البرلمان التونسي المقبل.. ممن سيتشكل؟ وما صلاحياته؟

قوّض الدستور التونسي الجديد دور البرلمان وحال دون ترشّح قوى سياسية مؤثرة بسبب نظام انتخاب الأفراد (الأوروبية)

تونس- يتشكل البرلمان التونسي القادم -الذي سيتم انتخاب نوابه في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري لولاية تمتد 5 سنوات- من 161 مقعدا، بعدما كان يضم 217 مقعدا.

ويتنافس في الانتخابات التشريعية المقبلة -التي تجرى بنظام الاقتراع على الأفراد- 1058 مترشحا؛ منهم 936 رجلا و122 امرأة (12%)، وهو ما يعد تراجعا ملحوظا في مشاركة النساء المترشحات.

ويعود هذا التراجع إلى القانون الانتخابي الذي صاغه الرئيس قيس سعيّد؛ إذ أدى اعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد إلى إلغاء مبدأ التناصف الذي كان موجودا بين الجنسين.

سيدة تونسية تدلي بصوتها في انتخابات سابقة (رويترز)

طبيعة الترشيحات

وتصدّر قائمة المترشحين للانتخابات البرلمانية القادمة موظفو وزارة التربية (273 مترشحا من جملة 1058)، يليهم موظفو القطاع العام والمهن الحرة.

في المقابل، تقلص عدد المترشحين من دائرة رجال الأعمال على عكس ما تم تسجيله في الانتخابات السابقة، إذ ترشّح العديد منهم في القوائم الحزبية تحديدا.

وهذا أول برلمان بعد الاستقلال ينتخب بنظام الاقتراع على الأفراد بعدما ألغى الرئيس التونسي بموجب تدابير استثنائية اتخذها في 25 يوليو/تموز 2021 البرلمان السابق.

ونظام الاقتراع على الأفراد -الذي نصّ عليه قيس سعيد بقانونه الانتخابي المعدّل- ألغى ترشّح الأحزاب في قوائم حزبية أو ائتلافية كما كان الأمر في القانون السابق.

وتقاطع أحزاب بارزة -منها حركة النهضة وخصمها الأيديولوجي الحزب الدستوري الحر وأحزاب وسطية وأخرى يسارية- الانتخابات التشريعية، رافضة ما تعدّه "انقلابا".

في حين تؤيد أحزاب صغيرة فقط الرئيس، ورشّحت أفرادا ينتمون لها، وأكبرها وزنا "حركة الشعب" الممثلة في البرلمان السابق بـ15 مقعدا، في حين لم تكن البقية ممثلة سابقا.

وترى المعارضة أن البرلمان سيتشكل ضعيفا ومن أفراد بلا وزن ولا يجمعهم أي برنامج. في حين يقول مؤيدو الرئيس إن البرلمان سيضم كتلا تجمعها رؤى سياسية.

شغور في البرلمان

وبعد انتخابه، لن يكون البرلمان المقبل كامل النصاب من حيث عدد نوابه، ذلك أن 7 دوائر انتخابية بالخارج -ومنها دائرة الدول العربية- لم يتقدم لها أي مترشح.

وسيتعين على البرلمان المقبل في أول جلسة عامة له تسجيل شغور 7 مقاعد، ليقوم إثر ذلك بمراسلة هيئة الانتخابات من أجل الدعوة لانتخابات جزئية.

وسيتطلب تنظيم انتخابات جزئية من هيئة الانتخابات وقتا لإعادة دعوة الناخبين وإجراء ترتيبات جديدة، وقد يستدعي ذلك إعادة تعديل قانون الانتخابات للحد من شروطه.

وكلما حصل شغور في مقعد بالبرلمان المقبل سيتعين على الهيئة تنظيم انتخابات جزئية، في حين كان يُعوّض سابقا بالمرشح الثاني في القائمة الفائزة بالانتخابات.

جانب من تقديم مطالب الترشح للانتخابات التشريعية/مقر فرعي لهيئة الانتخابات/العاصمة تونس/أكتوبر/تشرين الأول 2022
جانب من تقديم مطالب الترشح للانتخابات التشريعية في العاصمة تونس التي سجلت أقل مشاركة للنساء تاريخيا (مواقع إلكترونية)

إمكانية إقالة النواب

ويجري انتخاب البرلمان المقبل وفق قواعد دستور جديد صاغه الرئيس قيس سعيد بنفسه، مستبدلا النظام الرئاسي بالبرلماني، ومضيفا المزيد من السلطات إلى منصب الرئيس.

وخلافا للبرلمان السابق -الذي وفّر حصانة أكثر قوة- فإن نواب البرلمان المقبل معرّضون لخطر سحب الثقة من عُشر الناخبين بدائرتهم الانتخابية إذا أخلّوا بوعودهم.

كما منع الدستور الجديد انتقال النواب بين الكتل البرلمانية، فلم يعد الدستور يسمح بتنقل نائب من كتلة إلى أخرى كما كان سابقا.

ويرى مؤيدو الرئيس أن هذه الإجراءات ضرورية لإعادة السيادة للشعب، ومنع ما يُعرف "بالسياحة الحزبية". ولكن المعارضين يقدّرون أنها ستضعف سلطة النواب.

صلاحيات البرلمان

وفي ما كان البرلمان السابق يوصف بالسلطة ويتمتع بقوة عرض مشاريع القوانين وفقا لدستور 2014، سيصبح البرلمان القادم بموجب الدستور الجديد "مجرد وظيفة".

وأصبح لرئيس الجمهورية حق عرض مشاريع القوانين مع أولوية النظر فيها، في حين أصبح للنواب حق عرض مقترحات القوانين بشرط أن تكون مقدمة من 10 نواب.

وحتى مقترحات القوانين أو مقترحات تنقيح القوانين التي يتقدم بها النواب في البرلمان المقبل لن تكون مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالتوازنات المالية للدولة.

ويقول المعارضون إن البرلمان المقبل سيكون صوريا بلا صلاحيات وأداة وظيفية بيد الرئيس بحكم توسع سلطاته في النظام الرئاسي المنصوص عليه دستوريا.

لكن مؤيدي الرئيس يرون أن البرلمان المقبل سيكون مؤثرا في التوازنات السياسية مع الرئيس، وفي تمرير مشاريع القوانين، وفي مراقبة الحكومة وسحب الثقة منها.

وينصّ الدستور الجديد على أن الرئيس هو من يعيّن الحكومة ويضبط السياسة العامة للدولة ويحدد توجهاتها ويُعلم البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم بها فقط.

في المقابل، كان الدستور السابق لسنة 2014 الملغى ينص على أن الحزب الفائز بأغلبية المقاعد في البرلمان هو من يرشّح رئيسا للوزراء لتشكيل الحكومة.

وينص الدستور الجديد على أن للبرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم (مجلس جديد لم يتشكل بعد) مجتمعيْن معارضة الحكومة في مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم.

لكن الرئيس يختار إما أن يقبل استقالة الحكومة إذا تم توجيه لائحة لوم ثانية لها، أو أن يحلّ مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما.

المصدر : الجزيرة