفة مراقب في المنظمة دعا البيان الختامي للقمة إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقال إن نبذ العنف لا يتحقق إلا بحل الدولتين.

وفي الوقت ذاته كان السودان الغائب الحاضر -الدولة العربية التي تعاني من أزمة سياسية- بندا رئيسيا في قمة قادة دول منظمة دول شرق ووسط أفريقيا (الإيغاد) التي عقدت على هامش قمة الاتحاد الأفريقي فيما غاب ممثلوه في اجتماعات الممثلين الدائمين والمجلس الوزاري والقمة بسبب تعليق عضوية السودان عقب إجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان التي أطاحت بشركائه المدنيين في الحكومة الانتقالية يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع أن عَلم السودان كان يرفرف في كل ساحات المقر.

أما قضية سد النهضة التي تشغل دولة السودان ومصر على إثر خلافاتهما مع إثيوبيا التي تشاركهما حوض النيل الشرقي فقد شكلت حضورا ضئيلا من خلال تقرير رئيس المنظمة المنصرف رئيس دولة الكونغو الديمقراطية.

والسؤال ماذا دار في كواليس الاجتماعات حول هذه القضايا، وهل خسر العرب أو كسبوا؟

African Union holds annual heads of state and government summit
الاتحاد الأفريقي قرر تعليق منح إسرائيل صفة مراقب بعد الخلافات الحادة التي شهدتها القمة بشأنه (رويترز)

مخاوف من الانقسام بسبب إسرائيل

أثار القرار الذي اتخذه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد بمنح دولة إسرائيل صفة مراقب بالاتحاد في يوليو/تموز 2021 أسوة بتركيا وإيران والدولة الفلسطينية وغيرها جدلا كثيفا في أروقة الدول الأفريقية.

وهو أمر تصدت له عدة دول في مقدمتها الجزائر وكذلك جنوب أفريقيا أكبر الممولين للاتحاد الأفريقي، دافعة بأمرين أولهما منح صفة مراقب ليست من اختصاص المفوضية ولا رئيسها كما أن هذا القرار ينتهك مبدأ رئيسيا للمنظمة وهو عدم التعامل مع الدول التي تحتل أراضي دول أخرى.

وقال دبلوماسي أفريقي من العاصمة أديس أبابا طالبا عدم إيراد اسمه "الموقف الذي اتخذه فكي دون الرجوع إلى القمة بمنح إسرائيل صفة مراقب يتسق مع موقف دولته تشاد التي خطت خطوات في خلق علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".

إلا أن الحملة التي قادتها الجزائر وجنوب أفريقيا وبمساندة من دول أخرى مثل تونس ونيجيريا وجزر القمر جعلت فكي لا يمضي في الخطوات المعتادة لتنفيذ قراره لإعطاء إسرائيل صفة مراقب والتي تبدأ بدعوة سفير الدولة المعتمد في أديس أبابا لحضور اجتماعات مجلس المندوبين الدائمين لاعتماده ممثلا لبلاده لدى الاتحاد ومن ثم يفتح الباب أمام الدولة لتحديد مستوى الشخص الذي تريده أن يمثلها في قمة القادة، وتعطى له فرصة لمخاطبة القمة.

ولدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية صباح السبت 5 فبراير/شباط دعا فكي لنقاش هادئ للأمر وأن لا يتم التعامل معه سياسيا قائلا إن "البحث عن استقلال" الفلسطينيين ثابت ولا يمكن إلا أن يتعزز وإن منح إسرائيل صفة المراقب يمكن أن يكون أداة في خدمة السلام.

محمد المنفي طالب القادة الأفارقة بدعم خطط حكومته بإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا (مواقع التواصل)

الجلسة ذاتها حضرها رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه والذي قال بصورة واضحة "ندعو إلى سحب صفة إسرائيل كمراقب لدى الاتحاد الأفريقي والاعتراض عليها"، واصفا منحها لإسرائيل بأنه "مكافأة غير مستحقة" للانتهاكات التي ترتكبها في حق الفلسطينيين، وتابع "لا ينبغي إطلاقًا مكافأة إسرائيل على انتهاكاتها ونظام الفصل العنصري الذي تفرضه على الشعب الفلسطيني".

