مع بدء العد التنازلي لانتخابات تونس.. نواب سابقون يقاضون قيس سعيد دوليا

Ahead of parliamentary elections in Tunisia
الدعاية الانتخابية لمرشحي الانتخابات التشريعية في تونس ما تزال باهتة بسبب غياب الأحزاب عن المنافسة (الأناضول)

تونس- بالتزامن مع بدء العد التنازلي لإجراء الانتخابات التشريعية التي دعا إليها الرئيس التونسي قيس سعيّد والمقررة في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن الأربعاء 3 نواب من البرلمان التونسي السابق رفع دعوى قضائية إلى "المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" لتأجيل الانتخابات المقبلة.

وجاء في بيان نشره النائب عن حركة النهضة فتحي العيادي، والنائب عن حزب "قلب تونس" أسامة الخليفي، والنائب سفيان المخلوفي عن التيار الديمقراطي، أنهم قرروا اللجوء إلى القضاء الدولي ممثلا في "المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" بمقتضى عضوية تونس فيها بهدف تأجيل الانتخابات.

وتضمن البيان -الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه- مطالب عدة أخرى منها: دعوة الدولة التونسية لتعليق تنفيذ المرسوم (55) لسنة 2022 والمتعلق بقانون الانتخابات الذي عدّله الرئيس، ودعوتها إلى العودة إلى اعتماد القانون الأساسي عدد (16) لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء.

الرئيس التونسي قيس سعيد يمضي قدما في تنظيم الانتخابات التشريعية رغم مقاطعتها من أغلب الأحزاب/القصر الرئاسي/العاصمة تونس/نوفمبر/تشرين الثاني 2022 (صفحة رئاسة الحكومة)
قيس سعيد يمضي قدما في تنظيم الانتخابات التشريعية رغم مقاطعتها من أغلب الأحزاب (صفحة رئاسة الحكومة)

تدخلات المحكمة وصلاحياتها

وكانت "المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" قد أصدرت في 22 سبتمبر/أيلول الماضي حكما، في سابقة هي الأولى من نوعها، ضد إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد، وطالبته بالعودة للديمقراطية الدستورية وإلغاء عدة مراسيم، وسط اتهامات من المعارضة ضد الرئيس "بالانقلاب على الشرعية".

وجاء ذلك في حكم أصدرته المحكمة إثر دعوى رفعها المحامي التونسي إبراهيم بلغيث وفق نص الحكم الذي نشرته المحكمة على موقعها الإلكتروني. وطالبت المحكمة بإلغاء الأمر الرئاسي رقم (117) الصادر في 22 سبتمبر/أيلول 2021 والذي يعطي للرئيس صلاحيات واسعة لحكم البلاد بمراسيم رئاسية.

إعلان

والمحكمة الأفريقية محكمة قارّية أُنشئت وفق بروتوكول بين 32 دولة أفريقية عام 1998 دخل حيز التنفيذ في 2004. وأودعت 8 دول أفريقية فقط (بينها تونس) لدى المحكمة إعلانات الاعتراف باختصاصها في تلقي قضايا مباشرة من المنظمات غير الحكومية والأفراد.

ودخلت تونس في أزمة سياسية حادة بعد الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 والتي قام بموجبها بحل البرلمان وتعليق العمل بالدستور ورفع الحصانة عن النواب وإقالة الحكومة السابقة. وقد انقسم التونسيون بين مرحب بتلك الإجراءات ومعارض لها.

ويرى أنصار الرئيس قيس سعيد أن التدابير الاستثنائية التي اتخذها كانت ضرورية لتصحيح مسار الثورة، معيبين على الطبقة السياسية التي حكمت البلاد قبل نحو عام ونصف العام وعلى رأسها حركة النهضة "عدم الاكتراث بتحقيق أهداف الثورة والاكتفاء بتقاسم السلطة لتحقيق مصلحتها الحزبية الضيقة".

