الطفل المغربي ريان.. آمال بنهاية سعيدة اليوم لقصة تؤرق الملايين
الرباط – "جافاني النوم منذ يوم الثلاثاء، عندما أغلق عيناي تدهمني الأفكار والخيالات حول الحادثة"، هكذا تقول المغربية نسيبة الكحلون للجزيرة نت وهي تحكي تأثرها بقصة الطفل ريان الذي سقط عصر الثلاثاء في بئر ضيقة وعميقة في إحدى القرى بضواحي مدينة شفشاون (شمالي المغرب).
لم تتوقف نسيبة عن متابعة تفاصيل الحادث لحظة بلحظة عن طريق معارفها الموجودين في المكان، وأيضا عن طريق وسائل الإعلام الوطنية المرابطة في قرية أغران منذ أول أمس الأربعاء.
تتوقف لحظات عن الكلام وتقول "أنا أم وأفهم ارتباط الأطفال بأمهاتهم، أتخيل في كل لحظة حالة الطفل في قعر البئر وهو يعاني من الخوف والبرد والجوع والشوق إلى حضن أمه، فتعتريني حالة من الأسى والعجز".
لم تكتف نسيبة وعائلتها بتتبع الأخبار وتقدم جهود انتشال الطفل، بل سارع شقيقها إلى نقل طفل في الـ15 من عمره من مدينة المضيق إلى القرية من أجل التطوع لدخول البئر، وانتشال ريان، غير أنه رغم موافقة والديه فإن السلطات رفضت الفكرة.
حال نسيبة هو حال ملايين المغاربة الذين يتابعون مساعي إنقاذ الطفل ريان المستمرة منذ سقوطه الثلاثاء في ثقب حفرته الأسرة بحثا عن الماء.
في كل مكان
في الحافلات والقطارات والمقاهي والبيوت والشوارع، لا حديث للمواطنين إلا عن هذه الفاجعة التي تفاعل معها الصغار والكبار، وصارت الخبر الرئيس لكل المواقع الإلكترونية والنشرات الإخبارية وغدت موضوعا متابعا من وسائل إعلام دولية.
ويواصل وسم "أنقذوا الطفل ريان" تصدّر مواقع التواصل الاجتماعي وقد تفاعل المغاربة والعرب معه، ونشروا حملة للتضامن مع الطفل وأسرته وتشجيع مساعي الإنقاذ.
وتفاعل مشاهير مع هذه الحادثة، من بينهم نجم المنتخب الجزائري رياض محرز، والمدرب السابق للمنتخب المغربي هرفي رونار، ونجم المنتخب الوطني المغربي أشرف حكيمي، والمغنية الإماراتية أحلام، ورئيس الحكومة المغربية السابق سعد الدين العثماني، والمستشار السابق لوزير الأوقاف المصري محمد الصغير، والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي وغيرهم كثير، حيث دعوا لله عز وجل من أجل إنهاء معاناة هذا الطفل وعودته إلى أسرته سالما.
ولا تزال عقول الجميع مشدودة منذ 3 أيام نحو قرية أغران الجبلية بضواحي شفشاون، هذه القرية البعيدة المجهولة الواقعة وسط تضاريس وعرة في سلسلة جبال الريف، التي لم يكن يعرف بوجودها أحد إلى أن ابتلعت أرضها طفلا بريئا وظل منذ أيام في جوفها.
وبينما يتصفح معظم المغاربة مواقع التواصل والمواقع الإلكترونية والمواعيد الإخبارية على القنوات الحكومية لمتابعة التطورات، فضل بعضهم الذهاب إلى القرية بأنفسهم لمتابعة مساعي الإنقاذ على الأرض، ولتقديم الدعم للأسرة وتشجيع المنقذين.
يقول حمزة الوهابي مدير موقع "شمالي" الذي يتابع أعمال الإنقاذ ميدانيا، إن السلطات عملت منذ الخميس على تنظيم الوفود التي قدمت إلى المكان، ومنعت الاقتراب من موقع الحادثة على بعد 50 مترا، مشيرا إلى أنه رغم صعوبة التضاريس والطرق، فإن عدد المواطنين الذين تدفقوا إلى القرية كان هائلا.
أعمال الحفر
وبلغت جهود إنقاذ الطفل ريان مراحلها النهائية، ويتوقع مسؤولون أن تنتهي أعمال الحفر هذا اليوم.
وأوضح حمزة الوهابي -للجزيرة نت- أن الجرافات توقفت عن الحفر العمودي ظهر اليوم الجمعة بعد وصولها إلى عمق 31 مترا، وستبدأ الحفر الأفقي لوضع أنابيب صرف صحي ضخمة معتمدة في ذلك على خبراء في حفر المناجم، ومهندسي المسح الطبوغرافي وتقنيين ومتخصصين في الدفاع المدني.
