فيكتور بوت.. من هو "تاجر الموت" الذي تمكّن الكرملين من إطلاق سراحه مؤخرا؟

مجلة نيوزويك الأميركية قالت إن فيكتور بوت تاجر أسلحة روسي يقضي حاليا عقوبة بالسجن لمدة 25 عاما في سجن بولاية إيلينوي (غيتي)

يتساءل بعض المؤمنين بنظريات المؤامرة عما إذا كان الهدف الرئيسي من الغزو الروسي لأوكرانيا هو استعادة الجاسوس الروسي فيكتور بوت المعتقل في أميركا؟

ولا شك أن هذا الطرح فيه كثير من المغالاة، ولكنه يعكس مدى أهمية تاجر السلاح الروسي الملقب بـ"تاجر الموت" بالنسبة للكرملين، الذي تمكن من إخراجه من السجون الأميركية مؤخرا مقابل الإفراج عن لاعبة كرة السلة الأميركية بريتني غرينر التي كانت معتقلة في روسيا. فمن فيكتور بوت، ولماذا توليه موسكو كل هذه الأهمية؟

غموض

موقع ميديابارت (Mediapart) الفرنسي نشر تقريرا عنه أعده مراسله أنطوان بيرو، أشار فيه إلى أن السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنتونوف أصر على تقديم تحية احترام للسجين المهيب، وانتقد "الضغوط الجسدية والمعنوية القوية" التي مورست عليه من قبل سجانيه، وخاطبه قائلا "لقد تحملت هذا بكرامة، ويسعدني بصدق أن جهود روسيا للإفراج عنك قد كللت بالنجاح أخيرا".

ولد فيكتور بوت في عام 1967، ولكن مسقط رأسه يحيطه بعض الغموض، فقد قيل إنه ولد في طاجيكستان، فيما صرح هو نفسه بأنه ولد في تركمانستان، ويشير تقرير صادر عن المخابرات في جنوب أفريقيا إلى أنه ولد في أوكرانيا.

ويُرجع تقرير ميديابارت تضارب الأنباء بشأن مسقط رأسه إلى التلاعب بجوازات السفر والأسماء المستعارة التي استخدمها مما صعّب من مهمة كاتبي سيرته الذاتية، دوغلاس فرح وستيفن براون، اللذين أجريا تحقيقا عنه نشر بعنوان "تاجر الموت.. المال والبنادق والطائرات والرجل الذي يُسهّل الحرب".

البداية من سلاح الاتحاد السوفياتي المنهار

وبغض النظر عما إذا كان عميلا سريا أم لا، فإن فيكتور بوت استفاد كثيرا من انهيار الاتحاد السوفياتي، فبعد توقف الأسطول الجوي للجيش الأحمر، بُعث بوت -الذي كان شابا في الـ25 من العمر حينها- من رماد الكارثة، فاحتل السماء عندما اشترى 3 طائرات مقابل 120 ألف دولار وبدأ في الشحن إلى الدانمارك وأفريقيا، أو قيل إن المديرية العامة للاستخبارات العسكرية هي من أعطته الطائرات مقابل خدمات ومهام مستقبلية.

كان بوت يتاجر بأنواع البضائع القانونية وغير القانونية، فقد كان ينقل الدجاج المجمد والأسلحة والذخيرة التي يشتريها من ترسانات السلاح الروسي في لينينغراد، حيث كان من السهولة بمكان رشوة عناصر جيش الاتحاد السوفياتي المستعدين للبيع لمن يدفع أكثر. وكان من بين عملاء بوت الذين يزودهم بالسلاح بعض الأنظمة الدكتاتورية الرسمية وبعض حركات التمرد في كل من أميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا، وفق تقرير ميديابارت.

ونقل تقرير الموقع عن عضو سابق في مجلس الأمن القومي في واشنطن، كان يتتبع فيكتور بوت منذ نهاية التسعينيات، قوله لمؤلفي كتاب "تاجر الموت" إن بوت "كانت لديه أفضل شبكة لوجيستية في العالم"، ليتحول من مهرب صغير إلى تاجر يملك نحو 50 طائرة وشركة مقرها الشارقة في الإمارات، ومن هناك استمر في مقايضة السلاح بالماس وغيره من المعادن الثمينة.

وأبرز التقرير أن بوت كان يوفر السلاح لزبائنه من السودان إلى كولومبيا، مرورًا بسيراليون، وكان بإمكانه كسر العقوبات الدولية في غمضة عين، وتوفير بنادق الكلاشينكوف وقاذفات الصواريخ والمركبات العسكرية المدرعة والصواريخ والمروحيات القتالية إلى مناطق التوتر.

فضيحة أميركية

في عام 2004، اكتشفت واشنطن من خلال معلومات سربتها الصحافة البريطانية، أنها كانت تتعامل مع فيكتور بوت الذي تلاحقه أجهزتها السرية، بشكل مباشر أو من خلال مقاولين وسطاء في إطار صفقة موقعة معه قيمتها 60 مليون دولار، حين كانت تعيد بناء العراق بعد حرب الخليج الثانية الكارثية عام 2003.

كانت الفضيحة ضخمة، بحيث أصبح فيكتور بوت هو العدو الأول الذي تطارده الولايات المتحدة، بعد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وتمكنت الولايات المتحدة من القبض على فيكتور بوت في عام 2008 من خلال فخ نصبه له عملاء أميركيون من إدارة مكافحة المخدرات، قدموا له أنفسهم بصفتهم مقاتلين كولومبيين مشاركين في حرب العصابات في بلدهم. وتمكنوا من القبض عليه ونقله للولايات المتحدة، حيث مثل أمام القضاء وحكم عليه بالسجن 25 سنة في عام 2011.

مثل القبض على بوت إهانة كبيرة بالنسبة للكرملين الذي لا يتخلى عن مواطنيه وفق تقرير الموقع. وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حينها بأن روسيا ستبذل قصارى جهدها لإعادة بوت -الذي وصفه بالمواطن الصادق الذي ذهب ضحية الظلم الأميركي- إلى بلاده.

المصدر : ميديابارت

إعلان