لوبوان: خوارزمية باربونيتي.. سلاح جديد لتعقب المافيا في إيطاليا

قالت مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية إن أستاذا بجامعة بادوفا بفينيتو العريقة، التي أنشئت قبل 800 عام ودرَّس فيها العالم الفلكي والفيلسوف والفيزيائي الإيطالي المعروف غاليليو، طوّر مع فريقه سلاحا مبتكرا لتتبع نزوات المافيا وسلوكها الشهواني، وذلك بإنشاء خوارزمية قادرة على تحديد الأعمال واكتشاف الشركات المشتبه في صلاتها بالمنظمات الإجرامية الإيطالية.

وأوضحت المجلة -في تقرير لمراسلها في روما كانتين رافيردي- أن خوارزمية أنطونيو باربونيتي (50 عاما) قادرة على فحص الحسابات العامة لآلاف الشركات، وذلك باستغلال الذكاء الاصطناعي لقواعد البيانات الضخمة التي تمت تغذيتها بالأحكام المناهضة للمافيا على مدى عشرات السنين.

دقة رهيبة

يقول أنطونيو باربونيتي إن "المافيات ليست أخطبوطا يمد أذرعه في كل مكان ولكنها حرباء، فهي تختبئ وتموه نفسها وتتبنى خصائص تشبه سمات المنطقة حتى لا يتم التعرف عليها"، وبالتالي يستطيع البرنامج بالبحث عن "التناقضات" في الميزانيات، قياس مدى تهديد المؤسسة بالتسلل الجنائي إليها، وذلك اعتمادا على مؤشرات متعددة كعدد الموظفين أو الاستثمارات غير المتناسبة مع الدخل المالي أو غير ذلك.

وأشار المراسل إلى أن هذه الخوارزمية بالغة الدقة، إذ يقول باربونيتي إن أي "شركة تلبي متطلبات التنظيمات الإجرامية مهما تسترت بواجهة فوق كل الشبهات، سوف تكشفها الأرقام، ويكون المؤشر صحيحا في 90% من الحالات"، محذرا من أن هذا لا يعني إدانة، ولكنه "يساهم في تحديد الحالات التي يجب أن ينظر فيها القانون".

يقول باربونيتي إن هذه الأداة "مفيدة للغاية، خاصة عندما يتعين على إيطاليا التحكم في موجة من المناقصات العامة لتوزيع المليارات من خطة الإنعاش الأوروبية أو تمويل الألعاب الأولمبية الشتوية"، التي ستنظمها عام 2026.

لأغراض التحقيق

أما في جانب تطبيق القانون، فيؤكد رئيس قسم التحقيقات المناهضة للمافيا في تريفنيتو العقيد باولو ستوروني أن "هذه الخوارزمية التنبؤية تعد مشروعا مثيرا للاهتمام للغاية. نحن ندرسها ونقوم بتقييم إمكانية استخدامها لأغراض التحقيق"، مشيرا إلى أن "التكنولوجيا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحل محل العمل في الميدان، ولكنها ستكون أدوات عمل القوى المناهضة للمافيا وتعزز التعاون بين المؤسسات وعالم الأعمال والمجتمع المدني".

وحذر العقيد ستوروني من أن المافيا تغير وجهها باستمرار، وهي اليوم تتناغم مع ريادة الأعمال، وتفوض مجموعات إجرامية من الباطن للاعتماد بشكل أفضل على الاقتصاد القانوني، خاصة أنها تمتلك قدرا كبيرا من رأس المال للاستثمار، لتتسلل إلى قلب الآلة الاقتصادية الإيطالية في الشمال، حيث حددت خوارزمية باربونيتي أكثر من 4600 شركة "معرضة للخطر".

وبالنسبة لرجال مناهضة المافيا، يجب خوض المعركة على الأرض ولكن أيضا في العقليات لمحاربة "إنكار وجود المافيا"، حيث ترفض القوى السياسية المحلية وجود المشكلة حفاظا على جاذبية المنطقة، حسب العقيد ستوروني، كما أن "بعض رواد الأعمال لا يرون المافيا عدوا، بل فرصة سهلة للحصول على المال، معتقدين خطأ أنهم يستطيعون التعامل مع هؤلاء المجرمين".