اعتبرته ضربة لاستقلال القضاء.. ردود فعل غاضبة للمعارضة التونسية بعد اعتقال علي العريّض

تونس- تصاعدت ردود الفعل الرافضة لقرار قاضي التحقيق بالإيقاف التحفظي في حق رئيس الحكومة التونسية السابق ونائب رئيس حركة النهضة علي العريّض، وذلك فيما يعرف بملف تسفير مقاتلين لبؤر التوتر في سوريا.
والعريّض هو أحد أبرز قيادات الصف الأول بحركة النهضة، وقد حكم عليه في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي 14 عاما سجنا أمضى 11 عاما منها في السجن الانفرادي، وبعد الثورة تقلد منصبي وزير الداخلية ورئيس الحكومة.
وانطلق التحقيق مع العريّض في قضية تسفير الشباب لبؤر التوتر بسوريا في 19 سبتمبر/أيلول الماضي وشمل 817 متهما، منهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ومسؤولون أمنيون سابقون وأئمة ورجال أعمال وغيرهم.
وجرى استنطاق كل من رئيس الحكومة السابق ورئيس حركة النهضة لساعات طويلة أمام قضاة التحقيق، لكن يتم الإفراج عنهما في كل مرة، في وقت تصف فيه حركة النهضة هذه القضية بالمفبركة والمفتعلة لاستهداف قياداتها.
وأمس الاثنين أعيد استجواب علي العريّض لنحو 12 ساعة في القضية ذاتها قبل أن يقرر قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب إصدار بطاقة إيداع بالسجن بحقه.
وكان علي العريّض قد صرح سابقا حول هذه القضية بأن اتهام حركة النهضة وقياداتها بالضلوع فيها هو استهداف لشخصه ولحزبه لأسباب تتعلق بالعداء الأيديولوجي ولإلهاء الرأي العام عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد أنه لما كان رئيسا للحكومة في 2013 صنف تنظيم أنصار الشريعة المتشدد تنظيما إرهابيا، مشيرا إلى ضلوع هذا التنظيم في عمليات إرهابية وفي ترحيل الشباب إلى بؤر التوتر.

التغطية على الفشل
وحول اعتقال رئيس الحكومة السابق، قال البعض على منصات التواصل إن قاضي التحقيق الذي استجوب العريض قد خضع لضغوط من السلطة حتى يحيد عن استقلاليته، معتبرين أن سبب الزج بالعريّض في السجن هو التغطية على فشل الرئيس قيس سعيد بالانتخابات التشريعية.
في حين علق آخرون أن إيقاف العريّض في ملف التسفير لا معنى له، على اعتبار أن مسؤوليته الشخصية والجنائية المباشرة في هذا الملف تكاد تكون منعدمة لأنه كان رئيسا للحكومة في 2013.
ويؤكد سمير ديلو، محامي نائب رئيس حركة النهضة، للجزيرة نت أن الاتهامات الموجهة لموكله فيما يعرف بقضية التسفير "مفبركة"، وأن الغاية من سجنه صرف الأنظار عما وصفها بفضيحة الانتخابات.
وكانت المعارضة التونسية قد استهزأت بنسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي بلغت 11.22%، وهي الأضعف على الإطلاق بعد ثورة 2011، واعتبر ذلك صفعة مدوية لمشروع الرئيس قيس سعيّد.
ويعتبر ديلو أن ملف التسفير لا يتضمن أي مؤيدات قانونية ضد علي العريّض، مؤكدا أنه ملف وقع تضخيمه من حيث عدد المتهمين دون أن يتضمن أدلة واضحة، وأن الغاية منه استهداف رموز حركة النهضة.
قضاء غير مستقل
وقال النائب السابق عن حزب ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف للجزيرة نت إن اعتقال القيادي البارز بحركة النهضة ردة فعل من الرئيس سعيّد على المقاطعة الشعبية للانتخابات التشريعية.
ويضيف "بدلا من أن يعود الرئيس لرشده بعد فضيحة الانتخابات لفتح حوار وطني لبحث حل للأزمة، يواصل قائد سلطة الانقلاب الهروب للأمام بفبركة ملفات قضائية مفتعلة لتصفية حساباته مع خصومه"، وفق تعبيره.
ويرى مخلوف أن القضاء التونسي بسبب تكرر إحالة المعارضين لم يعد مستقلا وأنه بات في يد الرئيس ووزيرة العدل، مشيرا إلى أن الرئيس ردد في كثير من المرات أن القضاء وظيفة وليس سلطة قائمة بحد ذاتها.
من جانب آخر، قال زعيم جبهة الخلاص المعارضة نجيب الشابي للجزيرة نت إن إيقاف نائب رئيس حركة النهضة يعكس الحالة "الهستيرية" التي دخل فيها الرئيس قيس سعيّد بعد النسبة المتدنية للمشاركين في الانتخابات.
وأضاف الشابي أن القضية المرفوعة ضد علي العريّض لا تتوفر فيها شروط المعادلة الحاكمة، مؤكدا أن الإبقاء عليه في حالة تحفظ هو محاولة للتنكيل به وتخويف للمعارضين الذين يسعون للدفاع عن الحرية.
وتضم جبهة الخلاص أحزابا معارضة، أكبرها وزنا حركة النهضة التي كانت الأكثر تمثيلا في البرلمان المنحل، وقد دعت لمقاطعة الانتخابات التشريعية التي جرت السبت الماضي، في حين اتهمها بعض مؤيدي الرئيس بلعب دور سيئ لإفشال الانتخابات.
وطالبت حركة النهضة بالإفراج عن نائب رئيسها، معتبرة أن اعتقاله يندرج في سياسة تشويه رموز الحركة ومحاولة يائسة من السلطة للتغطية على ما وصفته بالفشل الذريع في الانتخابات التشريعية التي قاطعها نحو 90% من الناخبين.
في المقابل، لم تتفاعل أغلب الأحزاب السياسية مع مسألة اعتقال العريّض ولم يتسن للجزيرة نت الحصول على تصريحات منها.