الاتفاق النووي حجر الزاوية.. 7 أسئلة وأجوبة: لماذا يعتبر 2022 عاما مصيريا لإيران؟
طهران– طوى عام 2021 صفحاته على وقع استمرار التوتر بين إيران والغرب والتهديدات المتبادلة وتعثر مفاوضات الملف النووي الإيراني وصور المناورات العسكرية التي تعلن عنها إيران من جهة، وخصومها من جهة أخرى.
ووفقا لخبراء ومحللين، فإن عام 2022 سيكون بمثابة سنة مصيرية في تاريخ إيران المعاصر، لأن هذا العام سيحدد نتيجة 18 عاما من المفاوضات بين طهران والقوى الغربية بشأن برنامجها النووي الذي بات على مفترق طرق.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsهل تهاجم إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية عام 2022؟
لوفيغارو: إيران وأوكرانيا وتايوان.. ملفات تهدد الاستقرار العالمي في 2022
تلوث الهواء يفاقم الإصابة بالأمراض في إيران
في هذا التقرير التقت الجزيرة نت خبراء سياسيين واقتصاديين إيرانيين تحدثوا عن سيناريوهين باتت إيران تقف على وقعهما في العام الجديد.
متى بدأ برنامج إيران النووي؟ ومتى بدأت مفاوضات إيران النووية مع الغرب؟
– بدأ برنامج إيران النووي في فترة خمسينيات القرن الماضي بمساعدة من الولايات المتحدة كجزء من برنامج "الذرة من أجل السلام"، وأصبحت إيران في عام 1958 عضوا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووقعت عام 1968 معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية "إن بي تي" (NPT)"، وتم إنشاء منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في عام 1974.
– دخلت الجمهورية الإسلامية لأول مرة في مفاوضات مع الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) في أكتوبر/تشرين الأول 2003 في طهران، وأجرت العديد من المحادثات بعدها مع قوى عالمية كبرى (ما تسمى دول "5+1") وتضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا.
– حدث معظم التقدم في المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية بعد تنصيب حكومة حسن روحاني في أغسطس/آب 2013 وتغيير فريق التفاوض النووي، وأدى أهم هذه المفاوضات إلى الاتفاق النووي عام 2015.
– بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018 استمرت المحادثات بين القوى العالمية وإيران لإحياء هذا الاتفاق الذي سجل الجولة الثامنة من المحادثات في فيينا مؤخرا.
ما هي فوائد البرنامج النووي لإيران؟
بالإضافة إلى توليد الكهرباء يمكن استخدام التكنولوجيا النووية في العديد من المجالات، ووفقا للرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي فقد سجلت الطاقة النووية في إيران 133 إنجازا في مجالات الصناعة والصحة والزراعة.
ولفت صالحي إلى أن الطاقة النووية حسنت قدرة إيران في مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني وتربية الأحياء المائية باستخدام التكنولوجيا النووية بحيث لا تعاني من الآفات والنفايات، وتحقيق إنتاجية عالية في هذا القطاعات.
كما تشمل هذه الصناعة منتجات، مثل المستحضرات الصيدلانية المشعة، وإضافة إلى ذلك تستخدم هذه التقنية في المختبرات وفي إنتاج اللقاحات وكذلك في تحلية المياه.
ما هي تكاليف وخسائر إيران من البرنامج النووي؟
– يكاد يكون من المستحيل إجراء حساب دقيق لتأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني بسبب آثارها المباشرة وغير المباشرة وطويلة المدى، وكل ما تم نشره حول تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني هو تقديرات تعبر عن أرقام مختلفة حسب المصدر وطريقة الحساب.
– أعلن الرئيس السابق لهيئة الطاقة النووية علي أكبر صالحي في أبريل/نيسان الماضي في مقابلة تلفزيونية أنه مع حساب دقيق منذ عام 1991 حتى 2019 تم إنفاق حوالي 7.5 مليارات دولار على الطاقة والإنتاج النوويين.
– الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني قال أيضا في نهاية عام 2019 إن العقوبات حرمت بلاده من نحو 200 مليار دولار في عامي 2018 و2019.
– كما أشار وزير الطرق السابق عباس أخوندي بداية العام الإيراني الحالي إلى أن الالتفاف على العقوبات مكلف، وتحدث عن أنه كلف الاقتصاد الإيراني بين 300 و400 مليار دولار على مدى السنوات الـ16 الماضية.
– مع ذلك، يعتقد بعض الخبراء الاقتصاديين والسياسيين أن العقوبات الأميركية كلفت إيران قرابة ألف مليار دولار منذ بداية الثورة الإيرانية في عام 1979 وحتى الآن.
