عدد غير مسبوق بتاريخ أميركا لعابري الحدود خلال عام.. 1.7 مليون مهاجر من المكسيك في قبضة الشرطة العام الماضي
أريزونا- الحدود الأميركية المكسيكية- يصف 59% من الناخبين الأميركيين الهجرة بأنها قضية "مهمة جدا". بينما يقول 31% منهم إنها "مهمة إلى حد ما" وتزيد النسبة بالولايات الحدودية الجنوبية التي يعبر إليها ملايين المهاجرين غير النظاميين سنويا.
وتعكس هذه النِسب أهمية قضية الهجرة في دولة ومجتمع قائم بالأساس على المهاجرين، مما يجعلها ذات خصوصية لا تعرفها بقية دول العالم.
وتواجه إدارة الرئيس جو بايدن انتقادات واسعة بسبب عدم إحرازها تقدما جوهريا يذكر في إصلاح نظام الهجرة، رغم تعهده أثناء ترشّحه بالعمل من أجل تحسينه باتجاه أكثر إنسانية وانفتاحا.
ومع عدم اتخاذ بايدن مواقف حاسمة تجاه هذه القضايا، دخل حكام الولايات الجنوبية، إضافة لعمد المدن والبلدات الحدودية، على خط الأزمة، وبدؤوا في اتخاذ خطوات يرونها ضرورية، رغم اعتقاد خبراء قانونيين أن إدارة الحدود الدولية من مهام الحكومة الفدرالية.
خالف وعوده
في اليوم الأول من حكمه، أصدر بايدن أمرا تنفيذيا رئاسيا بوقف العمل في بناء الجدار الحاجز الذي أقره سلفه دونالد ترامب. وخلال حملته الانتخابية، تعهّد بايدن بأنه لن يبني "قَدما واحدة أخرى" من الجدار الحدودي كرئيس.
ولكن في مواجهة أعداد قياسية من المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك، خالف بايدن موقفه بهدوء، ووافق على سد بعض الثغرات التي تركت عندما أوقف البناء.
وسجلت دوريات الحدود إلقاء القبض على ما يقرب من 1.7 مليون شخص العام الأخير. وهذا أكبر عدد من المهاجرين غير النظاميين في التاريخ لسنة واحدة.
وتم ترحيل أكثر من مليون من هؤلاء بسرعة بموجب القانون المعروف باسم المادة (42) والذي بدأ تطبيقه عام 2020 بعهد ترامب، واستمر في عهد بايدن رغم تعهده السابق بإلغائه بعد وصوله للحكم.
وأصبحت قضية الهجرة عبئا سياسيا كبيرا على إدارة بايدن وعلى المرشحين الديمقراطيين، حيث حاول الجمهوريون طوال العام إلقاء اللوم على بايدن في "أزمة وفوضى" الحدود، ويبدو أنهم نجحوا بمسعاهم.
من جانبه، يقول سيناتور ولاية أريزونا الديمقراطي مارك كيلي، عضو مجلس الشيوخ الساعي لإعادة انتخابه يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إنه يستحق الثناء على "دفع إدارة بايدن لسد فجوات الجدار على حدود أريزونا مع المكسيك". ويتباهى كيلي بالمساعدة في توفير مليار دولار لأمن الحدود بما فيها استكمال أجزاء من جدار ترامب الحدودي.
أعداد تاريخية
كما دفع استمرار وصول أعداد قياسية من المهاجرين غير النظاميين إلى مناطق حدودية بولاية أريزونا بدوغلاس نيكولز، عمدة مدينة "يوما" لاتخاذه خطوات لمواجهة هذه الأزمة.
وعبر أكثر من 300 ألف مهاجر غير نظامي من مناطق مجاورة ومحاذية لمدينة يوما هذا العام، طبقا لتقديرات عمدتها.
وقال نيكولز "هذا تقريبا ضعف ما شهدناه السنوات السابقة. هذه أرقام لم نرها من قبل، وهناك فجوة ينفذ منها غالبية المهاجرين طولها حوالي 8 كيلومترات على طول نهر كولورادو".
وأوقفت سلطات إنفاذ القانون أكثر من 160 ألف شخص من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران في قطاع مدينة يوما، وهو ما يقرب من 4 أضعاف الفترة نفسها من العام الماضي.
الأسبوع الماضي وحده، ألقي القبض على أكثر من 6200 مهاجر في مدينة يوما الحدودية، وجاء هؤلاء من 44 دولة مختلفة، ومن بينهم 150 طفلا عبروا الحدود وحدهم بدون آبائهم وأمهاتهم.
وبالاتفاق مع دوغ دوسي، حاكم ولاية أريزونا الجمهوري، رتب نيكولز لإغلاق مسافة تقدر بحوالي 1165 مترا من الحدود المفتوحة، كانت عبارة عن فجوات بالجدار الحدودي، وذلك باستخدام 130 حاوية شحن.
ويتم تعزيز هذه الحاويات بـ 4 أقدام من الأسلاك الشائكة فوقها، ويتم ربطها معا ولحامها، ويبلغ ارتفاعها 6.7 أمتار.
ووفق عمدة المدينة "يصل إلى مدينة يوما حوالي 800 إلى 900 شخص، ويظهر هذه التأثير بوضوح في مستشفى المدينة الذي يوفر خدمات صحية للمهاجرين". وأضاف "لا يتم تعويضنا من الحكومة الفدرالية. وهذه تكلفة بلغت خلال الأسابيع الأخيرة ما يقرب من 20 مليون دولار".
ليست حلا
في حين يرى حاكم الولاية أن ما قامت به مدينة يوما "ليس حلا دائما.. لكن هذه الحاويات ساعدت في تصعيب الدخول إلى ولايتنا بشكل غير قانوني من بعض المناطق".
ولا يتفق أليساندر، الذي يعمل في الجانب الأميركي ويسكن في الجانب المكسيكي من الحدود، مع رأي الحاكم.
وقال الرجل، الذي يحمل الجنسية الأميركية أيضا، للجزيرة نت "لن تستطيع أية اجراءات منع تدفق المهاجرين من المكسيك وغيرها من دول أميركا الوسطى والجنوبية. لقد شاهدت الكثيرين ممن يتسلقون هذه الحاويات، ومن المؤكد أن هناك من يمرون من أنفاق تحتها كذلك".
من ناحيتها، طالبت إدارة بايدن ولاية أريزونا بإزالة حاويات الشحن، وقال البيت الأبيض إن العديد من الحاويات المكدسة تقع داخل أراضي محمية تابعة لقبيلة "كوكوبا" من السكان الأصليين، ولم يستأذنهم أحد في خرق القانون الفدرالي، مما يشكل تعديا على حق الملكية.
تأثير على المهاجرين النظاميين
ويدخل آلاف العمال معبر مدينة يوما الحدودي يوميا للعمل بمزارع المنطقة الواسعة، والتي تنتج ما يقرب من 3 أرباع محصول الخس الأميركي. ويرى هؤلاء في زيادة الهجرة غير النظامية ما يضر بسلاسة وسهولة دخولهم وخروجهم اليومي للعمل بالجانب الأميركي من الحدود.
وفي حديثه للجزيرة نت، أقر أليساندر بتهديد تدفق المهاجرين غير النظاميين لفرص العمل المتاحة له وغيره ممن لهم أوضاع قانونية سليمة. وأشار كذلك إلى استغلال أصحاب المزارع والأعمال تدفق المهاجرين لتخفيض الأجور في بعض الأحيان.