الرئيس التونسي يرفض مطالبات قوى سياسية بإنهاء إجراءاته الاستثنائية والغنوشي يدعو لحوار شامل

دعت قوى سياسية تونسية، اليوم الخميس، إلى وضع نهاية لإجراءات الرئيس قيس سعيّد الاستثنائية والعودة إلى المسار الدستوري، في حين دعا رئيس مجلس النواب المعلق، راشد الغنوشي، إلى "حوار وطني شامل يسبقه إلغاء للأوامر الرئاسية الأخيرة".
بدوره، دافع سعيد عن إجراءاته، وقال إن ما قام به يهدف لاستقرار المؤسسات المعبرة عن إرادة الشعب، متهما من يقول عكس ذلك بأنه "كاذب ومفتر".
وأضاف، خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، أنه يعمل على إرساء دولة القانون التي تقوم على المؤسسات، وأنه يحاول اختصار الزمن والتاريخ حتى تكون هناك مؤسسات مستقرة ثابتة تعبر عن إرادة الشعب لا عن إرادة من رهنوا أنفسهم لحركات معادية للأمة، حسب تعبيره.
وأكد الرئيس أن الاستشارة الإلكترونية والنصوص القانونية الخاصة بالصلح الجزائي بدأت برغم محاولة ثني التونسيين عن المشاركة فيها. واتهم سعيد البعض بوضع عراقيل في كل مكان بهدف إحباط هذه الاستشارة، حسب وصفه.
وقال سعيد "ليعلم الجميع مرة أخرى أن السيادة للشعب يمارسها وفق الدستور، ولكن لا يجب أن يتحول الدستور إلى أداة للسيطرة على سلطة الشعب وسيادته".
ويوافق اليوم ذكرى مرور 8 سنوات على صدور "دستور 2014" بعد 3 أعوام من ثورة شعبية أطاحت عام 2011 بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).
انتقادات حادة
وجاء حديث الرئيس عقب مؤتمر صحفي مشترك عقده اليوم عدد من الأحزاب، وجه المشاركون فيه انتقادات حادة لسعيد وإجراءاته الاستثنائية.
وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، خلال المؤتمر، إن من الضروري وضع نهاية لإجراءات الرئيس الاستثنائية، وعودة البلاد إلى المسار الدستوري. وأضاف أن هناك محاولات لإيهام المواطنين بأن تغيير الدستور سينهي الأزمات.
بدوره صرح الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، في المؤتمر الصحفي نفسه، بأن الأحزاب المعارضة للسلطة ستقترح برنامجا للخروج من الأزمة.
ونبّه الشواشي إلى "وجود توجه لترسيخ نظام دكتاتوري" مضيفا أن رئيس الجمهورية "ماطل في تشكيل حكومة، وبعد تشكيلها سحب الصلاحيات منها" وقال أيضا "رئيس الدولة هو رئيس الحكومة الفعلي وهو الحاكم بأمره".
وقال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي إن حزبه سيتقدم بشكوى لدى محكمة المحاسبات ضد سعيد بشأن سوء التصرف في موارد الدولة.
وفي السياق ذاته، قال الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي خليل الزاوية -في المؤتمر الصحفي- إن الرئيس يحاول بناء حكم فردي من دون إشراك أي طرف، محمّلا سعيّد "نتائج قرارته التي أوجدت حكومة ضعيفة" وقال إن قرارات الرئيس فوقية ولا قاعدة جماهيرية لها.
واتهم الزاوية سعيّد بإشراك أطراف أجنبية في الخلافات السياسية الداخلية، وأضاف "لأول مرة نشهد تدخلا كاملا لمديرة ديوان الرئاسة في الشأن السياسي" في إشارة إلى نادية عكاشة التي قدمت استقالتها الاثنين الماضي، وكانت توصف بالذراع اليمنى لسعيّد.
دعوة الغنوشي
من ناحية أخرى، قال الغنوشي، اليوم، إنه يدعو لإقامة حوار وطني للخروج من الأزمة السياسية الحالية وذلك بعد إلغاء قرارات الرئيس الأخيرة، وأضاف "البرلمان تمت شيطنته، وبعد 6 أشهر من الانقلاب لم يتحقق سوى تعميق الأزمة الاقتصادية".
وأضاف رئيس مجلس النواب المجمد، في جلسة برلمانية عن بعد بمناسبة الذكرى الثامنة لصدور الدستور، أن كل الطرق الدستورية لإصلاح الوضع تمر بمؤسسة البرلمان، ولا مناص من ذلك. ومن جانبها، حذرت سميرة الشواشي نائبة رئيس البرلمان من أن ديمقراطية تونس "مهددة بتركز السلطات بيد شخص واحد".
وتأتي هذه المواقف السياسية بعد يوم من إعلان رئاسة الحكومة تمديد إجراءات حظر التجول الليلي، ومنع المظاهرات والتجمعات في الأماكن العامة لمدة أسبوعين آخرين.
بدء الحظر
وكانت الحكومة بدأت العمل بهذه الإجراءات في 12 يناير/كانون الثاني الجاري، وقالت إنها فعلت ذلك تنفيذا لقرارات اجتماع المجلس الوزاري -الذي انعقد أول أمس- بشأن مواجهة تطور الوضع الوبائي، واستئناسا بتوصيات اللجنة العلمية.
غير أن أحزابا سياسية وقوى مدنية طعنت بهذه الإجراءات، ورأت أن الهدف منها التضييق على معارضي الرئيس الذين يتظاهرون منذ أسابيع ضد الإجراءات التي اتخذها في 25 يوليو/تموز الماضي.
وتعاني البلاد منذ 25 يوليو/تموز الماضي من أزمة سياسية حادة حين بدأ سعيد فرض إجراءات "استثنائية" منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة.
وترفض أغلب القوى السياسية والمدنية هذه الإجراءات وتعدّها "انقلابا على الدستور" في حين تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحا لمسار ثورة 2011″.