قراءة عراقية في أداء حكومة الكاظمي مع قرب انتهاء مهامها

محللون يرون أن التباين في المواقف إزاء حكومة الكاظمي يرتبط بمصالح القوى السياسية أولًا، وبالثأر السياسي ثانيًا.

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (مواقع التواصل)

بغداد- بدأ العد التنازلي لحكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في ظل توافق سياسي على إجراء الانتخابات النيابية المبكرة المقررة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، في حين تباينت تقييمات الكتل السياسية بشأن أداء تلك الحكومة التي تسلمت مهامها العام الماضي.

وفي غمرة الاحتجاجات العراقية، وتصاعد أزمات العراق عام 2020، وصلت الأحزاب في البلاد إلى اتفاق أفضى بتولي الكاظمي رئاسة الوزراء، بعد مخاض عسير، استمر بضعة أشهر.

وكان على الكاظمي التعاطي مع الاحتجاجات الغاضبة، ومواجهة تفشي فيروس كورونا، وانتشال البلاد من الوضع الاقتصادي المتردي، إثر انخفاض أسعار النفط، وخفض منسوب التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، فضلًا عن المشكلات الداخلية الضاغطة.

وتباينت تقييمات النواب والخبراء في الشأن العراقي تجاه أداء حكومة الكاظمي، ففي وقت رأى فيه بعضهم تحقيق تقدم في جملة ملفات، رأى آخرون إخفاقها في جملة قطاعات، وجنوحها نحو الإجراءات الشكلية.

عضو البرلمان العراقي ندى شاكر
شوكت: حكومة الكاظمي جاءت وفق التوافق السياسي والمحاصصة الحزبية (الجزيرة)

حكومة انتقالية

النائبة في البرلمان العراقي ندى شاكر قالت إن "حكومة الكاظمي انتقالية، وذلك يعني ضرورة اهتمامها بقضايا ضمن هذا الجانب، وهي الكشف عن قتلة المتظاهرين، وإجراء انتخابات مبكرة، وإقرار الموازنة، وإذا أردنا الإنصاف فإن حكومة الكاظمي، كحال الحكومات الأخرى، جاءت وفق التوافق السياسي والمحاصصة الحزبية".

وأكدت النائبة في تصريح للجزيرة نت أن "حكومة الكاظمي واجهت انخفاضا في أسعار النفط بدرجة كبيرة، وهو ما انعكس سلبًا على واقع البلاد الاقتصادي، وكان من نتائجه التوجه نحو حلول مسّت المواطن الفقير فقط، في حين لم تمس الشريحة المسيطرة على أموال الدولة والمسيطرة على الاستثمارات"، ولفتت إلى أن "الحكومة اتفقت مع الكتل السياسية -مع الأسف- على رفع سعر الدولار مقابل خفض قيمة الدينار العراقي".

وفي كلمته الأولى بعد تكليفه تشكيل الحكومة، أطلق الكاظمي جملة تعهدات، تتعلق بالمشكلات الداخلية العراقية، السياسية منها والاجتماعية، والاقتصادية، فضلًا عن الوعود المتعلقة بالملف الخدمي، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وتحسين بيئة الاستثمار، وبسط سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها.

وفي مقال تحليلي نشره معهد السلام الأميركي بمناسبة مرور عام على حكومة الكاظمي، أشار فيه كل من الكاتبين سرهنك حمه سعيد وإيلي أبو عون إلى أن الكاظمي وعد بتلبية العديد من مطالب المحتجين، إلا أنه لم يحقق كثيرا من النتائج الملموسة رغم بذله جهودا جديرة بالثناء، حسب المعهد.

ولكنّ كاتبي المقال أشارا صراحة إلى أنه بالنظر إلى طبيعة المطالب الشعبية، فإن من غير الواقعي توقع تلبية أي حكومة لها في غضون عام أو عامين فقط، ولا سيما أن التراكمات التي تواجهها الحكومة العراقية لا حصر لها.

