وزيرة خارجية غانا: تحديات أمنية جمة تواجه غرب أفريقيا لا تحتمل تقاعس العالم
قالت وزيرة خارجية غانا شيرلي أيوركور بوتشواي في مقال بصحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) البريطانية، إن قضايا "الإرهاب" وتغير المناخ والقرصنة في منطقة غرب أفريقيا تستدعي جهدا دوليا منسقا.
وذكرت الوزيرة أن بلادها (غانا) تواجه تدفقا لمهاجرين من دول الساحل الأفريقي -مالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا وتشاد- ممن أجبرهم "الإرهاب الجهادي"، الذي يذكي أواره السلاح القادم من ساحة الصراع في ليبيا على النزوح من أوطانهم.
وأضافت أن أولئك المهاجرين هم "دليل حي" على الوضع الأمني المحبط بالنسبة لملايين البشر في المنطقة، مشيرة إلى أن "الإرهاب" يمثل واحدة من المشاكل الكبيرة التي تأمل غانا أن ترى مجلس الأمن الدولي يتصدى لها خلال فترة رئاسة بلادها له في العامين المقبلين، والتي بدأت في الأول من يناير/كانون الثاني الجاري. أما المشكلتان الأخريان فهما التغير المناخي والقرصنة في خليج غينيا.
تفاقم العنف بالساحل
وعقب هزيمتها في أماكن أخرى من العالم، اتجهت جماعات "جهادية" نحو الساحل الأفريقي، فكان أن تفاقم العنف في تواتره ووحشيته. ووفقا لمشروع بياناتِ مواقعِ النزاعات المسلحة وأحداثها (Armed Conflict Location and Event Data Project)، فقد زادت الهجمات التي تستهدف المدنيين في المنطقة من 381 في 2015 إلى 7108 هجمة في 2021، مع سقوط ضحايا بلغ عددهم 12 ألفا و519 قتيلا خلال الفترة نفسها. وفي عام 2020، كانت 7 دول أفريقية ضمن قائمة الدول العشر الأكثر عرضة "للإرهاب".
وترى الوزيرة في مقالها أن هذه الظاهرة "الدموية" التي تتسبب في الهجرة القسرية بشكل واضح في أكرا عاصمة غانا، تقف أيضا وراء الاتجار بالبشر كمحاولات عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا بقوارب صغيرة.
وهناك ظاهرة التغير المناخي، وهي أحد أسباب الكارثة، ولعل أحد تجلياتها تتمثل في بحيرة تشاد أكبر مسطح مائي في منطقة الساحل، والتي قُدر انحسار مياهها بنسبة 90% في 60 سنة. وتشهد درجات الحرارة في حوض بحيرة تشاد ارتفاعا أكبر بمرة ونصف المرة من معدلاتها العالمية.
سوء الوضع المناخي
وأدى سوء الأحوال المناخية إلى نشوب صراعات عنيفة بين الرعاة الرحل، الذين يتجهون جنوبا بحثا عن الماء والكلأ، والمزارعين في أحزمة السافانا والغابات المهددين بموجات الوافدين الجدد ومواشيهم "الهزيلة"، بحسب وزيرة خارجية غانا.
لكن ما يثير القلق أن ظاهرة القرصنة في خليج غينيا أضحت الآن أحد المهددات الأمنية في غربي أفريقيا. وفي عام 2020، سُجلت 28 محاولة اختطاف في عرض البحار، حدثت جميعها، باستثناء واحدة فقط، في مياه خليج غينيا.
وفي عام 2018، وقعت كل عمليات القرصنة الست في مياه خليج غينيا، وكذا 13 من 18 حادثة إطلاق نار على السفن. ومن بين 141 رهينة احتُجزوا في البحار في تلك السنة، أسر القراصنة 130 منهم في الخليج نفسه.
تصاعد أعمال القرصنة
وطبقا لمؤسسة "ون إيرث فاونديشن" (One Earth Future Foundation) -ومقرها في ولاية كولورادو الأميركية- فإن الكلفة السنوية المتكبدة من عمليات القرصنة في خليج غينيا تجاوزت 80 مليون دولار في عام 2017.
وترى الوزيرة بوتشواي أنه من غير الممكن ترك مهمة دحر "الإرهاب"، والتغير المناخي والقرصنة على عاتق بضع دول من غربي أفريقيا، رغم أن تبعات التقاعس مسؤولية العالم، مما يتطلب اهتماما من مجلس الأمن الدولي وإقرارا بأن التصدي للتهديدات المحدقة بالسلم العالمي اليوم وفي المستقبل ينبغي أن يكون مختلفا عن مقاربات حفظ السلام التقليدية المطبقة في الكونغو ولبنان.
وأوضحت أن ثمة حاجة لاستحداث مهمات مبتكرة وذكية، إلى جانب توفير دعم فني ومالي لتمكين الأفارقة من توليها بأنفسهم. وتابعت القول إن غانا تتوق للعمل مع مجلس الأمن الدولي "من أجل وضع حد للتطرف العنيف والإرهاب الذي يهدد دولنا".
وأشارت إلى أن الأفارقة وقفوا إلى جانب بقية العالم في خوض حروب القرن الماضي. وقالت في هذا الصدد إن الأفارقة ضحوا بأرواحهم "لتحقيق الاستقرار في النظام العالمي الداعم للازدهار الذي تتمتع به كثير من دول العالم الصناعي اليوم".