الرئيس التونسي يتهم أطرافا بمحاولة إجهاض "الاستشارة" واتحاد الشغل يستعجل الإصلاحات
اتهمت الرئاسة التونسية أطرافا لم تسمها بمحاولة إجهاض الاستشارة الإلكترونية، التي أطلقها الرئيس قيس سعيد الشهر الماضي لاستطلاع رأي التونسيين في عدة قضايا، في حين قال الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي إن إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد لا يتحمل التأخير.
والتقى الرئيس التونسي أمس الثلاثاء مع وزير تكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي في قصر قرطاج، وبحث معه الصعوبات الفنية التي تعترض المواطنين خلال المشاركة في الاستشارة الشعبية الإلكترونية.
وأضافت الرئاسة التونسية أن بعض هذه الصعوبات "مقصود من الذين يريدون تكميم الأفواه وإجهاض هذه التجربة الأولى من نوعها في تونس"، وأشارت الرئاسة في بيان إلى أن بعض الصعوبات ناتج عن جملة من الاختيارات الفنية التي يجب تذليلها.
مشاركة ضعيفة
وحتى الساعة السادسة والنصف مساء أمس الثلاثاء بتوقيت تونس (الخامسة والنصف مساء بتوقيت غرينتش)، شارك في الاستشارة 211 ألفا و930 شخصا (من أصل 11.8 مليون نسمة)، وفق إحصاءات نشرها الموقع الإلكتروني للاستشارة، التي أطلقت في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال الرئيس سعيد إن "المشاركة المكثّفة هي التي ستعبد الطريق نحو مرحلة جديدة في تاريخ تونس تقوم على الإرادة الشعبية الحقيقية، لا على شرعية وهمية لفظها التونسيون والتونسيات، لأنها لا تعبّر عن إرادتهم الحقيقية".
وستمهد الاستشارة الإلكترونية لاستفتاء شعبي على الإصلاحات السياسية قبل تنظيم انتخابات برلمانية في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهي مراحل خارطة الطريق التي طرحها سعيد بعد إعلانه التدابير الاستثنائية وتجميده البرلمان. ولا تحظى خارطة الطريق بتوافق عام لدى الأحزاب والمنظمات.
في المقابل، تقول قوى معارضة دعت إلى مقاطعة الاستشارة إن الرئيس سعيد يمهد بهذه الخطوة لإجراء تعديلات، لاسيما على الدستور، لتعزيز جمع كل السلطات بيده.
اتحاد الشغل
من جانب آخر، قال الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، خلال لقائه أمس الثلاثاء رئيسة الحكومة نجلاء بودن، إن تونس بحاجة إلى إرادة صادقة وحقيقية تضع في حسابها مصلحة الشعب.
من جانبها، أكدت رئيسة الحكومة، في بيان، الدور الفاعل للاتحاد العام التونسي للشغل "في توفير مناخ ملائم للانطلاق في الإصلاحات الضرورية في البلاد".
وكان اتحاد الشغل، الذي يمتلك نفوذا سياسيا بحكم قدرته على تعبئة وتحريك الشارع، قد عبّر عن معارضته رفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية، وتقليص فاتورة رواتب موظفي القطاع العام، وهما مسألتان قد تكونان ضروريتين لإبرام اتفاق قرض بين تونس وصندوق النقد الدولي.
وفي سياق آخر، قالت منظمة "أنا يقظ" التونسية الناشطة في مجال مكافحة الفساد ومراقبة أداء الحكومة، في تقرير لها أمس الثلاثاء إن حكومة بودن لم تحقق أيا من الوعود التي أطلقتها منذ استلامها مهامها قبل نحو 4 أشهر.
وعود فضفاضة
وأوضحت المنظمة في مؤتمر صحفي أن "17 وعدا أعلنتها رئيسة الحكومة لم يتحقق منها أي وعد، لكن 47% من بينها في طور الإنجاز"، وانتقدت "أنا يقظ" ما قالت إنها وعود فضفاضة كثيرة أطلقتها حكومة بودن مثل "تطبيق القانون دون تمييز" و"تحسين ظروف العيش".
ولاحظت المنظمة غير الحكومية وجود تداخل بين صلاحيات رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة)، إذ "اتسم وضع رئيسة الحكومة بتغييب تام لدورها في قرارات التعيينات والإقالات وترأس مجلس الوزراء"، ووصفت المنظمة التونسية رئيسة الحكومة بأنها كانت "عون تنفيذ لإستراتيجيات رئيس الجمهورية".
تجدر الإشارة إلى أن تونس مرت منذ ثورة 2011 بأزمات سياسية متوالية، بلغت ذروتها عقب فرض الرئيس سعيد في الصيف الماضي إجراءات استثنائية منها تجميد عمل البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة، ثم تلتها قرارات أخرى آخرها حل المجلس الأعلى للقضاء.