لماذا يتمنى بعض العرب النصر لروسيا في صراعها مع الغرب؟

أظهرت حرب روسيا على أوكرانيا مدى انقسام الشارع العربي بين من يؤيد الغرب ويدعم هجومه ومقاطعته لروسيا على خلفية موقفه من المجازر التي ارتكبتها موسكو خاصة بحق السوريين، وبين من يدعم روسيا ويتمنى لها ولحلفائها النصر في صراعها الدائر اليوم مع الغرب ممثلا بأميركا وأوروبا، وذلك بسبب تذمره من السياسات الغربية.. فأي طرف يستحق أن يدعمه العرب: الغرب أم روسيا؟

يقف الكاتب والمحلل ثائر الناشف في صف المعارضين لرهان العرب وتعويلهم على روسيا في القضايا العربية، لأن هذه الدولة لن تقدم لهم شيئا، ولأنها ارتكبت بحق السوريين أكثر من 6943 مجزرة واعتداء على المنشآت المدنية، وشنت 237 غارة بالقنابل العنقودية، وأكثر من 130 بالقنابل الحارقة، واستخدمت مختلف أنواع الأسلحة الجديدة قبل طرحها في الأسواق، فضلا عن حربها العبثية في أوكرانيا والمجازر التي ترتكبها هناك.

وروسيا تتلاعب بمشاعر العرب لعلمها أنهم محبطون من السياسات الغربية، وهي من أكبر الدول المنحازة لإسرائيل ولا تمتلك المقومات الكاملة للتعويل عليها، ولن تكون قطبا موازيا للولايات المتحدة الأميركية، وفق الناشف الذي يعتقد أن العرب هم أقرب إلى الثقافة الغربية التي تعتبر طريق التطور، منهم إلى الثقافة الروسية، بدليل أن من يتكلمون الإنجليزية هم أكثر بكثير ممن يتكلمون الروسية.

ويتحالف العرب مع أميركا لأنها تسمح لهم بتنويع علاقاتهم الدولية، بخلاف روسيا التي تعامل حلفاءها كأذناب وتهينهم. وأعطى الناشف -في حديثه لبرنامج "الاتجاه المعاكس"- مثالا على قطر التي رفضت التطبيع مع إسرائيل، ومع ذلك لم تضغط عليها حليفتها الولايات المتحدة من أجل أن تحذو حذو الدول المطبعة في المنطقة.

وذكر ضيف برنامج "الاتجاه المعاكس" أن روسيا ذبحت الشعب السوري ونهبت ثرواته الطبيعية، وطردت الإيرانيين لتستولي هي على الثروات في شرق الفرات، ورغم تحالفها مع نظام بشار الأسد فهي لا تحميه من الضربات الجوية التي تشنها إسرائيل على الأراضي السورية، بسبب تحالفها وتنسيقها الأمني والعسكري مع تل أبيب.

وفي موضوع فلسطين، تعتبر روسيا حليفة قوية لإسرائيل، وكان رئيسها فلاديمير بوتين قد زار إسرائيل والتقى رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، منبها إلى أن موسكو لم تقدم أي مبادرة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفق الكاتب والمحلل الذي لام الفلسطينيين الذين يدعمون روسيا في حربها لأوكرانيا، باعتبار أن ذلك يشكل ازدواجية في المعايير.

روسيا تثور على الهيمنة الأميركية

وفي المقابل، يتخندق المستشار لدى وزارة الخارجية الروسية الدكتور محمود الأفندي في صف المدافعين عن روسيا، ويعتبر أنها تقدم للعالم وللدول العربية ما أسماها "ثورة" للتخلص من الهيمنة الأميركية، وتقدم العدالة الاقتصادية للدول العربية، بدليل أن المملكة العربية السعودية تقترب من روسيا وضربت عرض الحائط بالموقف الأميركي بشأن أسعار الغاز، فضلا عن أن الدول العربية لم تطبق العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا.

واتهمت الولايات المتحدة في وقت سابق الرياض بالانحياز إلى جانب روسيا، التي ترفض محاولات غربية لوضع سقف لسعر النفط الروسي، بسبب حربها في أوكرانيا.

ويرى الأفندي أن روسيا لا تنهب سوريا بل الولايات المتحدة هي التي تفعل ذلك، لأنها هي التي تسيطر على الثروات الموجودة في الشمال الشرقي لسوريا، أو ما يسمى خزان سوريا الاقتصادي، على حد رأيه.

ويقول إن الشعب الفلسطيني يعلم جيدا أن الغرب هو الذي يحمي إسرائيل، وإن روسيا هي التي تدعم المقاومة في الدول العربية، حتى أن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس قال مرة: "لا نريد الحل من أميركا وإنما من روسيا"، بالإضافة إلى أن روسيا لم تشارك في اتفاقية سايكس بيكو.

ويضيف الأفندي أن أوكرانيا هي التي توصف بجنة اليهود، لا روسيا، وأن غولدا مائير وأرييل شارون أوكرانيان، وحتى الرئيس الأوكراني الحالي يهودي.

المصدر : الجزيرة