ما هي آثار وصول إيران أو عدم وصولها إلى الاتفاق النووي في فيينا على بيئة السياسة الداخلية وكذلك على مجال السياسة الخارجية لإيران؟
يعتقد الدكتور علي بيغدلي المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية أن إيران لم تتعرض لضغوط اقتصادية كبيرة منذ بداية الثورة حتى الآن مثلما تعرضت في الآونة الأخيرة.
وقال بيغدلي للجزيرة نت "نحن الآن في وضع اقتصادي صعب للغاية، وبالتالي فإن إيران تتراجع لحظة بلحظة عن قراراتها في فيينا، وهذا يدل على أنها وصلت إلى نقطة لا رجوع فيها، وعليها أن تحل هذه المشكلة بأي شكل من الأشكال".
وأضاف أنه إذا لم تتوصل إيران إلى اتفاق فستواجه ردود أفعال داخلية قوية، واعتبر أن بلاده "مستعدة لانبثاق انتفاضات مجتمعية، وإضافة إلى ذلك ستُؤنَّب إيران دوليا، وعليها النظر إلى داخل حدودها بدلا من التركيز على خارج الحدود".
ما هي التغييرات التي ستحدثها نتائج المحادثات النووية في الهيكل الاقتصادي لإيران؟
طور مركز أبحاث غرفة التجارة الإيرانية خريطة طريق تستند إلى سيناريوهين للاتفاق مع قوى الكبرى أو عدمه، وجعل خروج إيران من الأزمة الاقتصادية مشروطا بانسحاب إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي "إف إيه تي إف" (FATF)، لأن هذه المسألة بالغة الأهمية لدرجة أنه حتى لو تم رفع العقوبات بالكامل يمكن أن تخلق قيودا مدمرة على التجارة الخارجية لإيران.
– السيناريو الأول:
وهو الأكثر تفاؤلا، ويتمثل بتوصل الأطراف إلى اتفاق شامل، وحتى لو لم يتم التوصل إلى ذلك فإننا سنرى اتفاقا محدودا ومؤقتا لن يسمح إلا ببيع النفط وتحويل عائداته للبلاد، ولن تتغير حالة عدم اليقين والمخاطرة في الاقتصاد الإيراني على الساحة الدولية.
– السيناريو الثاني:
السيناريو الآخر هو استمرار العقوبات، وهو ما يعني استمرار تراجع تدفق النقد الأجنبي للبلاد وتقليل الموارد الحكومية وكذلك القدرة على الاستيراد، وهو ما سيفاقم المشكلات الاقتصادية عن طريق تقليل صادرات النفط وتعطيل المعاملات المالية الأجنبية والتأمين والنقل.
ما الدور الذي تلعبه نتيجة المفاوضات على المجتمع الإيراني؟ وكيف يتأثر الإيرانيون بها؟
يعتقد الدكتور أحمد بخارایى عالم الاجتماع ورئيس مجموعة القضايا الاجتماعية في الجمعية الإيرانية لعلم الاجتماع أن الاتفاقية مصطلح واسع ولن يكون هناك اتفاق حقيقي بین إيران والولايات المتحدة والغرب، نظرا لوجود سلسلة من العداوات والتناقضات الدينية والأيديولوجية المتأصلة، ولن تتخلى إيران عن أيديولوجيتها ولن يكون الطرف الآخر على استعداد للتراجع عن مواقفه.
وأضاف بخارايى للجزيرة نت "إذا توصلت إيران والغرب إلى اتفاق فهو مجرد نافذة للتنفس والبقاء، ولن يكون هناك اتفاق يؤدي إلى نمو وتطور فيها"، معتبرا أن ذلك سيؤدي لاستمرار الاحتجاجات الشعبية والرغبة في الهجرة وفقدان الأمل بمستقبل البلاد، وسيصبح الطلاق والمخدرات أكثر انتشارا، وهذه كلها دوائر مترابطة.
ما هو تأثير نتائج المباحثات النووية على دول المنطقة، خاصة الدول ذات النفوذ الإيراني مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن؟
يعتقد علي بيغدلي أن إيران وربما بسبب المشاكل الاقتصادية تفقد نفوذها تدريجيا في المنطقة، وأن الانتخابات العراقية الأخيرة أظهرت أن الجماعات المدعومة من إيران تفقد قوتها ونفوذها بسرعة، ولدينا نفس الأمر في سوريا، وهذا البلد يوفر مساحة للعودة إلى العالم العربي، وهذا يتطلب أن تقلل سوريا علاقاتها مع إيران.
وختم بيغدلي حديثه مع الجزيرة نت بأننا نشهد استياء في لبنان، ولم تعد إيران قادرة على تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية للحوثيين في اليمن، وعليها أن تعلم أنه لا يمكن التفاهم مع السعودية دون إنهاء المفاوضات والسيطرة على الملف النووي.