الكويت.. شكوك بجدوى مقترح قانون جديد لحل أزمة البدون؟

السعدون أعاد فتح قضية البدون باقتراح قانون جديد لحل القضية (الأوروبية)

الكويت – تظل مشكلة "البدون" أو المقيمين بصورة غير قانونية أو "غير محددي الجنسية"، وحصولهم على الجنسية الكويتية، إحدى القضايا الحساسة في المجتمع الكويتي التي تحتاج لمعالجة بصورة تضمن المصلحة العليا للبلاد، وفى الوقت نفسه تضمن لهذه الفئة العيش الكريم.

وفي حين تظهر بين الحين والآخر دعوات بأهمية الإسراع في حسمها وإيجاد حل جذري لهذه المشكلة، برز مؤخرا اقتراح قانون تقدم به رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون يركز على وضع حل شامل ونهائي لجميع طلبات الحصول على الجنسية الكويتية، بينما توجس البعض من مصير هذا الاقتراح وحول ما إذا كان سيؤدي لحل القضية بالفعل أم سيكون مثل المقترحات السابقة التي لم تجد سبيلا للتنفيذ.

وكان السعدون قد تقدم الأحد الماضي باقتراح قانون لوضع حل شامل ونهائي لجميع طلبات الحصول على الجنسية الكويتية، مكونا من 10 مواد، منها أن تقوم وزارة الداخلية بحصر أسماء جميع طلبات الحصول على الجنسية المسجلة لدى الجهات الرسمية خلال عام واحد.

وينص الاقتراح على منح كل من ورد اسمه في ذلك الحصر بطاقة مدنية لدى الهيئة العامة للمعلومات المدنية، ويجوز تجديدها إلى حين البت في وضعه بصورة نهائية.

ويتضمن المقترح أن تقوم وزارة الداخلية بنشر أسماء جميع من تم حصرهم في الجريدة الرسمية خلال 6 شهور من انتهاء المدة المحددة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من هذا القانون، وأن تلتزم الحكومة بوضع حل شامل ونهائي خلال سنة واحدة من تاريخ نشر الأسماء في الجريدة الرسمية.

3- د. أحمد المليفي لايرى حاجة لإصدار قانون جديد
المليفي لا يرى حاجة لإصدار قانون جديد (الصحافة الكويتية)

لا حاجة لقانون جديد

يرى الوزير السابق أحمد المليفي، أن قانون الجنسية الكويتي يتضمن نوعين، الأول الجنسية بصفة أصلية وفقا للمادة (1) من القانون، وتمنح لكل من كان في الكويت قبل عام 1920، وتمنح للأبناء والأحفاد.

ويضيف أن النوع الثاني من الجنسية هو التجنيس وفقا لشروط معينة وضعها القانون بمواد مختلفة تنفرد الدولة بمنحها لمن تنطبق عليهم الشروط دون إلزام بالمنح.

وأضاف المليفي للجزيرة نت أن قضية المقيمين بصورة غير قانونية (البدون) هي عبارة عن مجموعة أشخاص يدعون بأنهم يستحقون الجنسية الكويتية وفقا للمادة الأولى، ولكنهم لم يحصلوا عليها بسبب حرمانهم من التقديم للحصول عليها لوجودهم في الصحراء الكويتية أثناء فترة التقديم.

وأوضح أن هذا العذر غير مقبول لعدة أسباب، منها أن صحراء الكويت ليست كبيرة بحيث يمتنع على الشخص القدوم للتقديم، كما أن أبناء بادية الكويت في فترة الصيف كانوا يقصدون المدينة للعمل بسبب حرارة الجو، بالإضافة إلى أن باب التجنيس تم فتحه أكثر من مرة وعلى فترات متعددة، كان آخرها عام ١٩٨١، فأين كانوا ولماذا لم يتقدموا للحصول على الجنسية؟

وأضاف "من هذا المنطلق فإنه لا حاجة لإصدار قانون جديد لأي حالة تجنيس، فالقانون القائم الذي تجنس بموجبه الأجداد والآباء، هو الفيصل في حسم القضية".

وحدد المليفي رؤيته بخصوص هذه القضية، بأن يتم فتح الباب لهذه الفئة التي تدعي بأن لها وجودا قبل 1920 لتثبت ذلك وفقا للمادة 20 من قانون الجنسية.

4- جزاع القحص يعتقد أن اقتراح السعدون محبط ولايلبي الطموح
القحص اعتبر أن اقتراح السعدون محبط ولا يلبي الطموح (الصحافة الكويتية)

لن يضيف جديدا

من جهته، قال الناشط السياسي جزاع القحص إن البدون قضية دولة وأمن مجتمع، وقضية إنسانية قبل أن تكون قانونية ويجب حلها بشكل جذري بمعايير قانونية واضحة "ولا مجال للمزاجية فيها لصانع القرار أو لجهات أخرى".

وأضاف أن المشكلة بالكويت هي أن الكثير من القوانين تُنشأ بناء على مزاجية صاحب القرار، فالمعروف أن القانون يُنشأ بناء على مسوغات معينة، فمن تشمله هذه المسوغات يحصل على خدمة هذا القانون، "لكن للأسف أن تكون هناك مزاجية لدى صانع القرار وانتقائية فهنا المشكلة الكبرى".

