إغلاق دام 7 أشهر.. لهذه الأسباب تأخر فتح الجامعات الحكومية في أفغانستان
تبرر حركة طالبان التأخر في فتح الجامعات الحكومية التي أغلقت 7 أشهر في وجه طلابها، بالأزمة الاقتصادية والعمل على الفصل بين الجنسين في الفصول الدراسية لاعتبارات شرعية، إلا أن هذا التأخير كانت له تداعيات سلبية كثيرة على المسيرة التعليمية للطلبة الجامعيين وخياراتهم.
ننغرهار- أعلنت وزارة التعليم العالي في أفغانستان على لسان وزيرها المولوي عبد الباقي حقاني -الأسبوع الماضي- فتح أبواب الجامعات الحكومية على مرحلتين أمام الطلاب والطالبات، في فصول دراسية منفصلة بين الجنسين في جميع الكليات، بعد أن كانت منفصلة فقط في كليات الشريعة في الحكومة السابقة.
وقالت الوزارة إن المرحلة الأولى ستكون في المناطق الحارة بدءا من 2 فبراير/شباط الجاري، والمرحلة الثانية في المناطق الباردة بما فيها العاصمة الأفغانية كابل ابتداء من 26 من الشهر نفسه.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبعد عودة 12 موظفة للعمل في مطار كابل.. ما موقف حركة طالبان من عمل المرأة؟
دون اختلاط.. طالبان تعلن السماح للنساء بارتياد الجامعة
النظام الصحي في أفغانستان يواجه تحديات جمة
وقد بدأت الدراسة بالفعل في المناطق الحارة بحضور كثيف من الطلاب والطالبات في صفوفهم المستقلة في بعض الجامعات، ومنها جامعة ننغرهار التي قسمت أوقات الدوام صباحا للطلاب وبعد الظهر للطالبات.
إعادة فتح الجامعات جاءت بعد إغلاقها 7 أشهر متواصلة بدءا من يوليو/تموز من السنة الماضية، مع الموجة الثانية لكورونا في ظل حكومة أشرف غني، وبعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان بقيت الجامعات الحكومية مغلقة، أما الجامعات الخاصة فاستأنفت عملها بعد نحو شهر من تشكيل حكومة طالبان.
انتشار واسع للجامعات
ويبلغ عدد الجامعات الحكومية في أفغانستان 39 جامعة، منها 3 في العاصمة الأفغانية كابل وجامعتان في محافظة قندهار وجامعتان في محافظة غزني، والباقي يتوزع على المحافظات الأخرى.
وتعدّ جامعة كابل (تأسست سنة 1932) أشهر جامعات أفغانستان، وينتظم فيها قرابة 25 ألف طالب وطالبة في 16 كلية. ثم جامعة ننغرهار، وهي الوحيدة التي تقدم برنامج الدكتوراه في الشريعة والقانون، وجامعة قندهار وجامعة هرات. ويزيد عدد الدارسين في الجامعات الحكومية على 200 ألف طالب وطالبة، وكان يتخرج منها قرابة 60 ألف طالب وطالبة سنويا في التخصصات المختلفة.
أما الجامعات الخاصة فيبلغ عددها 126 جامعة، منها 70 جامعة في العاصمة كابل، ولبعضها فروع في بعض المحافظات، من أشهرها الجامعة الأميركية التي أغلقت مع سيطرة طالبان على كابل، وجامعة السلام، وجامعة الدعوة، وجامعة كاردان، وجامعة خاتم النبيين.
الخوف من مستقبل مجهول
إغلاق الجامعات لفترات ليست بالقصيرة أربك حسابات الكثير من الشباب الأفغاني، الذي كان قد برمج مسيرته الأكاديمية للانتهاء مبكرا من الدراسة في مختلف الدرجات العلمية.
ومن هؤلاء الشاب العشريني أحمد سليم الذي التحق بكلية الاقتصاد في جامعة ننغرهار قبل عامين، وكان يأمل أن يحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد قبل أن يبلغ 30 عاما.
يقول سليم للجزيرة نت "أهدر إغلاق الجامعات مدة طويلة جزءا من عمري وحلمي بإكمال المرحلة الجامعية في 4 سنوات كما هو المقرر، وأردت أن أذهب إلى إحدى الجامعات العالمية في الخارج لنيل شهادة الماجستير وبعدها الدكتوراه، ولكن تأخر تحقق حلمي وتطبيق خطتي".
حالة سليم لم تكن فريدة، بل تكررت مع كل طالب وطالبة في مرحلة الجامعة، ممن لم يستطيعوا الخروج من أفغانستان، ولم يتمكنوا من الحصول على منحة دراسية أو تحمل تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة، رغم أن الجامعات الخاصة خفضت رسومها الدراسية بنسبة 50% للملتحقين الجدد و20% للطلاب القدامى.
