كاتب كيني: هل يمكن للمرء أن يكون أفريقيا وفرنسيا؟

قال مستشار اتصالات حائز على جوائز عالمية إن الجدل الدائر حول العنصرية في فرنسا يكشف الكثير عن الأفكار الاستعمارية بشأن الهوية بين التيارات اليمينية واليسارية في تلك البلاد.
وتساءل باتريك غاثارا -وهو مستشار اتصالات وكاتب ورسام كاريكاتير سياسي حائز على جوائز ومقيم في نيروبي- في مقال نشره له موقع الجزيرة الإنجليزي، هل يمكن للمرء أن يكون أفريقيا وفرنسيا في الوقت نفسه؟
وأثار الكاتب هذا السؤال في معرض تناوله للتصريحات العنصرية التي أطلقها نائب من اليمين المتطرف في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) قبل أكثر من أسبوع.
وكان النائب عن حزب فرنسا الأبية (يسار) كارلوس مارتنيز بيلونغو يوجّه سؤالا للحكومة عن سفينة مهاجرين عالقة في مياه البحر المتوسط، عندما تفوه النائب اليميني المتطرف غريغوري دي فورنا بعبارات فيها إهانة عنصرية في حق بيلونغو، وقال "فليعد إلى أفريقيا".
وصادقت الجمعية الوطنية على منع دي فورنا -النائب عن حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان- من دخول البرلمان لمدة 15 يوما، وحرمانه من نصف ما يتقاضاه من راتب لمدة شهرين.
جهل وعنصرية
على أن غاثارا يرى -في مقاله- أنه من السهل حظر دي فورنا من دخول البرلمان بحسبانه مجرد شخص آخر "جهول عنصريا من اليمين الفرنسي المتطرف، وقد يكون كذلك".
قد تكون هناك قواسم مشتركة تجمع دي فورنا والساسة الليبراليين الذين يدافعون عن بيلونغو، وربما حتى بيلونغو نفسه، أكثر مما يرغبون في الاعتراف به، فالضمائر -مثل "هو" و"هم"- ليست وحدها التي قد تشوِّش الحقيقة وتربك الأمور، وفق المقال.
ويبدو أن لفظي "أفريقي" و"أسود" قد طالهما التشويش أيضا، حسب تعبير غاثارا، الذي يضيف أنه من الواضح أن من كان يقصده دي فورنا في تصريحه ما كان ليكون موضع شك لو أن بيلونغو لم يكن أسود.
ولم يخطر ببال أحد -طبقا لمقال الجزيرة الإنجليزية- أن المهاجرين اليائسين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا يمكن أن يكونوا أي شيء آخر غير أنهم أفارقة.
غرق
وبالقبول ضمنيا بفرضية دي فورنا عن الهوية على أنها فردية وحصرية، أي أن الفرنسيين لا يمكن أن يكونوا أفارقة، فإن الليبراليين داخل وخارج البرلمان الفرنسي يكرِّسون عن غير قصد فكرة أن الشخص الفرنسي غارق في المواقف الاستعمارية التي تعد الاندماج في المجتمع "عملا حضاريا".
ويبدو -والكلام لغاثارا في مقاله- أيضا أن هؤلاء الليبراليين يتبنون التصور الاستعماري للقادمين من القارة الأفريقية على أنهم ينتمون لهويات "جامدة وشمولية الطابع".
لقد أصبح العالم الذي شكله الاستعمار على جانبي البحر الأبيض المتوسط وما وراءه، يتحدد بالمنطق الأوروبي الصارم القائم على مقولة "نحن في مواجهتهم".
ويتابع غاثارا أن الهوية أصبحت الشغل الشاغل لكل من اليسار واليمين في أوروبا، وهو هاجس جاء نتاج زيادة معدلات الهجرة إلى قارتهم.
ولعل من المثير للسخرية -برأي مستشار الاتصالات في مقاله- أن كل ما أثير داخل البرلمان الفرنسي لا يعدو أن يكون "ضجة كبيرة" حول لا شيء بالمعنى الحرفي للكلمة.