تونس.. المجلس الأعلى للقضاء يرفض حملات تشويه أعضائه وأحزاب تقاضي الداخلية لفضها المظاهرات

تونس تصوت لانتخاب أول مجلس أعلى للقضاء
المجلس الأعلى للقضاء أدان التدخل في عمله والاعتداء على صلاحياته (الجزيرة-أرشيف)

قال المجلس الأعلى للقضاء في تونس، الجمعة، إنه يرفض حملات التشويه ضد أعضائه، وسيواصل أداء مهامه دفاعا عن استقلال القضاء، وذلك عقب قرارات من الرئيس قيس سعيد وصفت بالتدخل في عمل المجلس، فيما قالت مراسلة الجزيرة إن أحزابا رفعت دعوى قضائية ضد وزير الداخلية توفيق شرف الدين بشأن فض مظاهرات يوم الجمعة الماضي.

وحذّر المجلس الأعلى للقضاء، في بيان، من خطورة المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية، داعيا القضاة إلى التمسك باستقلاليتهم، وأدان المجلس التدخل في عمله ورفض التمادي في الاعتداء على صلاحياته.

وجاء بيان المجلس بعد يومين من إصدار الرئيس سعيد مرسوما يقضي بوضع حد للمنح والامتيازات المخولة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء (45 عضوا)، وبعدها بيوم قال رئيس الجمهورية إن القضاء حر، وإنه يعمل على أن يبقى كذلك، لكنه أكد أن القضاء ليس الدولة أو الحكومة، وعليه أن يطبق القانون، مضيفا أن ما سماه الإفلات من العقاب يجب أن ينتهي.

في المقابل، قال رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بو زاخر إن المجلس يرى أن مرسوم وقف المنح الذي أصدره سعيّد مساس بالسلطة القضائية وصلاحيات المجلس الأعلى للقضاء، مؤكدا -في مقابلة مع الجزيرة الخميس- أن هذا المرسوم لن يثني القضاة عن القيام بمهامهم.

عميد المحامين الأسبق

وعلمت الجزيرة أن فرع المحامين بتونس العاصمة تلقى مراسلة من محكمة الاستئناف العسكرية بتونس لإعلامه بإحالة العميد الأسبق للمحامين التونسيين عبد الرزاق الكيلاني إلى القضاء العسكري، من أجل ما سماها "أفعالا يجرمها القانون"، دون ذكر تلك الأفعال المشار إليها.

وورد في نص المراسلة أنه سيتم إعلام الفرع لاحقا بمضمون تلك الجرائم والنصوص القانونية المرتبطة بها.

وكان الرئيس التونسي أشار إلى الكيلاني، من دون أن يسميه، ووجه له تهمة تحريض الأمنيين على عصيان الأوامر.

يذكر أن الكيلاني رفع الخميس شكوى إلى القضاء ضد وزير الداخلية وكل من سيكشف عنهم البحث بعد الاعتداء الذي تعرض له من قبل أمنيين في 14 من الشهر الجاري أثناء منع قوات الأمن مظاهرة شعبية لإحياء الذكرى الـ11 للثورة.

فض المظاهرات

من جهة أخرى، قال مراسل الجزيرة إن أحزابا تونسية رفعت دعوى قضائية على وزير الداخلية ومدير الأمن بشأن فض مظاهرات يوم الجمعة الماضي، وذلك لإحياء الذكرى الـ11 لاندلاع الثورة التي أسقطت الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

ويتعلق الأمر بأحزاب التيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وشخصيات وطنية تونسية التي اتهمت الشرطة باستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين في ذكرى الثورة.

وقالت هذه الأحزاب -في بيان مشترك- إن تدخل الشرطة العنيف جاء تنفيذا لتعليمات من الداخلية في مخالفة صريحة للدستور والقانون، على حد تعبيرها.

والخميس، قال رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي -خلال تشييع جثمان المتظاهر رضا بوزيان، الذي توفي إثر إصابته في مظاهرات الجمعة الماضي- إن مقتله جريمة دولة، مضيفا أن المتهم فيها هو وزيرُ الداخلية والرئيس قيس سعيّد، إلى أن يثبت عكس ذلك، وفق تعبيره.

وتقول حركة النهضة و"مواطنون ضد الانقلاب" إن بوزيان توفي نتيجة اعتداء قوات الأمن عليه خلال الاحتفال بذكرى الثورة، وقال القيادي في حركة النهضة عماد الخميري إن المتظاهرين يوم الجمعة الماضي تعرضوا لما وصفه بقمع غير مسبوق.

تحقيق قضائي

ومساء الأربعاء، أعلنت المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية فتح تحقيق في وفاة بوزيان، والذي عُثر عليه يوم المظاهرات في حالة إغماء ودون أي آثار عنف ظاهرة، على أن تعرض جثته على الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة، في حين قالت وزارة الداخلية في بيان لها إن قوات الأمن "تحلت بأقصى درجات ضبط النفس وتدرجت باستعمال المياه لتفريق المتظاهرين الذين تعمدوا اقتحام الحواجز ومهاجمة عناصر الأمن".

وفي سياق متصل، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، بأن المنظمة "تتابع بقلق الوضع في تونس، داعيا إلى "الحفاظ على الثورة الديمقراطية، وإزالة المخاوف عبر الاستعادة الكاملة لإطار ديمقراطي يصلح لجميع التونسيين".

يشار إلى أن تونس تعاني منذ 25 يوليو/تموز الماضي أزمة سياسية متصاعدة، حين فرض الرئيس سعيد إجراءات استثنائية منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

وترفض غالبية القوى السياسية في البلاد تلك الإجراءات، وتعتبرها انقلابا على الدستور، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها تصحيحا لمسار ثورة 2011.

المصدر : الجزيرة + الأناضول