بعد إعلان عمران خان حل حكومتين إقليميتين.. ما مستقبل الأزمة السياسية في باكستان؟

People chant slogans as they condemn the shooting incident on a long march held by Pakistan's former Prime Minister Imran Khan, in Wazirabad
عمران خان تراجع عن دخول مسيرة لحزبه إلى إسلام آباد بعد أسابيع من الحشد وقطعها مسافات طويلة (رويترز)

إسلام آباد- بعد أسابيع من الحشد ووصول المسيرة الطويلة التي دعا إليها عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني السابق وزعيم حزب "الإنصاف" إلى مشارف العاصمة إسلام آباد يتراجع خان عن دخولها ويلجأ إلى خيارات أخرى.

وخلال كلمة له أمام حشد من مؤيديه في مدينة روالبندي المحاذية للعاصمة أعلن عمران خان حل الحكومات الإقليمية في إقليمي البنجاب (شرق) وخيبر بختونخوا (شمال غرب) واستقالة كل نواب حزبه من البرلمانيين فيهما.

يأتي هذا فيما تنظر الحركة الديمقراطية الباكستانية -التي تضم أحزاب التحالف الحكومي- في خيارات منع حل تلك المجالس، فيما أعلنت لجنة الانتخابات الباكستانية أنه سيتم إجراء انتخابات في غضون 60 يوما إذا تم تقديم استقالات جماعية في الإقليمين، وفقا لوسائل إعلام باكستانية.

'A True freedom march' in Rawalpindi'
عمران خان أعلن في خطاب أمام أنصاره في روالبندي حل مجالس إقليمية في البنجاب وخيبر بختونخوا (رويترز)

ما الذي دفع عمران خان لقطع مسيرته والتراجع عن دخول العاصمة؟

قال عمران خان أثناء حديثه في تجمع روالبندي "قررت عدم الذهاب إلى إسلام آباد، لأنني أعلم أنه ستكون هناك فوضى وستكون الخسارة للبلاد".

وفي هذا السياق، يقول الصحفي والمحلل السياسي الباكستاني محمد مهدي للجزيرة نت إن خان عندما أعلن عن المسيرة الطويلة قال في ذلك الوقت بوضوح إنه سيجبر الحكومة الفدرالية على إعلان انتخابات عامة بقوة هذه المسيرة "لكنه لم يستطع الحشد على نطاق واسع لتحقيق هذا الهدف".

من جانبه، يرى الصحفي والمحلل السياسي جاويد رانا أن عمران خان اتخذ هذا القرار في ضوء حقيقة وجود قائد جديد للجيش تم اختياره من الحكومة، ومن المفترض أن يكون قريبا منها أكثر من أي شخص آخر.

ويضيف رانا للجزيرة نت "لذلك، فإن عمران خان ليس لديه أي دعم من المؤسسة العسكرية، والقائد الجديد لن يسمح بأي انحدار للجيش وربما هذا ما دفع خان لقطع المسيرة".

ما الهدف من إعلان عمران خان حل الحكومات والمجالس الإقليمية التابعة لحزبه؟

قال خان مخاطبا مؤيديه في تجمع روالبندي إنه بعد التشاور مع الحزب البرلماني سيتم تحديد موعد "الخروج" من المجالس، على حد قوله، حيث تحدث مع رؤساء وزرائه في هذا الصدد، مضيفا أن "حزب الإنصاف لم يعد من الممكن أن يكون جزءا من النظام الفاسد".

وتعليقا على ذلك، يقول محمد مهدي إنه من أجل تحقيق حفظ ماء الوجه لعمران خان فقد أعلن استقالته من مجالس الأقاليم كخدعة سياسية حتى يتمكن من وضع أنصاره خلف شعار جديد، والتغطية على موضوع قلة المشاركة الشعبية، والحيلولة دون تحويله إلى موضوع للنقاش.

ويضيف مهدي أنه من خلال إعلانه التشاور بشأن موعد الاستقالات أوضح خان أنه يعتبرها مجرد خدعة سياسية، وليست لديه نية لترك حكومات الأقاليم، إذ يقول المحلل "إن حل حكومات وبرلمانات البنجاب وخيبر بختونخوا لا يحتاج سوى لبضع دقائق فقط"، ويعتبر مهدي أن كل خطوة سياسية لعمران خان مرتبطة بالجيش في الوضع الحالي.

أما جاويد رانا فيقول إن إعلان عمران خان حل المجالس هو تحرك ذكي ويشكل تحديا للحكومة الإقليمية، لأن لجنة الانتخابات ستكون مضطرة لعقد انتخابات في كلا الإقليمين بغضون 90 يوما، وستكون الحكومة مضطرة للاستجابة.

ويضيف رانا "نحن نتحدث عن البنجاب الذي يشكل ما يقارب 57% من سكان باكستان وإقليم خيبر 20-25%، ونظرا للنتائج السابقة يبدو أن حزب الإنصاف يمكنه الفوز في الانتخابات".

ويتابع "هذا يعني أن حزب الإنصاف يخلق الظروف الخاصة التي يمكن أن تدفع الحكومة الفدرالية إلى عقد انتخابات عامة على مستوى باكستان، بمعنى أن خسارة حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف) انتخابات البنجاب ستعني خسارته الانتخابات العامة القادمة بغض النظر عن موعد عقدها".

من جهته، يعتقد رئيس المعهد الباكستاني للتنمية التشريعية والشفافية أحمد بلال محبوب أن حزب الإنصاف يريد فقط التهديد لمعرفة مدى جدية المؤسسة العسكرية بقيادتها الجديدة في التعامل معه، وفقا لتحليل أوردته صحيفة "دون" (Dawn) الباكستانية.

Protests erupt after assassination attempt on former Pakistani premier
أنصار عمران خان يحتجون في أعقاب محاولة اغتياله وإصابته قبل أسابيع (وكالة الأناضول)

ما السيناريوهات المتوقعة خلال المرحلة المقبلة؟

في هذا السياق، يتحدث محمد مهدي عن سيناريوهين للوضع السياسي في باكستان خلال الفترة المقبلة:

  • أولا: أن يحل عمران خان بالفعل مجلسي البنجاب وخيبر بختونخوا، وسيزيد هذا التوتر السياسي في البلاد إلى درجة أنه سيتعين أيضا حل حكومتي السند وبلوشستان، بما في ذلك الحكومة المركزية. ولا يرجح مهدي تحقق هذا السيناريو.
  • أما السيناريو الآخر -وفقا للمحلل- فبسبب الوضع الاقتصادي للبلاد لن تسعى المؤسسة العسكرية إلى الانتخابات، لذلك هناك فرص أكبر لبقاء الحكومة الفدرالية الحالية.

بالمقابل، يرى جاويد رانا أنه بعد هذا التوتر في الساحة الباكستانية فإن القيادة العسكرية الجديدة ستسعى لاتخاذ خطوة إلى الوراء للتقليل من حدة الصراع السياسي في البلاد، وستعمل على تهدئة الساحة.

ويضيف رانا أن الأحزاب الأخرى في برلماني الإقليمين ستحاول خلال الفترة المقبلة منع حل الحكومات والبرلمانات الإقليمية باستخدام بعض المواد الدستورية "لكن في النهاية سيكون حزب الإنصاف قادرا على حل تلك المجالس والتمهيد لانتخابات جديدة فيها".

المصدر : الجزيرة