العدالة والتنمية يتوقع خسارة 35 مقعدا بسببها.. كيف ستؤثر القوانين الجديدة على نتائج انتخابات المغرب؟
سيكون للتعديلات الجديدة أثر على نتائج الأحزاب السياسية في الانتخابات المقبلة خاصة الأحزاب الكبرى التي كانت تستأثر بأكبر عدد من المقاعد. وبحسب مراقبين، فإن الأحزاب المتوسطة والصغيرة ستكون أكبر الرابحين بعد اعتماد هذه التعديلات.

الرباط – يتواصل زخم الحملات الدعائية في المغرب مع اقتراب يوم التصويت في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري، حيث سيكون حوالي 18 مليون مغربي مدعوين لاختيار 395 عضوا لمجلس النواب و31 ألف عضو لمجالس البلديات والجهات في يوم واحد.
ويخيّم على هذه الانتخابات شبح التعديلات التي طالت القوانين المنظمة للاقتراع، والتي كان من أبرزها اعتماد قاسم انتخابي جديد في توزيع المقاعد النيابية، وإلغاء العتبة التي كانت محددة في 3%.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsهل يشتت المشهد السياسي الديمقراطية أم يحييها؟.. جدل كبير في المغرب بعد تصويت البرلمان على تعديل مثير للقانون الانتخابي
تشريعيات 2021 في المغرب.. مطالب بالإصلاح الانتخابي وانتقادات لأداء الأحزاب
الانتخابات المغربية.. مَن ينتصر في معركة المصباح والحمامة؟
والعتبة الانتخابية هي الحد الأدنى من الأصوات المطلوب من أي حزب الحصول عليه ليصبح له الحق في الحصول على مقعد.
وبموجب القاسم الانتخابي سيتم احتساب المقاعد بناء على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، وليس وفق عدد المصوتين كما كان سابقا.
وأوضحت المادة 84 من القانون التنظيمي لمجلس النواب الطريقة الجديدة لتوزيع مقاعد البرلمان "توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها. وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور".
الأحزاب الكبرى
وسيكون للتعديلات الجديدة أثر على نتائج الأحزاب السياسية في الانتخابات المقبلة خاصة الأحزاب الكبرى التي كانت تستأثر بأكبر عدد من المقاعد، ومنها حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة اللذان حازا في الانتخابات الماضية معا على 227 مقعدا نيابيا من بين 395.
ويؤكد سليمان العمراني نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن القاسم الانتخابي الجديد سيؤثر على نتائج حزبه في الانتخابات النيابية، لافتا في تصريح للجزيرة نت إلى أن إرادة الأحزاب السياسية التقت على هذا التعديل لإضعاف حظوظ حزب العدالة والتنمية وانتزاع مقاعده.
ويضيف أن حزبه حصل في الانتخابات الماضية التي تصدر نتائجها على 125 مقعدا، وبعد هذا التعديل فإن التوقعات لن تمنحه سوى 90 مقعدا نيابيا.
بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يقود المعارضة في البلاد، فإنه لا يريد قياس النتائج بعدد المقاعد المحصل عليها، ففي نظر أمينه العام عبد اللطيف وهبي فإن حزبه الذي وافق على هذه التعديلات يستهدف الديمقراطية أكثر مما يستهدف النجاحات، وما يهمه أن تكون الأحزاب الوطنية الكبرى موجودة لضمان استمرار العملية الديمقراطية والتعددية السياسية.
يقول وهبي في حوار مع الجزيرة نت "إذا خسرنا بعض المقاعد من أجل الديمقراطية فلا بأس".

