علی وقع مظاهرات مهسا.. إيران تحتفي بيوم الطالب الجامعي والمحتجون يستلهمون التجربة
طهران- تُحيي إيران اليوم الأربعاء الذكرى الـ70 لأولى إرهاصات ثورتها ضد النظام البهلوي السابق، ودور الجامعات وطلبتها في انتفاضة عام 1953 التي أسست لمرحلة جديدة من تاريخ البلاد الحديث.
ويحلّ "يوم الطالب الجامعي" في إيران هذا العام، بعد مرور أكثر من شهرين على انطلاق الحراك الاحتجاجي على وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما)، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، إثر توقيفها من جانب "شرطة الأخلاق" في طهران بحجة عدم التزامها بارتداء لباس محتشم.
اقرأ أيضا
list of 1 itemواستبقت مجموعات شعبية وطلابية المناسبة هذا العام، بنشر دعوات لتصعيد الاحتجاجات المناهضة وتنظيم إضرابات وعصيان مدني على مستوى البلاد خلال أيام 5 و6 و7 ديسمبر/كانون الأول الجاري. ولقيت هذه الإضرابات تفاعلا نسبيا في مراكز التسوق الواقعة بالمناطق الشمالية من العاصمة طهران دون المناطق الجنوبية منها.
وشهد الحرم الجامعي في عدد من جامعات العاصمة، مثل "شريف الصناعية" و"أمير كبير" وجامعة طهران و"العلامة الطباطبائي"، تجمعات طلابية تخللتها هتافات مناوئة للنظام في إيران، كما شهدت مناطق وأحياء مختلفة في طهران تجمّعات ليلية عشية يوم الطالب الجامعي تأكيدا على استمرار الحراك الاحتجاجي.
يوم الطالب.. عودة إلى الخمسينيات
ويعود سبب تسمية السابع من ديسمبر/كانون الأول بيوم الطالب الجامعي في إيران، إلى أولى إرهاصات الثورة الإيرانية ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوي والتظاهرات التي نظمها طلبة جامعة طهران عام 1953 احتجاجا على زيارة مساعد الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، إلى طهران.
وكان الإيرانيون آنذاك يتهمون الولايات المتحدة بالتآمر مع النظام البهلوي في انقلاب 1953 الذي أطاح بحكومة محمد مصدق التي شكلت عقب الثورة الدستورية.
وردّت قوات الأمن البهلوية على تظاهرات الطلبة الجامعيين بقبضة من حديد، ما أدى إلى مقتل 3 منهم (أحمد قندجي ومهدي شريعت رضوي ومصطفى بزرك نيا) وإصابة واعتقال مئات آخرين، لتتحول المناسبة إلى بداية فصل جديد من تاريخ إيران الحديث.
وعقب انتصار الثورة الإيرانية بنهاية السبعينيات، أقرّت الجمهورية الإسلامية هذه المناسبة يوما وطنيا للطالب الجامعي في التقويم الإيراني يتم إحياؤه سنويا بحضور الرئيس الإيراني في إحدى الجامعات الحكومية.
إلا أن الاحتفالات لا تخلو من انتقادات الحركة الطلابية التي أضحت تشكل ثقلا وازنا في انتخاب الرؤساء الإيرانيين، وتجمعات مناهضة لسياسات الطبقة الحاكمة.
حاضنة التحولات السياسية والاجتماعية
وتحول الحراك الطلابي منذ ذلك الحين إلى محرك أساسي في استقرار النظام السياسي في إيران أو اهتزازه، إلا أنه تعرض للتهميش منذ حقبة أحمدي نجاد الأولى، وذلك بعد أن لمع نجمه في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، كما يقول الأكاديمي الإيراني فاضل خميسي.
ويصف خميسي -في حديثه للجزيرة نت- الجامعات بأنها الحاضنة الأساسية لأي تحول سياسي أو مجتمعي في إيران خلال القرن الماضي، مؤكدا أن طلاب الجامعات أخذوا مهمة توجيه المجتمع على عاتقهم وقد نجحوا بشكل نسبي في الضغط على السلطات الحاكمة، "إلا أن الثنائية النابعة عن انتماء الحراك الطلابي للتيارات اليمينية واليسارية قد حرفت الحراك عن أهدافه الحقيقية".
وأوضح، أنه خلافا للانفتاح السياسي الذي تمتع به الحراك الطلابي إبان حقبة الإصلاحات، فإن حكومة أحمدي نجاد المحافظة عملت على مصادرة الحراك الطلابي اليساري "تحكيم وحدت"، وأنشأت جناحا جديدا مواليا لها.
ووصف الأكاديمي الإيراني، حقبة الرئيس حسن روحاني بأنها مدّت الحراك الطلابي بجرعة منشطة حالت دون وفاته نهائيا، موضحا أن الحراك هذه الأيام يتسم بالتطرف حيث تجاوز الخطاب الذي دأب عليه خلال العقود الماضية.
وخلص خميسي إلى أن السياسة أضحت تطغى على الجانب العلمي في الجامعات الإيرانية هذه الأيام، عازيا السبب إلى التضييق السياسي وإلغاء دور الأحزاب السياسية باعتبارها الوسيط والمتحدث الحقيقي باسم المجتمع.
بين التأييد والمطالبة بالإطاحة بالطبقة الحاكمة
وبالمناسبة، استطلعت الجزيرة نت آراء عدد من طلاب جامعة طهران وسط العاصمة الإيرانية؛ والتي تفاوتت بين الاستماتة في الدفاع عن الجمهورية الإسلامية وتأييدها على صعيدي السياسة الداخلية والخارجية، وبين أخرى رجّحت الخطاب المعتدل معترفة بوجود أخطاء -لا سيما في مجال معيشة المواطن والحريات الشخصية- والمطالبة بتصحيح المسار. في حين أن شريحة لا يُستهان بها من الطلبة لا ترى سبيلا لإنقاذ البلاد إلا بالإطاحة بالطبقة الحاكمة.
من جانبه، تحدث محمد أمين (22 عاما) عضو هيئة التعبئة الطلابية التابعة للحرس الثوري عن "حرب ناعمة وأعمال شغب حضّرت لها غرف عمليات أجنبية، وأخرى خشنة حيث عملت بعض الدول الأجنبية على إدخال شحنات أسلحة للبلاد"، مؤكدا أن الثورة الإيرانية انتصرت عام 1979 بمساندة الحراك الطلابي الذي اشتد عوده وقويت شوكته بعد 4 عقود، وأنه لن يسمح بضياع دماء الشهداء التي أروت شجرة الثورة.
أما الطالبة سمانة (25 عاما) فتعتقد بضرورة مطالبة الأوساط الأكاديمية بالانفتاح السياسي ومشاركة الأحزاب في إدارة البلاد، مع أخذ تنوع المجتمع الإيراني في أعراقه وتقاليده ومقدساته بالحسبان.
في حين نصح الطالب سامان (19 عاما) زملاءه بالاعتبار من المثل القائل إنه "من جرب المجرّب حلت بها الندامة"، ورأى أنه من واجب الحراك الطلابي قيادة المجتمع نحو التحرر النهائي، على حد قوله.