خبراء للجزيرة نت: هذه سيناريوهات الصراع في باكستان بعد محاولة اغتيال عمران خان

Former Pakistan's Prime Minister Imran Khan sits in a wheelchair after he was wounded following a shooting incident on a long march in Wazirabad, at the Shaukat Khanum Memorial Cancer Hospital & Research Centre in Lahore
يتخوف المحللون من انزلاق باكستان إلى أوضاع خطيرة بعد محاولة اغتيال عمران خان التي جاءت في ظل صراع سياسي طويل تشهده البلاد (رويترز)

إسلام آباد- لا تزال تداعيات محاولة اغتيال رئيس الوزراء الباكستاني السابق وزعيم حزب "إنصاف" عمران خان، مستمرة داخل البلاد، لا سيما عقب إعلانه -في آخر تصريح مصوّر- استمرار المسيرات يوم الثلاثاء المقبل.

في الوقت نفسه، تبحث الحكومة الباكستانية برئاسة شهباز شريف الخيارات القانونية الممكن استخدامها لمقاضاة عمران خان على خلفية اتهامه مسؤولين كبارا بالتخطيط لاغتياله.

وسبق أن وجّه خان اتهامات لشريف ووزير داخليته رانا ثناء الله، والجنرال في المخابرات فيصل نصير، بالتخطيط لمحاولة اغتياله، وهو ما تنفيه الحكومة والجيش.

People chant slogans as they condemn the shooting incident on a long march held by Pakistan's former Prime Minister Imran Khan, in Wazirabad
متظاهرون يحتجون على إطلاق النار على عمران خان أثناء مسيرة لحزبه (رويترز)

ما الإجراءات القانونية التي تسعى الحكومة لاتخاذها ضد عمران خان؟

وفقا لصحيفة "دون" الباكستانية، الأحد، فإن شهباز شريف دعا إلى تشكيل "لجنة قضائية كاملة" للتحقيق في مزاعم خان وبعض قيادات حزبه بأن رئيس الوزراء ووزير الداخلية وضابطا عسكريا كبيرا هم المسؤولون عن محاولة اغتياله في وزير آباد.

وحول الخيارات التي قد تلجأ إليها الحكومة، يقول الخبير القانوني حيدر وحيد للجزيرة نت "يمكن أن يذهبوا إلى حد اتهامه بزرع الفتنة في البلاد، أو ربما التشهير الجنائي كأحد الخيارات الأخرى".

من جهته، يرى رئيس معهد الدراسات السياسية في إسلام آباد خالد رحمن، في حديث للجزيرة نت، أن إعلان رئيس الوزراء إنشاء لجنة قضائية مهم ويظهر أن حكومته لديها هذا الخيار لمتابعة هذا المسار بقوة مع عدد من القضايا قيد النظر سابقا.

أما الصحفي والمحلل السياسي جاويد صدّيق، فلا يرى خيارات كثيرة بالنسبة للحكومة في هذا السياق، إلا إذا فعل عمران خان شيئا آخر مثل التشهير بشكل أوسع بشخصيات من الجيش أو بالجيش كمؤسسة.

ما السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة؟

يقول صدّيق للجزيرة نت، إن هناك حالة من القلق تسود الشارع الباكستاني حول ما هو آتٍ. ويضيف أن أغلب الباكستانيين يعتقدون الآن أن الانتخابات المبكرة هي الحل الوحيد لإنهاء هذا الصراع.

وحول السيناريوهات المتوقعة، يقول صديق إن أبرزها و"التي يأمل الشعب الباكستاني أن تحدث"، هي الحوار بين أصحاب المصلحة السياسيين وبضغط من المؤسسة العسكرية.

واستذكر صديق حالة من الماضي، عندما تفاقم الصراع في التسعينيات بين كل من رئيسي الوزراء السابقيْن نواز شريف وبينظير بوتو، حيث كان للجيش الدور الأبرز في إجبارهما على الحوار وإجراء انتخابات مبكرة.

ورغم أن عمران خان يرى أن الجيش يعمل ضده، يقول صديق، فإن تعيين قائد جديد للجيش خلال الشهر الحالي يمكن أن يغيّر من المعادلة. ويرى المحلل أن أي قائد جديد لن يرضى بهذا الوضع وسيكون حل الصراع السياسي أولوية بالنسبة له.

وهو ما يؤكده مدير معهد الدراسات السياسية خالد رحمن أيضا، الذي قال إن تعيين قائد جديد للجيش سيقود إلى سيناريو جديد ومساحات جديدة لجميع اللاعبين.

