بعد الضربات الروسية الأخيرة للمدن الأوكرانية.. صحيفتان غربيتان تتساءلان: هل هذا هو ما تبقى لدى بوتين المحاصر؟

Russia-Ukraine war
الهجمات الروسية الأخيرة أحدثت دمارا كبيرا في المناطق المستهدفة (الأناضول)

رأت صحيفتا "ليبراسيون" (Libération) الفرنسية و"لوتان" (Le Temps) السويسرية أن سلسلة الضربات العنيفة على المدن الأوكرانية التي نفذتها روسيا، انتقاما لما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالهجوم "الإرهابي" على جسر القرم الذي يربط هذه الجزيرة بروسيا منذ عام 2018، تظهر أن موسكو ليست بحاجة إلى اللجوء إلى القنابل النووية أو الأسلحة الكيميائية الأخرى لزرع الرعب.

ولئن رأى الأستاذ جوليان ثيرون من كلية العلوم السياسية، في مقابلته مع ليبراسيون، أن عرض القوة هذا يأتي في وقت لم تعد فيه لدى الجيش الروسي القدرة على تعويض خسائره على الأرض، فإن مقال "لوتان" قرأ فيه أن الكرملين يعدّ للمستقبل، حيث تشكل الحرب على "الإرهاب" الشاشة المثالية لتنفيذ أعمال عشوائية ضد المدنيين الأوكرانيين، وكذلك لتبرير إحكام القبضة مرة أخرى على المعارضين في روسيا نفسها.

وقد وضعت الصحيفتان سلسلة الضربات الروسية في سياق ما سمته إحداهما الاندفاع المجنون لبوتين المحاصر، وعنونته الأخرى بأنه يظهر عجز روسيا عن متابعة المجهود الحربي الذي تتطلبه الخسائر المتنامية على الأرض، لأن روسيا اليوم لا تملك القدرة على استبدال كمّ الموارد التي تفقدها بسبب معدل التدمير الذي تتعرض له، ولا سيما المركبات المدرعة والدبابات.

إعلان

ونبهت "ليبراسيون" إلى أن الضربات الروسية لا تؤثر على مسار المعارك الجارية، ولكنها توضح المسار الذي بدا أن رئيس الكرملين يتجه نحوه، مؤكدة أن ما يعتقده الكرملين من أن تعبئة ضخمة قادرة على عكس تطور الأحداث ليس صحيحا، إذ إن حشد 200 ألف شخص أو حتى مليون شخص لا يضمن النصر، وكلما زاد عدد الجنود ازدادت المشاكل الهيكلية تضخما، "بحيث يجب أن نطعم الرجال ونكسوهم ونؤمن لهم وسائل النقل والمواصلات ونزودهم بالأسلحة والذخائر وما إلى ذلك".

وخلص جوليان ثيرون إلى أن هناك سيناريوهين محتملين، أولهما سقوط نظام فلاديمير بوتين وإن بدا غير مرجح اليوم، وثانيهما توقف الحرب لأن خطر "نهاية العالم"، كما عبر عنه الرئيس الأميركي جو بايدن، ليس أمرا بلا معنى، بخاصة أن روسيا يمكن أن تستخدم أسلحة نووية تكتيكية مخصصة للاستخدام في ساحة المعركة، في قواعد عسكرية أو مقارّ قيادة أو وسائل لوجستية، حسب ليبراسيون.

استعدادات عسكرية في بيلاروسيا

من ناحيتها، أشارت "لوتان" إلى التحرك العسكري على أرض الجار والحليف الروسي بيلاروسيا نحو أوكرانيا تحت ذريعة "الدفاع عن النفس" كما وصفه الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الذي أوضح أن "أوكرانيا لا تكتفي بمناقشة الضربات الصاروخية ضدنا، بل تخطط لها"، مشيرا إلى تهديد بولندا وليتوانيا لبلده.

وذكّرت الصحيفة بما نبهت عليه جماعات المعارضة البيلاروسية واللاجئون في الخارج من تحرك الدبابات بالقطار إلى مدينة روستوف الروسية على الحدود مع دونباس، وذلك في وقت اتهمت فيه هيئة الأركان العامة الأوكرانية بيلاروسيا بإطلاق طائرات مقاتلة من دون طيار من أراضيها لضرب أوكرانيا بالتوازي مع صواريخ روسية.

وخلصت "لوتان" إلى أن الوقت بدأ ينفد لدى الرئيس الروسي، بخاصة مع انتشار الشائعات على شبكات التواصل الاجتماعي عن إقالة وشيكة لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، والتكهن بخلفه، مما جعل بوتين يعلن في نهاية الأسبوع تعيين الجنرال سيرغي سوروفكين لتولي قيادة "العملية العسكرية الخاصة"، علما أنه أحد العقول المدبرة للحرب التي شنّها الجيش الروسي في سوريا، وتحت إشرافه دمرت مدينة حلب واستخدمت قوات الرئيس السوري بشار الأسد أسلحة كيماوية في سوريا.

إعلان

وعلى هامش مناقشات مجلس الأمن يوم الاثنين، شدد بوتين على أن إطلاق الصواريخ جاء "بناء على اقتراح من وزارة الدفاع"، ومن ثم "يبدو أنه يريد وضع حد لجميع الشائعات المتعلقة بسيرغي شويغو".

وختمت "لوتان" بأن القوميين المتطرفين في روسيا يدعون أكثر فأكثر بصراحة إلى حرب شاملة، إذ يقول الصحفي فلاديمير سولوفييف "ما خطتنا؟ ينظر الغرب إلى موقفنا الإنساني -حسب وصفه- على أنه ضعف، ويسخر منا. يجب شن الحرب على أرض الواقع، أو عدم شنها على الإطلاق، لا يمكن أن يكون هناك حل وسط".

المصدر : لوتان + ليبراسيون

إعلان