فضل الله (يمين) يرى أن حكومة الكاظمي أخفقت في الوفاء بوعودها في عموم الملفات (الجزيرة)

تجنب المشاكل الداخلية

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي علي فضل الله أن "حكومة الكاظمي لم تنجح في عموم الملفات، وكان من المفترض أن تنتقل بها نقلة نوعية، باعتبارها كانت وليدة مظاهرات شعبية عارمة أطاحت بحكومة عادل عبد المهدي، ومن المفترض أن تكون هذه الحكومة هي الأفضل، ولكن إذا نظرنا إلى الملف الأمني والخدمي، فسيكونان شاهدين على إخفاقها في تطبيق وعودها".

ويضيف فضل الله في حديث للجزيرة نت أن "من الغريب أن الحكومة خلال مسيرتها ابتعدت عن معالجة المشاكل الداخلية، وانتقلت إلى السياسة الخارجية، ومن المعروف أن الدور الريادي أو المحوري لا يتحقق عبر المؤتمرات والقمم، بل يحتاج إلى استقرار داخلي".

من جهته، قال النائب عن تحالف الفتح كريم عليوي "لم نكن نتوقع أن الكاظمي يترأس رئاسة الوزراء، وهذا يعود إلى ضعف الخبرة السياسية، ولكن الشارع والكتل أسهمت بهذا الوضع، وأبرز ما يؤخذ عليه؛ رفع قيمة الدولار أمام الدينار، وتردّي الوضع الأمني، وتدنّي واقع الاقتصاد العراقي، وضعف الإجراءات المتخذة في هذا المسار".

وأكد عليوي للجزيرة نت أن "الشعب العراقي يريد رئيس وزراء قوي يوفر الأمن والكهرباء، ويفرض استقرار الدولار، مع تحسين العلاقات مع دول الجوار"، وأضاف أن "بيئة الفساد ما زالت منتشرة في العراق، والتزوير سهل في دوائر الدولة، فضلًا عن إمكانية تزوير حتى الانتخابات النيابية المقبلة، وإذا كان هذا الحال فإن من السهل تقييم أداء أي حكومة، بالنظر إلى نتائج عملها".

الشمري: حكومة الكاظمي حققت تقدما على مستوى مكافحة الفساد وملف العلاقات الخارجية (الجزيرة)

تجزئة الملفات

وعلى الجانب الآخر، يرى مراقبون ومختصون أن الكاظمي تمكن من إحداث نقلة على اتجاهات عدة، مستتثمرًا بذلك علاقاته الشخصية مع رؤساء الدول وقادتها، وهو ما انعكس سريعًا على الوضع الداخلي، حيث بدأ بإصلاحات جدّية لواقع الاقتصاد، وعقد حزمة تفاهمات واتفاقات في هذا الإطار، فضلًا عن الحراك الدبلوماسي المكثف لإبعاد العراق عن سياسية المحاور، وتحويله إلى نقطة التقاء.

ويرى الباحث والمحلل السياسي إحسان الشمري أنه "عند تسلم الكاظمي رئاسة الوزراء كانت الدولة منهارة، ولذلك كانت أولى مهام حكومته وقف هذا الانهيار، واستطاعت إنجاز تلك المهمة، لأن انعدام ثقة الدولة بمؤسساتها كان هو الأكبر والأعلى مستوى حتى بالحكومات السابقة".

وأشار الشمري خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن "الكاظمي كان يسعى إلى عملية تجزئة؛ لأن الملفات متجذرة بقضايا الفساد، وقضايا إعادة هيكلة الدولة وتعديل الدستور، ولا أتصور أنه ممكن لحكومة انتقالية أو لحكومة مؤقتة أن تحل هذه الملفات، لكن على مستوى مكافحة الفساد هناك تقدم، وكذلك ملف العلاقات الخارجية".

ولفت إلى أن "التباين في الآراء إزاء حكومة الكاظمي يرتبط بمصالح القوى السياسية أولًا، وبالثأر السياسي ثانيًا، ولذلك تجد هناك تباينًا بين الأطراف السياسية في العراق عند تقييم تلك الحكومة".

 

المصدر : الجزيرة