لتصريف الأعمال أم دائمة.. كيف يمكن توصيف حكومة طالبان الجديدة؟

Taliban spokesperson Zabihullah Mujahid holds press conference​​​​​​​
طالبان أعلنت تشكيل حكومة "تصريف أعمال" كما جاء في البيان الصادر عن الحركة​​​​​​​. (الأناضول)

كابل – خلافا لما كان متوقعا، لم تقم طالبان بتشكيل حكومة دائمة تدير أفغانستان، بل أعلنت تشكيل حكومة "تصريف أعمال" كما جاء في البيان الصادر عن الحركة من دون أن يشير البيان إلى مدة عمل الحكومة التي تشكلت أو موعد إعلان الحكومة الدائمة.

وقد أثار تأخر طالبان في إعلان تشكيل الحكومة -رغم سيطرتها الكاملة على البلاد- موجة من الانتقادات، وكان المسؤولون في الحركة يبررون التأخر في تشكيل الحكومة بأن قياداتها مشغولة بإجراء مشاورات داخل الحركة وخارجها، لتشكيل حكومة موسعة وشاملة لجميع أطياف الشعب الأفغاني.

إلا أن التشكيلة الوزارية المعلنة شملت قيادات الحركة فقط، ولا يوجد فيها أي شخصية من خارجها على خلاف تصريحات سابقة صادرة عن الحركة.

وبحسب مراقبين للشأن الأفغاني، فإنه لم تكن هناك حاجة للتأخير 3 أسابيع لإعلان حكومة تصريف أعمال وتعطيل عمل الوزارات والمؤسسات الحكومية طوال هذه الفترة، إذا كانت حركة طالبان تريد تشكيل حكومة مكونة من أعضائها فقط.

ويعزو بعض المراقبين القول لمصادر في طالبان إن التأخير في إعلان الحكومة كان متعمدا، حيث كانت الحركة تريد مغادرة آخر جندي أميركي وانتهاء الاحتلال الأميركي لأفغانستان، والتخلص من مشكلة المقاومة المسلحة في وادي بنجشير، ومن ثم إعلان التشكيلة الحكومية، وهذا ما حصل بالفعل.

إعلان

بينما تقول بعض التحليلات إن إعلان حكومة تصريف الأعمال جاء نتيجة ضغط الرأي العام الداخلي والضغوط الدولية قبل إكمال حركة طالبان للمشاورات والمداولات.

وهناك من يرى أنه بالرغم من تسمية هذه الحكومة "حكومة تصريف الأعمال" فإنها هي الحكومة التي تريدها طالبان ولن ترضى بغيرها، لأن الحركة ترى أن من حقها أن تحكم أفغانستان بمفردها بعد 20 سنة من الكفاح المتواصل ضد الغزو الأميركي والسيطرة على جميع الأراضي.

ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن وصف الحكومة بأنها لتصريف الأعمال تكتيك سياسي من طالبان للتقليل من الانتقادات الداخلية وضغوط المجتمع الدولي لما يرونه احتكار الحركة للسلطة.

ومما يعزز هذا الرأي التجربة الأولى لحركة طالبان قبل 25 سنة، حيث كان بعض الوزراء في تلك الحكومة يحملون لقب "وزير تصريف أعمال" ولكنهم استمروا في أعمالهم حتى نهاية حكم طالبان.

تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة تسمية الوزراء في الحكومة الجديدة بوزراء تصريف الأعمال ليست حكرا على حركة طالبان، بل كانت موجودة قبل حكم طالبان في حكومة الرئيس المنصرف أشرف غني، إذ كان أغلب الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة يحملون لقب وزراء تصريف الأعمال.

ردود فعل

وقوبل إعلان الحكومة الجديدة في كابل بردود فعل واسعة في الداخل الأفغاني، ففي حين رحبت به شخصيات وقطاعات داخل المجتمع الأفغاني واعتبرت ذلك خطوة إيجابية اعتبرها البعض الآخر مخيبة للآمال.

وقد أعلن كثير من الأحزاب السياسية في أفغانستان، مثل الجمعية الإسلامية وحزب الوحدة الإسلامي الشيعي ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات السياسية والاجتماعية، رفضهم للحكومة المعلنة من قبل حركة طالبان واعتبرتها مخيبة لآمال الشعب الأفغاني.

واتهموا حركة طالبان باحتكار السلطة في أبناء عرق واحد (البشتون) ومنطقة واحدة (قندهار الكبرى)، وذهب بعض الشخصيات مثل صلاح الدين رباني وزير الخارجية السابق (نجل الرئيس الأسبق برهان الدين رباني) وأحمد مسعود زعيم المقاومة في بنجشير (نجل القائد أحمد شاه مسعود) وعبد الكريم خليلي زعيم حزب الوحدة الشيعي إلى حد مناشدة المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بالحكومة المعلنة من طالبان.

إعلان

ويحذر المنتقدون الحركة من اتباع سياسة تجاهل تمثيل التنوع العرقي والجغرافي والاجتماعي والسياسي والمذهبي والثقافي للمجتمع الأفغاني، وفرض سياسات التهميش والإقصاء المؤدية إلى شعور المواطنين بالحرمان والظلم.

وعلى الصعيد الدولي، عبرت الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا والاتحاد الأوروبي وطاجيكستان عن قلقهم لكون الحكومة المعلنة غير شاملة، بينما كان موقف دول أخرى -مثل إيران والصين وتركيا وأوزبكستان- أقرب إلى التحفظ، فقد طالبت هذه الدول بمشاركة جميع القوميات الموجودة في أفغانستان في الحكم.

المصدر : الجزيرة

إعلان