وعند ذهاب القادة الأفارقة للجلسة المغلقة برزت الخلافات بشكل كبير وبحسب دبلوماسي كان حاضرا للجلسة قال للجزيرة نت "دعا رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي رئيس الدورة السابقة للاتحاد لتأييد الأمر وتبعه رئيس رواندا بول كاغامي.

لكن رئيس جنوب أفريقيا ماتاميلا سيريل رامافوزا وصف الأمر بأنه انتهاك لمبادئ الاتحاد الأفريقي ومضى في الاتجاه ذاته عبد المجيد تبون رئيس الجزائر.

عندها والحديث ما زال للدبلوماسي تم تعليق الأمر وإحالته للجنة تتكون من 7 رؤساء دول، بينهم رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، لتقرر بشأنه، وبجانب الجزائر، تضم اللجنة -التي تشمل تركيبتها دولا مؤيدة وأخرى معارضة لمنح إسرائيل صفة المراقب- رؤساء السنغال والكاميرون والكونغو الديمقراطية ونيجيريا ورواندا وجنوب أفريقيا.

وفي منحى آخر عادت قضية المرتزقة في ليبيا إلى السطح لمداولات القادة الأفارقة بعد مطالبة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، الاتحاد الأفريقي بدعم خطط إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وهو ما عبّر عنه تقرير مفوض الأمن والسلم الأفريقي.

The Executive Secretary IGAD Workneh Gebeyehu
السكرتير التنفيذي لإيغاد ورقني قبيو استعرض الجهود التي قامت بها المنظمة لحل الأزمة السياسية في السودان (الأناضول)

السودان.. الغائب الحاضر

لأول مرة في تاريخ السودان والذي هو من مؤسسي الاتحاد وقبله منظمة الوحدة الأفريقية يغيب ممثلوه عن القمة بعد تجميد عضويته بالاتحاد مع 3 دول أخرى هي مالي وغينيا بيساو وبوركينا فاسو، التجميد بموجب النظام الأساسي للاتحاد الذي يحظر التعامل مع الحكومات التي تستولي على السلطة بالقوة.

ولكن الأزمة السياسية بالسودان بين المكون العسكري والمدني بالسلطة الانتقالية كانت بندا رئيسيا في قمة دول الهيئة الحكومية للتنمية الأفريقية "إيغاد" (IGAD) خلال التقرير الذي قدمه ورقني قبيو السكرتير التنفيذي للمنظمة عقب لقاءات عقدت في الخرطوم والذي أكد أن الإيغاد تجري مشاورات لمساعدة السودانيين للتوصل إلى حل لأزمتهم".

Ethiopia’s Prime Minister, Abiy Ahmed addresses a news conference in his office in Addis Ababa, Ethiopia August 25, 2018. REUTERS/Kumera Gemechu
آبي أحمد استبق القمة الأفريقية بدعوة السودان ومصر للتعاطي مجددا مع قضية سد النهضة (رويترز)

سد النهضة لأول مرة يختفي

منذ عام 2011 ظلت قضية سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق حاضرة على مداولات القمة، لكن القمة الأخيرة خلت من التطرق إليها، فيما عدا الإشارة في تقرير رئيس الكونغو -الرئيس المنتهية ولايته في رئاسة المنظمة- عن الجهود التي قامت بها الكونغو لتقريب شقة الخلاف بين أطراف الأزمة.

وقال محمد عبد الكريم الباحث المختص في الشؤون الأفريقية للجزيرة نت "قضية سد النهضة أحد أطرافها السودان عضويته معلقة ومصر التي خفضت تمثيلها في القمة بوزير خارجيتها سامح شكري وإثيوبيا مشغولة بصراعاتها الداخلية، ولذا غاب السد عن الأجندة المهمة"، واستبق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أعمال القمة الأفريقية بدعوة كل من مصر والسودان، للتعاطي مجددا مع قضية سد النهضة.

المصدر : الجزيرة