جرائم الكراهية زادت بنسبة 42%.. الحكومة البريطانية تخذل المسلمين وتتخلّى عن تعريف الإسلاموفوبيا

LONDON, ENGLAND - MARCH 17: Anti-racism demostrators let off flares during a march against racism on March 17, 2018 in London, England. The march is organised by the group Stand Up to Racism as an expression of unity against racism, Islamophobia and anti-Semitism. (Photo by Chris J Ratcliffe/Getty Images)
مسلمة محجّبة في مظاهرة ضد العنصرية في شوارع العاصمة البريطانية لندن (غيتي)

لندن- لم تجد حكومة المحافظين البريطانية "هدية" تقدمها للأقلية المسلمة في شهر "التوعية بخطورة الإسلاموفوبيا"، سوى قرارها التخلي عن العمل على مشروع قانون يضع تعريفا رسميا للإسلاموفوبيا، والذي كان الغرض منه وضع إطار قانوني للتعامل مع هذه الظاهرة المتزايدة في المملكة المتحدة، ويرتفع ضحاياها من المسلمين البريطانيين.

ويأتي قرار الحكومة البريطانية بعد سلسلة من الخطوات أظهرت عدم جدية المحافظين في وضع تعريف رسمي للإسلاموفوبيا، بعد مماطلة منذ سنة 2019 عندما تم تعيين مستشار حكومي خاص لتعريفه، ولكن الأمر ظل يراوح مكانه إلى أن أُقيل هذا المستشار من طرف رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون، ولم يتم تعويضه بشخص آخر.

ويقف ميشيل غوف الذي يشغل منصب وزير الدولة المكلّف بالمجتمعات والعلاقة بين الوزارات الحكومية، أمام وضع أي تعريف رسمي للإسلاموفوبيا، ولهذا كان أول قرار اتخذه بعد تعيينه في حكومة ريشي سوناك هو التخلي عن فكرة تعريف كراهية المسلمين.

تخلت الحكومة البريطانية عن مشروع قانون لتعريف الإسلاموفوبيا بعد مماطلة طويلة من المحافظين (الأوروبية)

مماطلة ورفض

في سنة 2019، أعلنت الحكومة البريطانية عن تعيين مستشار خاص يساعدها على وضع تعريف رسمي للإسلاموفوبيا، ومنذ ذلك التاريخ لم تتخذ الحكومات المتعاقبة -وخصوصا حكومة بوريس جونسون- أي خطوة تُذكر لتفعيل هذا التعريف.

بل إن هذا المستشار، وهو الإمام قاري عاصم، وجد نفسه مطرودا من منصبه بداية هذا العام، دون أن يتم تعيين خليفة له لاستكمال العمل.

ويُعتبر ميشيل غوف -وهو أحد الوجوه البارزة في حزب المحافظين- أحد أكثر المعارضين لوضع تعريف رسمي للإسلاموفوبيا، ذلك أنه صرّح قبل أسابيع ومباشرة بعد انطلاق "شهر التوعية بخطورة الإسلاموفوبيا"، أنه يريد استهداف "الإسلام السياسي الذي يعتبر بمثابة فيروس".

واعترف غوف أن هناك مقاومة حقيقية داخل الأروقة الحكومية لفكرة وضع تعريف رسمي للإسلاموفوبيا، علما بأنه سبق لعدد من الأحزاب البريطانية -بما فيها حزب العمال- أن توافقت على تعريف للإسلاموفوبيا، يقول إنه "أي شكل من أشكال العنصرية التي تستهدف أي مظهر من مظاهر الإسلام".

وهو التعريف الذي رفضه حزب المحافظين سنة 2019، وقال إنه سيعين مستشارا لوضع تعريف أكثر ملاءمة. ليظهَر أن تلك الخطوة كان الغرض منها فقط كسب المزيد من الوقت، إلى حين توافر الظروف المناسبة ووأد الفكرة بشكل نهائي.

رسالة خطيرة

لم تبدِ الرئيسة السابقة للرابطة الإسلامية في بريطانيا رغد التكريتي، استغرابا كبيرا من قرار الحكومة البريطانية وقف العمل على تعريف رسمي لكراهية المسلمين، مؤكدة -في حديثها مع الجزيرة نت- أن "هذه رسالة لكل مسلم في بريطانيا بأن الحكومة لا تأبه للإسلاموفوبيا، كالأهمية التي توليها مثلا لمعاداة السامية".

وتعتقد التكريتي أن هناك الكثير من المؤشرات التي تظهر عدم اكتراث الحكومة البريطانية بما يتعرض له المسلمون من عنصرية وتضييق. واستعانت بما حدث مع الطالبة شيماء الدلالي التي تمت إقالتها من منصب رئيسة الاتحاد الوطني للطلبة في بريطانيا، وتعرضت لحملة من الكراهية ورسائل التهديد بالقتل، "ومع ذلك لم يأبه لأمرها أي أحد ولم يتحرك أي تحقيق في الأمر، وهذ مثير للخوف".

وخلصت رغد التكريتي إلى أن الحكومة البريطانية توجّه لمسلمي بريطانيا رسالة مفادها: "لا نهتم بمشاكلكم". وبكثير من الإحباط، شددت على أن المجتمع المسلم لم يعُد يؤمن بجدية الحكومة في التعامل مع قضية الكراهية ضد المسلمين، و"كل ما في الأمر أن هذا الموضوع تتم إثارته خلال الانتخابات لجذب الكتلة الناخبة المسلمة لا غير".

blogs الإسلاموفوبيا
مظاهرات مناهضة لكراهية المسلمين (الإسلاموفوبيا) وتصاعد الجرائم على خلفية الكراهية (مواقع التواصل)

مطالبة بتعامل جدّي مع ظاهرة خطيرة

وعبّر حزب العمال عن قلقه من حالة النكران التي يتبعها حزب المحافظين في التعامل مع الإسلاموفوبيا، مما دفع رئيسة الحزب أنليز دودوز إلى توجيه رسالة للوزير في الحكومة البريطانية ناظم زهاوي، تعبّر فيها عن استنكارها للسعي المستمر من طرف المحافظين لعدم تناول موضوع الإسلاموفوبيا بإيجابية.

وقالت السياسية البريطانية في رسالتها الشديدة اللهجة إنها "قلقة للغاية لأن عليها مرة أخرى أن تثير موضوع الإسلاموفوبيا مباشرة مع رئيس حزب المحافظين"، مضيفة أن "جرائم الكراهية بدافع الإسلاموفوبيا في تزايد مستمر، وعلى حزب المحافظين أن يظهر جديته في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، سواء داخل المجتمع أو داخل الحزب نفسه، لأن النكران لن يفيد".

ومن المتوقع أن يطرح عدد من البرلمانيين المسلمين أسئلة على المسؤولين الحكوميين لمعرفة مصير تعريف الإسلاموفوبيا، خصوصا في هذا الوقت الذي تشهد فيه بريطانيا شهرا كاملا من التوعية بخطورة هذا السلوك.

تزايد جرائم الكراهية

وأظهر تقرير لوزارة الداخلية البريطانية أن جرائم الكراهية ارتفعت خلال الفترة ما بين مارس/آذار 2021 ومثيلتها من الشهر ذاته هذا العام بشكل صاروخي، وزادت بنسبة 42%، لتبلغ 3459 جريمة بدافع الكراهية.

وأظهرت الإحصائية نفسها أن المسلمين هم أول ضحية لجرائم الكراهية، وخصوصا النساء المحجبات.

المصدر : الجزيرة