أما وحيد الله -وهو طالب في السنة الرابعة بجامعة سيد جمال الدين الأفغاني في كلية التعليم والتربية بمحافظة كونر شرق أفغانستان، فيقول في حديثه للجزيرة نت "كنت أتمنى أن أكمل دراستي وأتخرج في الموعد المحدد وبعد ذلك أتزوج، انتظرت شهورا بلا دراسة ولا عمل، وأخيرا قررت الزواج، وتزوجت فعلا؛ لأن الانتظار لفتح أبواب الجامعات قد طال".
نسوا ما درسوا
وأثر إغلاق الجامعات مدة طويلة على معنويات وحماس الطلبة. تقول الطالبة بروانه، وهي في كلية الزراعة بجامعة سيد جمال الدين الأفغاني -للجزيرة نت- "أنا وزميلاتي يائسات من الوضع الراهن للتعليم العالي في بلدنا، وقد نسينا جميع ما درسنا بسبب الانقطاع الطويل".
ومن جانبها تقول مريم شيرين، وهي في الفصل الأول في كلية الاقتصاد بالجامعة نفسها -للجزيرة نت- "انقطاع الدراسة لمدة طويلة أثرت علينا سلبا، لأننا تأخرنا عن الدارسة، ومضى وقتنا عبثا، ونسينا ما درسنا. كانت أمنيتنا الوحيدة أن تفتح أبواب الجامعة بالسرعة الممكنة".
إلا أن طلبة آخرين لم يتوقفوا عند إغلاق الجامعات، فباشروا أعمالا خاصة في مجال التعليم، كما فعل "حضرت حكيم" الطالب في كلية التعليم والتربية، فقد أسس مركزا للتعليم قرب بيته لتدريس طلاب الابتدائية والثانوية اللغة الإنجليزية والهندسة.
وآخرون استغلوا وقتهم في أعمال أخرى مثل التجارة والعمل على سيارات الأجرة أو "توك توك" في مناطقهم لكسب لقمة العيش، في حين ترك آخرون الدراسة وغادروا البلد بطرق غير قانونية إما إلى البلدان المجاورة أو قاصدين الدول الأوروبية.
الآثار السلبية في المستقبل
يتحدث "مدثر إسلامي" المتخصص في مجال التعليم والتربية -للجزيرة نت- عن الآثار السلبية لإغلاق الجامعات، فيقول "من أكبر الآثار السلبية للتأخير في تخرج الطلاب في السنة الأخيرة؛ عدم قدرة الجامعات على استقبال الدفعة الجديدة من الطلبة، فضلا عن ضياع سنة كاملة لهؤلاء الطلاب، كما أن إبقاء الطلاب في بيوتهم دون دراسة ينعكس سلبا على نفسياتهم، ويضعف تحصيلهم العلمي في تخصصاتهم".
ويتفق "هاشم أمين" أستاذ جامعة التعليم والتربية في كابل مع إسلامي في كثير من الآثار السلبية لانقطاع الدراسة، في حديثه للجزيرة نت، ويضيف "أن الحماس والاندفاع للدراسة الجامعية يضعف لدى الطلبة، وهذا من أكبر الآثار السيئة التي تهدد التعليم العالي في المستقبل".
أما الدكتور نجيب صالح، أستاذ كلية الشريعة والقانون في جامعة ننغرهار، فيرى: "أن من الآثار السلبية لإغلاق أبواب الجامعات خلق حالة اليأس لدى الشباب حول مستقبلهم التعليمي، ولذلك رأينا الآلاف من الشباب خرجوا من البلد، ليس فقط لأجل المشاكل الاقتصادية والأمنية، ولكن كثيرا منهم تركوا البلد بسبب إغلاق أبواب الجامعات".
ويضيف صالح متحدثا للجزيرة نت أن "طول فترة إغلاق الجامعات أخر أفغانستان عن المنافسة مع البلدان الأخرى في الميادين العلمية المختلفة".
لماذا طال إغلاق الجامعات؟
حكومة طالبان بررت إغلاق الجامعات طوال الفترة الماضية بالأزمة الاقتصادية التي بدأت بها الحركة حكم أفغانستان لأسباب خارجية، نظرا لأن التعليم في أفغانستان من الابتدائية وحتى المرحلة الجامعية مجانا بشكل كامل، ولم يكن في مقدور الحكومة الجديدة تشغيل المساكن الطلابية، وتوفير الخدمات لهم من طعام وكهرباء وغيرها، بحسب ما جاء على لسان المولوي عبد الباقي حقاني وزير التعليم العالي في حديثه مع الإعلام.
ويتفق مدثر إسلامي مع وزير التعليم العالي الأفغاني، ويضيف أن هناك سببا آخر وهو حرص حركة طالبان على أسلمة الجامعات، فالحكومة لا تجيز الاختلاط بين الذكور والإناث في الفصول، وهذا الفصل لم يكن ممكنا بشكل سريع؛ لأن المباني الموجودة لا تفي بهذا الغرض، فلذلك بقيت الجامعات مغلقة حتى تتوفر الفصول الدراسية المناسبة لعملية الفصل بين الجنسين"، وهذا ما تحقق الآن بتحديد أوقات مستقلة لكل منهما.