وتعليقا على المقترح الذي تقدم به رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون، أوضح القحص أنه لا يتوقع أن يضيف شيئا جديدا، مضيفا للجزيرة نت أن هناك 3 قوانين مقدمة بخصوص تجنيس "البدون"، أهمها "مشروع القانون الذي تقدمت به جمعية المحامين الكويتية عام 2019 -رغم قصوره- فإنه هو الأفضل".

ولفت إلى أنه يعتقد أن السجل المدني لعام 1986، والذين تم توثيق بصمتهم فيه، هو المفروض أن يكون الركيزة التي يجب أن يتم بموجبها تجنيس جميع من تم تسجيلهم حينها.

وأضاف أن مقترح رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون "كان مفاجئا في توقيته ومن الواضح أن هناك أمرا مخططا"، موضحا أن أحمد السعدون رجل قانون وكان متوقعا منه أن يقدم مقترحا قانونيا بحتا، وهو ما كان يعد به سابقا في تصريحاته، لافتا إلى أنه يعتقد أن "هذا الأمر مدبر لسحب البساط من القوانين الثلاثة التي تم تقديمها سابقا أو لتجاوزها أو لتخفيف الضغط على أعضاء مجلس الأمة".

وأكد أن هذا المقترح لا يمكن تنفيذه على أرض الواقع ولن يضيف شيئا لقضية البدون، لأنه حدد أن يكون وزير الداخلية هو المعني وعليه أن يحدد من هم البدون بالتعاون مع هيئة المعلومات المدنية، وأن يكون "البدون" من كان لهم وجود في الكويت قبل عام 1965، متجاهلا المرحلة بين عامي 1965 و1986 التي تم فيها توثيق السجل المدني.

وأضاف أن المقترح الجديد يمنح الحكومة الحق في تجنيس من تراه مناسبا لخدمة مصلحة الوطن، وهذا يعني أن الحكومة لو قامت بتجنيس جزء فقط من "البدون" فهذا يعني أن القضية لم يتم حلها بشكل كامل، موضحا أن "المقترح محبط للآمال وصادم لأنه خرج من شخصية نكن لها كل التقدير".

المحافظة على الهوية

يأتي ذلك في الوقت الذي أصدرت مجموعة الثمانين (تجمع يضم جميع مكونات النسيج الاجتماعي الكويتي)، بيانا الأحد الماضي أشارت فيه إلى أن الهوية الوطنية الكويتية تتعرض في الفترة الأخيرة لحملة من التنمر والتنكر لها، موضحة أن هذه الحملة ازدادت بعد ظهور نتائج انتخابات مجلس الأمة الحالي.

وطالبت المجموعة -التي تشكلت عام 2017 من مثقفين وسياسيين كويتيين لتكون بمثابة الحامي للدستور- الحكومة بالعمل بكل حزم وحسم للمحافظة على الهوية الوطنية، عبر التكاتف والتآزر، بما يحفظ النسيج الوطني الكويتي، مشددة على دعم الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين في البلاد بصورة غير قانونية، والوقوف مع رئيسه والعاملين بالجهاز.

وطالبت المجموعة مجلس الأمة بأن يتروى في اقتراحاته ومشاريعه لسن قوانين قد تتعارض مع سيادة الدولة، خصوصا فيما يتعلق بقضية الجنسية، وأن يراعي المجلس أحكام التمييز الصادرة من محاكم الكويت، التي رسخت سيادة الدولة في منح وسحب الجنسية.

رئيس الجهاز المركزي يبحث بشكل دائم مع الحكومة قضايا غير محددي الجنسية
الجهاز المركزي يبحث بشكل دائم مع الحكومة قضية البدون (الصحافة الكويتية)

حل جذري

من جانبه، أكد المنبر الديمقراطي الكويتي، في بيان سابق للمقترح الذي تقدم به السعدون، على موقفه في منح كل ذي حق حقه، ومحاسبة كل من تسبب في معاناة البدون، ودعمه للقانون الذي تم تقديمه من جمعية المحامين الكويتية، إيمانا بمشاركة غير محددي الجنسية في هذا الوطن، وتأييده لأي تحرك يصب في صالح هذا الملف.

وطالب المنبر الديمقراطي الكويتي، وهو تنظيم كويتي سياسي ديمقراطي تقدمي، مجلس الأمة ومؤسسات الدولة بحل هذا الملف بشكل عادل وجذري، يبدأ بقصر دور الجهاز المركزي على جمع المعلومات وإحالتها للقضاء حتى يفصل في مسائل الجنسية.

إحصائيات رسمية

بدوره، أعلن الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع البدون، الذي تم إنشاؤه عام 2010، في أحدث إحصائية له في أكتوبر/ تشربن الأول الماضي، أن 18 ألفا و427 شخصا قاموا بتعديل أوضاعهم منذ عام 2011 حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي.

وأشار الجهاز إلى أن من بين الذين قاموا بتعديل أوضاعهم 12 ألفا و901 من الجنسية السعودية، و1835 شخصا من الجنسية العراقية، و1137 شخصا من الجنسية السورية، و318 شخصا من الجنسية الإيرانية، و116 شخصا من الجنسية الأردنية، فضلا عن 2155 شخصا من جنسيات أخرى.

المصدر : الجزيرة