وأضاف أن هذه المرحلة -حسب السلطات- هي الأكثر خطورة ودقة، ونجاحها سيمكن عناصر الإنقاذ من الوصول إلى الطفل وانتشاله من قعر البئر.
ولفت إلى أن مسؤولا في لجنة الإنقاذ أكد للصحفيين أن الطفل ريان ما زال يتنفس، والسلطات تراقبه عن طريق الكاميرا وتزوّده بالأكسجين بانتظام.
وكان عضو في لجنة تتبع إنقاذ الطفل ريان قد صرح للصحفيين، حسب ما أوردته وكالة الأنباء المغربية الرسمية، أن أعمال الحفر العمودي يواكبها تثبيت للجوانب، للحيلولة دون انجراف التربة في منطقة الحفر، التي تتميز بهشاشة التربة وصعوبة التضاريس، وللسير بخطوات الإنقاذ وفق المخطط الذي وضعه الخبراء الموجودون بمكان الحادث.
حسب توضيحات أحد الخرائطيين من عين المكان.. إليكم رسما توضيحيا يبين وضعية الطفل ريان داخل البئر.#الطفل_ريان #شفشاون #المغرب #انقذوا_ريان pic.twitter.com/LrrEuVEFUW
— Hespress هسبريس (@hespress) February 3, 2022
3 أيام
وسقط الطفل ريان ذي الخمس سنوات في بئر ضيقة بجوار منزله عصر الثلاثاء، وبعد اختفائه سارعت أسرته للبحث عنه لتجد البئر منزوعة الغطاء وآثار قدم صغيرة بجانبها.
وبدأت جهود الإنقاذ يوم الثلاثاء بوسائل تقليدية، وحاول متطوعون من أبناء القرية النزول إلى البئر لإخراج الطفل، إلا أن مساعيهم لم تنجح بسبب ضيق قطر سطح البئر، وذلك استلزم توسيع دائرة التدخل.
وبدأت السلطات بإقليم شفشاون وضع سيناريوهات الإنقاذ بتتبع من وزيري الداخلية والصحة منذ صباح أول أمس الأربعاء.
واعتمدت لجنة الانقاذ -حسب ما صرح به الناطق الرسمي باسم الحكومة في ندوة صحفية ظهر أمس الخميس- عددا من السيناريوهات.
ويتضمن السيناريو الأول توسيع قطر الثقب الذي يبلغ 45 سنتيمترا في أعلاه، ويضيق كلما تقدم التوغل نحو قعره، غير أن الخشية من انهيار التربة وتساقط الأحجار داخل البئر دفعت إلى استبعاد هذا السيناريو.
ولجأت السلطات إلى سيناريو ثان بإنزال منقذين محترفين داخل البئر، وبعد 3 محاولات فاشلة لم يستطع خلالها المتطوعون النزول إلى أسفل الحفرة لضيقها، تم اعتماد سيناريو ثالث يقضي بحفر حفرة موازية للبئر.
أعمال الحفر توقفت فترات قصيرة بسبب حدوث انهيارات في التربة، وأيضا للسماح للمهندسين بأخذ القياسات من أجل تحديد المواقع المناسبة للحفر.
واستمرت أشغال الحفر منذ يوم الأربعاء من دون توقف ليلا ونهارا بواسطة 6 جرافات، وتحت إشراف مهندسين وتقنيين طبوغرافيين.
انهيارات وقياسات
وقالت مصادر للجزيرة نت إن أعمال الحفر توقفت فترات قصيرة بسبب حدوث انهيارات في التربة، وأيضا للسماح للمهندسين بأخذ القياسات من أجل تحديد المواقع المناسبة للحفر، بالنظر لوجود طبقات تتضمن تربة هشة وطبقات أخرى صخرية.
وجنّدت السلطات في المكان سيارة إسعاف مجهزة وفريقا طبيا يضم طبيب إنعاش وتخدير وممرضين، إلى جانب هليكوبتر مجهزة تابعة للدرك الملكي لنقل الطفل في أسرع وقت بعد إنقاذه إلى المستشفى، نظرا لوعورة تضاريس المنطقة.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة قال، في مؤتمر صحفي أمس الخميس، إن تأخر جهود الإنقاذ لا يتعلق بمشكل أو نقص في الإمكانات، بل بصعوبات تتعلق بالتضاريس وتعقد العملية.
ومع اقتراب ساعة الحسم وبلوغ أعمال الحفر نهايتها، يترقب المغاربة والعالم العربي نهاية هذه الفاجعة، آملين أن يعود الطفل سليما معافى إلى حضن عائلته الصغيرة لتسعد به، ويسعد معها الملايين الذين يتابعون ما يحدث.