حاجز مخيم شعفاط.. محطة تنكيل يومي بالمقدسيين
القدس – لم يتمكن حسين علقم من سكان مخيم شعفاط شرقي القدس المحتلة من الالتحاق بعمله في المدينة أمس الأحد، فالاحتلال أغلق الحاجز المقام على أبواب المخيم، ومنع جميع سكانه من الدخول أو الخروج، إثر هجوم مسلح نُفذ مساء السبت الماضي عند الحاجز العسكري وقُتلت فيه مجندة إسرائيلية، تزامنا مع استشهاد 4 فلسطينيين بالضفة الغربية.
بالنسبة لعلقم فإن إغلاق الحاجز ليس بالحدث الجديد، فمنذ تحويل الحاجز إلى "معبر" -حسب الوصف الإسرائيلي- بات الاحتلال يتحكم بالمنطقة التي يسكنها نحو 130 ألف فلسطيني، غالبيتهم يحملون الهوية المقدسية.
يقول علقم للجزيرة نت "يبعد بيتي عن مدينة القدس أكثر من 7 دقائق، ولكن بسبب إجراءات التفتيش أحتاج للوصول إلى الحاجز أكثر من ساعة".
ويشكل الحاجز الضلع الرابع للجدار الذي يحيط ببلدة شعفاط والمخيم الذي أقيم على أطرافها وبلدة عناتا وما بينهما من أحياء رأس خميس ورأس شحادة وضاحية السلام، وإغلاقه يعني حصار وعزل المنطقة بالكامل.
من حاجز مؤقت لـ"معبر دولي"
وبدأ الاحتلال بنصب الحاجز بشكل مؤقت خلال الانتفاضة الثانية من خلال وجود دوريات عسكرية وتفتيش للمركبات، ومع بدء بناء الجدار حول المنطقة في 2002 تحوّل الحاجز إلى شبه دائم ولكن دون بناء إسمنتي.
وفي العام 2009 أعلنت سلطات الاحتلال رسميا عن تحويل الحاجز المؤقت إلى "معبر دولي" -أي بناء يفصل الأراضي التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس عن مناطق الضفة-، واستمر العمل على توسيع الحاجز وبناء غرف تفتيش ومسارات المركبات وأبراج مراقبة وبوابات إلكترونية أكثر من 4 سنوات.
ومع إغلاق الحاجز، يتحول السكان في تلك المنطقة إلى سجناء في منطقة معزولة بالجدار عن الضفة الغربية، وعن القدس بالحاجز.
ويتكون الحاجز من 3 مسارات رئيسية، الأول للمشاة عبر بوابات فحص إلكتروني، والمسار الثاني مخصص للحافلات التي تخضع لتفتيش دقيق أيضا، والثالث للمركبات الخاصة.
يتحكم الجنود في هذه المسارات، وفي بعض الأيام يفتحها الاحتلال بالكامل، وفي أيام أخرى يفتح مسارا واحدا للفئات الثلاث، مما يخلق أزمة خانقة على الحاجز ويعرقل وصول أكثر من 10 آلاف مقدسي لمناطق أعمالهم في القدس وأراضي الـ48.
يمر علقم من المسار المخصص للمركبات الخاصة، وفي هذا المسار جهاز للكشف على لوحة تسجيل المركبات، وإذا كان هناك أي مخالفات على المركبة يتم اعتقال الشخص والتحقيق معه في مركز الشرطة المقام على الحاجز.
وعند وصول المركبة لمكان وجود الجندي على الحاجز، يتم التدقيق في الهويات الشخصية، وإذا كان يستقل المركبة شبان يتم إخراجهم من المركبة وتفتيشها بالكامل.
وسيطر الحاجز على أراض واسعة، عمل الاحتلال فيما بعد على بناء ما أسماها بـ"مراكز الخدمات المدمجة"، التي تضمّ مقرا للشرطة ومكاتب لوزارات ومكاتب أخرى تابعة لبلدية الاحتلال.
هذا البناء وإن بدا أنه تسهيل لتنقل الفلسطينيين الحاملين للهوية المقدسية، إلا أنه شكل أداة للتحكم فيهم وفرض إجراءات تنكيلية بحقهم.
