وصفتهم تراس بأنهم من بين أسوأ الكسالى في العالم.. العمال في بريطانيا يعانون من ظروف عمل سيئة
لندن – بخلاف ما يعتقده كثيرون أن بريطانيا تعدّ من أفضل الأماكن للعمل وأحسنها توفيرا لشروط العمل، فإن عددا من الدراسات واستطلاعات الرأي أظهرت أن بريطانيا تعدّ من بين أسوأ الدول في قدرتها على توفير مناخ عمل جيد للموظفين.
كما تسجل بريطانيا نسبة عالية من معاناة الموظفين مع الضغط في العمل، والذي تختلف أنواعه سواء الضغط بسبب ساعات العمل الكثيرة أو الأجور المتدنية أمام ارتفاع تكاليف المعيشة.
وما يزيد الطين بلة هو نظرة بعض القادة السياسيين للطبقة العاملة في البلاد، حيث تورطت رئيسة الوزراء في أكثر من تصريح ومقال، تتحدث فيه بشكل مسيء للعمال في بريطانيا، وتعتبرهم من بين "الأسوأ في العالم"، والسبب وفق رئيسة الوزراء التي كانت برلمانية حينها (عام 2012)، هو أن العمال البريطانيين يشتغلون ساعات أقل في أعمالهم ويتقاعدون مبكرا.
من بين الأسوأ للعمل
وأظهرت دراسة لمؤسسة "لاتيس هيلث" (Latus Health) عن جودة ظروف العمل في أوروبا، أن بريطانيا تعد خامس أسوأ دولة، من حيث مناخ العمل والأجواء التي يشتغل فيها العامل البريطاني، وتأتي في الترتيب بعد كل من بولندا والتشيك وإسبانيا والبرتغال.
وهو ترتيب مفاجئ للكثيرين، لأن المملكة المتحدة من أكثر الدول التي تنشط فيها نقابات عمالية قوية، لكن يبدو أن هذا النشاط لا ينعكس على وضع كثير من العمال في بريطانيا.
واعتمد تصنيف المؤسسة البريطانية الطبية التي تعنى بأحوال الموظفين في أماكن عملهم على عدد من المعايير، منها الشعور بالضغط، والقدرة على الادخار، وطول ساعات العمل، والإدمان على التدخين أو الكحول بسبب ضغوط العمل، والإحساس بعدم الاستقرار في العمل.
وتقول الدراسة إن بريطانيا هي أسوأ مكان في أوروبا من حيث المرونة في ظروف العمل، كما تم تصنيفها بأنها تعاني من ضعف شديد من توفير دخل جيد للعاملين يساعدهم على الادخار، ولا تتوفر بيئة عمل تمنحهم الشعور بالاستقرار.
ووفق الدراسة فإن تصنيف بريطانيا يبقى ضعيفا جدا، في مستوى دخل العامل بما يؤثر على قدرته على توفير الكماليات، فضلا عن إنفاقه على التدخين والكحول. كما وضعت تصنيف بريطانيا في مستوى "متوسط" من حيث معدلات الأجور.
ووفق نفس المؤسسة فإن حوالي 56% من الشركات العاملة في قطاع البناء في بريطانيا لا تتوفر على أي سياسة خاصة بالصحة النفسية للعاملين في هذا القطاع الصعب.
الضغط.. العدو الأول
وفي دراسة لمؤسسة حول الصحة في العمل "ألايت" (Alight) البريطانية المختصة في الأعمال، فإن حوالي ثلثي العمال (أكثر من 73% منهم) في بريطانيا أعلنوا أنهم يعانون من مستويات عالية من الضغط، وذلك بسبب تداعيات جائحة كورونا، والأكثر من ذلك المخاوف من الوضع الاقتصادي، وعدم الاستقرار الاجتماعي.
ووفق نفس الدراسة فإن هناك ظاهرة أسوأ باتت تنتشر في أماكن العمل في بريطانيا، وهي ظاهرة "الانفجار النفسي" التي لها عواقب وخيمة، حيث أكد 34% من العمال، أنهم يعانون من أعراض "الانفجار النفسي"، في حين قال واحد من أصل 3 عمال إن أصحاب المؤسسات التي يشتغلون فيها يولون اهتماما بالصحة النفسية.
وفي دراسة أخرى لمؤسسة "إم إتش آر" (MHR) البريطانية للموظفين، كشفت أن 62% من العمال البريطانيين مقتنعون بأن مشغليهم لا يهتمون أبدا بصحتهم النفسية، كما أكد 55% من الموظفين أنهم يعانون من ضغط كبير لإخفاء مخاوفهم من وضعهم النفسي في العمل.
ووفق نفس الدراسة فإن العمال في المملكة المتحدة يعانون من ضغط غير مسبوق، وذلك بسبب أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة التي تؤثر على وضعهم الصحي والمعنوي، حيث عبّر 46% من العمال الذين شملتهم الدراسة عن كون أزمة المعيشة تشكل بالنسبة لهم ضغطا وخوفا حقيقيا، بينما قال 29% إن أكبر هواجسهم حاليا هو دفع فواتير الكهرباء والغاز.
التهجم على العمال
خلال منافسة رئيسة الوزراء ليز تراس على هذا المنصب طفى على السطح، نص كتبته تراس وهي برلمانية عام 2012، وهو نص محرج لرئيسة الوزراء، لما فيه من احتقار العمال في بريطانيا، وكذلك نوعا من العنصرية، وتقول تراس في هذا النص "بمجرد دخولهم مكان العمل، يصبح البريطانيون من بين أسوأ الكسالى في العالم، نحن نعمل أقل ساعات في العمل، ونتقاعد مبكرا، وإنتاجيتنا ضعيفة، وفي حين يطمح الأطفال الهنود لأن يصبحوا أطباء أو رجال أعمال، يهتم البريطانيون أكثر بكرة القدم وموسيقى البوب".
وستعود تراس لإثارة الجدل فتظهر عدم احترامها للعمال في بلادها، من خلال تسجيل صوتي، قامت صحيفة "غارديان" (Guardian) بتسريبه لها، خلال حملة تراس للوصول إلى رئاسة الوزراء، وقالت تراس في هذا التسجيل إن العمال في بريطانيا يسعون للكسب غير المشروع، وإنهم يفتقدون للمهارة وللفعالية.
وكانت ليز تراس تخطط لأن تقوم بتقليص الموارد الخاصة بالخدمات المدنية في المدن البريطانية، باستثناء لندن، لأنه من وجهة نظرها فإن "لندن هي المدينة الأكثر إنتاجية مقارنة مع بقية المدن التي لها مردودية ضعيفة"، وهذه التصريحات أثارت غضبا واسعا في صفوف العمال والنقابات، وهو ما اضطر ليز تراس لأن تتراجع عنه فيما بعد.