مخطط انقلابي من العيار الثقيل.. هل نجت ألمانيا من سيناريو الكونغرس الأميركي؟
تتعدد قراءات المحللين والخبراء لحيثيات وخلفيات ما وصفته السلطات الأمنية في ألمانيا بالمخطط الانقلابي الذي وقع اليوم الأربعاء وكان يستهدف الاستيلاء على السلطة، بحسب الادعاء العام الألماني.
ووفق الادعاء العام الألماني، فقد كان المتهمون يخططون لاقتحام البرلمان والاستيلاء على السلطة، وتنفيذ هجمات مسلحة على مؤسسات تشريعية ألمانية أخرى، وكشف أن المتهمين شكلوا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021 تنظيما إرهابيا لمحاربة مؤسسات الدولة وممثليها، مشيرا إلى أن عدد من جرى اعتقالهم وصل إلى 25 شخصا، جميعهم أعضاء في ما وصفه بالتنظيم الإرهابي، اثنان منهم زعيمان في التنظيم.
وقالت السلطات الألمانية إنها تعاملت بحزم مع المخطط، إذ نفذت الشرطة عمليات دهم واسعة شملت 11 ولاية ألمانية، وشارك فيها 3 آلاف من أفراد وحدات النخبة في جهاز مكافحة الإرهاب.
ورفض الخبير في المجموعات اليمينية الألمانية المتطرفة ياهو فونكه في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" وصف ما حدث بأنه محاولة انقلاب عسكري، بل اكتفى بالقول إنها أعمال محدودة لمجموعات صغيرة تخيلت أنها تقوم بانقلاب.
وقال فونكه إن ألمانيا دولة ديمقراطية تستطيع الدفاع عن نفسها، وهي ليست في وضع الولايات المتحدة، في إشارة إلى الهجوم على الكونغرس الأميركي من قبل أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب.
تبعات الحرب الروسية الأوكرانية
بدوره، ربط الخبير في الشؤون الألمانية والأوروبية منصف السليمي في قراءته حيثيات ما حصل في ألمانيا بتنامي المد اليميني المتطرف، واستغلاله حالة الغضب العامة من ارتفاع تكاليف المعيشة وأزمة الوقود وانقطاع الغاز بسبب تبعات حرب روسيا على أوكرانيا.
وفي حالة ألمانيا -يتابع السليمي- لا يدور الحديث عن سيناريو انقلاب مثلما يحدث في الدول غير الديمقراطية، وإنما عن تخطيط لاستهداف مؤسسات سياسية كما حصل في واشنطن، مؤكدا أن هذا السيناريو بات ملحوظا في ظل تنامي التيارات الشعبوية وفي ظل الأوضاع المعيشية الصعبة على خلفية حرب أوكرانيا وجائحة كورونا وموجة تدفق اللاجئين على أوروبا وألمانيا، وهي الأوضاع التي تستغلها الجماعات اليمينية المتطرفة لإحداث القلاقل.
ويذهب مراقبون إلى أن الدول الغربية والأوروبية ركزت بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على ما تسميه الخطر الإسلامي، وأغفلت الخطر الذي تمثله الجماعات اليمينية المتطرفة، وقد تبين أن بعض الأعمال التي استهدفت اليهود في دول غربية كان يقف وراءها متطرفون يمينيون، كما أوضح الخبير في الشؤون الألمانية والأوروبية.
ووفق السليمي، فقد تأسست "حركة مواطني الرايخ" -التي قال الادعاء العام الألماني إن أعضاء منها كانوا يخططون لاقتحام البرلمان والاستيلاء على السلطة- منذ 40 عاما وكانت تنشط كمجموعات صغيرة قدرت أجهزة الاستخبارات الألمانية عدد أعضائها بـ21 ألفا، وتشير التقارير إلى أن هذه المجموعة بدأت ترتكب أعمال عنف خلال السنوات الأربع أو الخمس الأخيرة.
وتتبنى "حركة مواطني الرايخ" أفكارا يمينية، ولا يعترف أتباعها بالجمهورية الألمانية الحديثة التي تأسست بعد انهيار النازية عقب الحرب العالمية الثانية.
ويتهم "مواطنو الرايخ" جمهورية ألمانيا الاتحادية -التي تأسست عام 1949- بأنها أُسست بصورة غير قانونية، ويعترف أغلب المنتسبين للحركة بحدود ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية، والتي تضم أجزاء من بولندا وفرنسا.