وقد وضع الرئيس قيس سعيد خارطة طريق لتأسيس مسار سياسي جديد على أنقاض الفترة التي سبقت تاريخ 25 يوليو/تموز 2021، حيث قام بصياغة دستور جديد غيّر به النظام من برلماني إلى رئاسي، ثم عدّل قانون الانتخابات ليصبح نظام الاقتراع على الأفراد بدلا من القوائم الحزبية.

حماية الديمقراطية

وحول دوافع التوجه للمحكمة الأفريقية، قال النائب أسامة الخليفي عن التيار الديمقراطي إن الخطوة تهدف إلى حماية المسار الديمقراطي من محاولات التفرد بالحكم والعودة بالبلاد إلى مربع الدكتاتورية والاستبداد.

واتهم الخليفي في حديث للجزيرة نت، الرئيس قيس سعيد بفرض مسار انفرادي وسياسة الأمر الواقع عبر المضي قدما في تنظيم انتخابات تشريعية صورية، داعيا مختلف القوى السياسية لمقاطعة المشاركة فيها من أجل عدم إضفاء أي شرعية قانونية على مسار الرئيس.

إعلان

وترشح للانتخابات التشريعية المقبلة 1058 فردا منهم 936 رجلا و122 امرأة (12%). وسيتشكل البرلمان المقبل الذي سيستمر لولاية تدوم 5 سنوات، من 161 نائبا بعدما كان مكونا في الانتخابات الماضية من 217.

واللافت أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستجري وسط مقاطعة أبرز الأحزاب السياسية كحركة النهضة الإسلامية صاحبة الأغلبية البرلمانية السابقة وخصمها الأيديولوجي الدستوري الحر وأحزاب وسطية كالتيار الديمقراطي وأخرى يسارية كحزب العمال.

ولم يتبق على انتهاء الحملة الانتخابية التي انطلقت في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي سوى أسبوع واحد، وحتى الآن لم تشهد الدعايات الانتخابية أي تحسن بل على العكس من ذلك بقيت حالة الركود والبرود طاغية على أجوائها.

انتخابات بلا لون

واقتصرت أنشطة المترشحين للانتخابات التشريعية على اللقاءات الضيقة في المقاهي أو الأسواق أو الاستعراضات الفلكلورية الشعبية كركوب الخيل أو الرقص على الطبل والمزمار في بعض الجهات، وهو ما جعل بعض المترشحين مصدرا للتندر والسخرية.

ويقول رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات بسام معطر إن أحد أبرز الأسباب التي جعلت الحملة الانتخابية باهتة وبلا أي زخم هو أنها تجرى لأول مرة وفق قانون انتخابي على الأفراد بدلا من القوائم الحزبية أو المستقلة كما كان في انتخابات 2019 و2014 و2011.

ولا يستبعد معطر أن تشكو الانتخابات التشريعية المقبلة من عزوف قياسي في المشاركة من قبل الناخبين نظرا لعدة معطيات أبرزها تدهور أوضاعهم الاجتماعية وانهماكهم بمباريات كأس العالم وعدم وثوقهم في مسار الانتخابات التي لم تحسن مطلقا معيشتهم.

ويعاني التونسيون منذ فترة من غلاء الأسعار واضطراب توزيع الأدوية والخبز ومن نقص حاد وغير مسبوق في بعض المواد الأساسية كالحليب والقهوة والسكر. فيما تستعد أطراف سياسية ومجتمعية للتظاهر غدا وبعد غد -9 و10 ديسمبر/كانون الأول الجاري- احتجاجا على تردي الأوضاع واستمرار الأزمة.

إعلان

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة عمالية قد دعا إلى تأجيل الانتخابات المقبلة رافضا المضي قدما في هذا المسار السياسي، معتبرا أن الانتخابات المقبلة بلا لون أو طعم. كما عبر عن رفضه لأي مسار حكومي من شأنه أن يلغي الدعم الحكومي على السلع الاستهلاكية.

المصدر : الجزيرة

إعلان