يقول علقم "الحاجز عبارة عن كمين لتصيّد مخالفات مرور على المركبات، وحملات لفرق الضريبة الإسرائيلية".
#Palestine 🇵🇸💔 #فلسطين
Where's the Human Rights organization?
Today 8/10/2022
The Israeli occupation forces brutally detain a Palestinian woman in the vicinity of Damascus Gate in Jerusalem in Palestine.#القدس #يوم_الجمعة #غزة #free #FreePalestine #Jerusalem #freedom #humanity pic.twitter.com/6x7xqaNk5z— Islam Essa🇵🇸#Gaza🙋♀️👑 (@IslamEssa_Gaza) October 8, 2022
نقطة استفزاز دائمة
كل هذه الظروف تخلق أجواء مشحونة تتطور في كثير من الأوقات لمواجهات وملاحقات للشبان وطلبة المدارس والاعتداء عليهم بالضرب، وصولا لعمليات إطلاق النار بشكل مباشر، واستشهاد وجرح عدد من الفلسطينيين.
يقول الناشط صهيب مسالمة إن الحاجز "تحول لنقطة استفزاز وملاحقة لسكان المنطقة"، مؤكدا أنه في بعض الأوقات "يمنع من المرور من خلال الحاجز بسبب مزاجية الجنود"، فيتوجه في اليوم نفسه إلى حاجز آخر ويسمح له بالمرور بشكل طبيعي.
وأشار مسالمة إلى مواقف غير إنسانية يقوم بها الجنود على الحاجز من ملاحقة طلبة المدارس واستفزاز للنساء بالتفتيش الجسدي وعدم مراعاة الحالات الإنسانية.
وأضاف أنه حين توفى جده عام 2020 منع الجنود المشيعين من مرافقة جثمانه، وأغلقوا الحاجز بعد مرور المركبة التي تحمل الجثمان، مما اضطرهم إلى تأخير إجراءات الدفن حتى تمكنوا من الوصول للمقبرة من حاجز آخر.
ويتذكر الناشط الفلسطيني، كما غيره من أبناء المخيم، استشهاد أحد الأطفال عام 2016 عندما أطلق أحد الجنود الرصاص بشكل مباشر نحو الطفل للاشتباه خلال تفتيشه بمضخة الأنسولين المثبتة على جسده.
فصل عنصري بامتياز
وهناك تخوف لدى السكان من تحول الحاجز لأداة لعزلهم وفصلهم عن محيطهم المقدسي، هو ما كان خلال اليوم حيث حُبس أهالي المنطقة بالكامل وتعطلت حياتهم، كما يقول منير نسيبة مدير مركز العمل المجتمعي التابع لجامعة القدس.
وتابع نسيبة في حديثه للجزيرة نت "ما يجري هو جزء من سياسة عقاب جماعي، وإخضاع الفلسطينيين من خلال إشعارهم بأنهم تحت المراقبة، وأن عملا يقوم به فرد سيعاقب كل أفراد المنطقة".
ويقارن نسيبة بين نوعين من الحواجز المقامة حول مدينة القدس، الأول مخصص لمرور المقدسيين فقط، مثل حاجزي شعفاط وقلنديا وعليهما يمارس الاحتلال شتى أساليب الإذلال والعرقلة من خلال تفتيشات مهينة، أما الحواجز الأخرى التي يسلكها المستوطنون إلى جانب المقدسيين، فيقدّم فيها الجنود كل التسهيلات لعدم تأخير المركبات، ولا تتضمن أي مسارات للمشاة أو الفحص عبر البوابات الإلكترونية.
وأضاف أن "الاحتلال يكرس كل الأساليب لعرقلة حياة التجمعات الفلسطينية المحيطة بمدينة القدس، في المقابل يقدم تسهيلات للمستوطنين من خلال تخصيص طرق فرعية وجسور".
وبحسب نسيبة، فإن هذه الصورة هي الوصف الدقيق لنظام الفصل العنصري بهيمنة وتمييز فئة من السكان على حساب فئة أخرى.