أكبر الرابحين
بالنسبة للمراقبين، فإن الأحزاب المتوسطة والصغيرة ستكون أكبر الرابحين بعد اعتماد هذه التعديلات، وستكون حظوظها أوفر رغم عدد الأصوات المتواضعة التي قد تحصل عليها، لكنها ستمكنها من الحصول على تمثيلية في مجلس النواب وأيضا سيسمح لها بإلغاء العتبة في حضور أكبر في تدبير البلديات.
وسيتنافس في انتخابات 2021 مرشحون ينتمون إلى 32 حزبا ضمن دوائر انتخابية محلية وأخرى جهوية، من بينها 9 أحزاب كان لها تمثيل في مجلس النواب المنتهية ولايته.
ويرى مصطفي يحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن توقعات الخاسر والرابح في المنافسة الانتخابية المقبلة لن تقاس بالحسابات نفسها المعمول بها خلال 20 سنة الأخيرة، والتي كان لأكبر البقية وللاعتداد بالأصوات الصحيحة فيها الفضل في إعطاء الامتياز للائحة الأولى، صاحبة أعلى عدد من الأصوات، لنيل مقاعد إضافية في دوائر ذات مقاعد 3 فما فوق.
وبالنظر لهذا المستجد التنظيمي الجديد، يضيف يحياوي، فإن الفارق في احتساب المقاعد بين الحزبين أو الأحزاب الثلاثة الأكثر استعدادا تنظيميا وقدرة على تعبئة الموارد والمرشحين المؤهلين للمنافسة، سيتقلص حتما بالمقارنة مع نتائج 2016، كما أن تنظيم جميع الاستحقاقات في يوم واحد سيقوي إمكانية استفادة الانتخابات النيابية من أصوات الانتخابات الجماعية والجهوية، أي من تلك الأصوات التي يكون فيها للتصويت الانتخابي غير المؤدلج الكلمة الحسم.

التأثير المحتمل
وحول التأثير المحتمل لنتائج الانتخابات وفق المستجدات التنظيمية الجديدة على التحالفات وتدبير الشأن الحكومي والمحلي، يتوقع يحياوي أن تبقى الأحزاب الثمانية الأولى الأكثر حضورا في غرفتي البرلمان والمجالس الجماعية والإقليمية والجهوية، حاضرة بدرجات مختلفة في نتائج استحقاقات 8 سبتمبر/أيلول الجاري.
ويضيف أن ذلك لن يمنع الأحزاب الصغرى واللامنتمين، على مستوى الانتخابات الجماعية، من تحقيق بعض الاستثناءات التي ستعقد من إفراز أغلبية منسجمة وقادرة على ضمان استقرارها لنهاية المدة الانتدابية، حيث إن اعتماد القاسم الانتخابي في الانتخابات الجماعية على أساس الأصوات المعبر عنها دون اللجوء إلى العتبة يشجع على توسيع قاعدة الانتماءات السياسية في المجالس المنتخبة.
أما على مستوى الانتخابات التشريعية، فيتوقع يحياوي أن الأحزاب الأربعة الأولى (الأحرار، والعدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال) ستستحوذ على ما يناهز 76% من مقاعد مجلس النواب، مما سيسمح لثلاثة أحزاب منها بتشكيل الأغلبية الحكومية دون الاضطرار إلى اللجوء للأحزاب الصغيرة.
تبادل المواقع
ويخلص أستاذ الجغرافيا السياسية إلى أن هذه الاستحقاقات ستفضي إلى حدوث ما سماه "تغييرا غير مكلف سياسيا"، وهو عبارة عن تحوّل في تراتبية المواقع يجعل من حزب الأحرار الحزب "البديل"، بالمعنى الذي يجعل معه التناوب انتقالا بتبادل المواقع وبتغير في ثقافة تدبير الأغلبية أكثر منه تحولا سياسيا ذا قيمة أيديولوجية تؤثر على ممارسة السلطة وعلى الاختيارات الإستراتيجية للدولة.
هذا التحول في ميزان القوى السياسية، يوضح المتحدث، من شأنه أن يفرز 3 أمور: أولا تثبيت التحالف الإستراتيجي بين الأحرار والاتحاد الاشتراكي وعودة حزب الاستقلال إلى الحكومة، وثانيا عدم اضطرار حزب الأحرار إلى معاودة اللجوء إلى التحالف مع الأحزاب الأخرى للرفع من قدرته التفاوضية.
وثالثا احتمال قبول حزب العدالة والتنمية بالمشاركة في الأغلبية الحكومية نظرا لكون حاجة الدولة إليه لا تزال قائمة لاعتبارات داخلية وخارجية تستدعي تحصين التلاحم الوطني والتعبئة الجماعية والتوافق السياسي في مواجهة مخاطر سياق جيوسياسي متحول ومتأزم إقليميا ودوليا.