ويرى رحمن أن هذه الأحداث ربما تمهد لمرحلة جديدة، "فإذا لم يتحول الوضع إلى صدام مباشر أو أي ترتيب دستوري إضافي، فيجب أن يُنظر إلى الأزمة الحالية على أنها تحرك نحو توازن جديد".

من جهة أخرى، يقول رحمن إن خان لا يتمتع بالدعم المطلق وفقا لآخر الاستطلاعات، ولذلك فنجاحه يكمن في الحفاظ على وتيرة عالية من التصعيد وسيبذل قصارى جهده لاستمرار الحفاظ على زخمه.

ويرى رحمن أنه سيكون من الصعب الاستمرار لفترة طويلة دون أي نجاح حقيقي. ويضيف أن عمران خان لم يكن إصراره على حل الحكومة بل على إعلان موعد الانتخابات، "وهذا ستعلنه الحكومة بعد فترة لحفظ ماء الوجه".

وفي حال فشلت الحلول السلمية، يعتقد المحلل جاويد صديق أن أحد السيناريوهات الأخرى هو انزلاق البلاد إلى حرب أهلية. وقال "إذا لم تُعقد انتخابات مبكرة، أو تم تعطيل الانتقال السلمي للسلطة في البلاد بطريقة أو بأخرى، فإن ذلك سيؤدي إلى حالة من العنف".

Pakistani soldiers from the Special Services Group (SSG) march during the Pakistan Day parade in Islamabad, Pakistan, March 23, 2016. REUTERS/Faisal Mahmood
يعوّل البعض على تغييرات في قيادات الجيش قد تقود إلى الضغط لحلحلة الأزمة السياسية (رويترز)

ما تداعيات الصراع السياسي داخليا وخارجيا؟

لدى سؤالنا صدّيق عن خطورة المرحلة المقبلة، قال إنها ستكون خطيرة ما لم يتم تدارك الوضع، فعندما تقع البلاد في حوادث كهذه، فإن الأمن الداخلي للبلاد يتأثر بصورة سلبية، وذلك يمكن أن يقود إلى حرب أهلية في باكستان.

ويتابع صدّيق أن أعضاء وأنصار حزب "إنصاف" مشحونون بشكل كبير، ولديهم انتماء عظيم لقيادتهم، وبشكل خاص الشباب منهم. كما أن محاولة الاغتيال أثارت مشاعر الكثيرين في أغلب المدن الباكستانية.

ويشير صدّيق إلى تأثيرات من الخارج، حيث يقول إن "أعداء باكستان وعلى رأسهم الهند يستفيدون من هذا الوضع"، وإن الإعلام الهندي يروّج أن باكستان مقبلة على وضع خطير جدا يهدد استقرارها.

وعلى المستوى الاقتصادي، يلفت المحلل إلى تراجع مستمر منذ بداية الأزمة الحالية قبل أشهر، ورغم المحاولات المستمرة لإنقاذ الاقتصاد، فإن باكستان الآن سياسيا واقتصاديا في زاوية صعبة، كما يقول صديق.

من ناحية أخرى، ورغم أن الهجوم على عمران خان أدى بالتأكيد إلى تصاعد سخونة الأزمة السياسة الباكستانية، فإن خالد رحمن يقلل من تأثير ذلك على الواقع باتجاه تغييره.

كيف يمكن تقييم دور الجيش في هذه المرحلة؟

في حين أدان الجيش منذ اللحظة الأولى محاولة الاغتيال، لكنه أبدى استياء كبيرا من محاولة عمران خان الزج بأسماء من المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية التابعة لها في هذا الصراع.

وأصدرت العلاقات العامة للجيش بيانا شديد اللهجة يرفض "مزاعم لا أساس لها وغير مسؤولة" من قبل عمران خان ضد الجيش، وفقا لوسائل الإعلام الباكستانية.

وفي هذا السياق، يقول صدّيق إن الأولوية الكبرى للجيش المسؤول عن الأمن الداخلي والخارجي، هي الاستقرار السياسي داخل البلاد. وفي حال غاب الاستقرار السياسي، فإن مهمة الجيش ستكون أصعب ولذلك يسعى لتهدئة الوضع.

ورغم ذلك، يعتقد المحلل أن المؤسسة العسكرية لديها القدرة على إجبار الأحزاب السياسية على التفاوض وإنهاء الأزمة.

بينما يرى رحمن أن هذه المؤسسة في موقف ضعيف بينما عمران خان الذي يحصل على ذروة دعمه السياسي، يعارضها بصوت عالٍ. وهذا أمر غير مسبوق. ولكنه استدرك أن "التراجع الكامل للمؤسسة العسكرية في هذه المرحلة غير وارد".

المصدر : الجزيرة