المرشحون الشباب بانتخابات المغرب.. طرح جديد وسط البرامج التقليدية
حسب رصد حكومة الشباب الموازية، فإن معظم الهيئات السياسية دخلت غمار المنافسة بوجوه تقليدية معروفة تعتبر آلات انتخابية تحصد المقاعد، حسب توصيفها، باستثناء بعض اللوائح المحدودة.
الرباط – كانت الشمس لم تجمع خيوطها بعد، في مساء من أواخر أغسطس/آب الحار، حين رافقت الجزيرة نت محمد العبريدي، مرشح شاب عن تحالف فدرالية اليسار، في جولته بقلب المدينة العتيقة بالرباط، رفقة مجموعة صغيرة من رفاقه بالنضال، وكانت عيون الناس على المجموعة الشابة يملؤها الفضول، فقد غدت مشاهد الحملات التقليدية قليلة مع ظروف الجائحة وضرورة احترام الإجراءات الصحية.
برباطة جأش وأمل في مستقبل يصل فيه صوت الشباب للمؤسسات المنتخبة، انطلق العبريدي (34 عاما) ليجوب شوارع جماعته الترابية (الرباط حسان)، لبس سترة تحمل شعار الحزب الذي فضل خوض غمار الترشيح بلونه، وتسلح بالكثير من الإرادة والجرأة ليستعرض للناخبين المتوقعين أفكار حزبه ووعوده الانتخابية.
رهان يسير بتعثر
حسب رصد حكومة الشباب الموازية، فإن معظم الهيئات السياسية دخلت غمار المنافسة بوجوه تقليدية معروفة تعتبر آلات انتخابية تحصد المقاعد، حسب توصيفها، باستثناء بعض اللوائح المحدودة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي المغربي للجزيرة نت: نأمل أن نكون ضمن الأحزاب الثلاثة الأولى
تشريعيات 2021 في المغرب.. مطالب بالإصلاح الانتخابي وانتقادات لأداء الأحزاب
حملات رقمية وفيسبوك يتصدر.. هكذا غيّرت جائحة كورونا وسائل تواصل المرشحين في انتخابات المغرب
وتسجل حكومة الشباب عجزا واضحا لبعض الأحزاب على تشبيب مرشحيها ومجاراة التوجهات العامة بالمغرب، مكرسة ظاهرة الترحال بالتنافس على استقطاب الأسماء التقليدية.
في المقابل سجل مراقبون سياسيون ارتفاع عدد الشباب المرشح للاستحقاقات بشكل ملحوظ، في ارتباط ببعض التوجهات الحزبية التي فتحت المجال لهذه الفئة العمرية بهدف التسويق السياسي، وارتباط قوانين الدعم العمومي للأحزاب السياسية بحجم تمثيلية الشباب في اللوائح المحلية.
انخراط واقتناع
يخوض محمد تجربة الترشيح، يحاور ويوضح ويحاول الاقتناع بأهمية المشاركة والتصويت والاختيار، وهو الذي كان قبل سنوات قليلة مقتنعا بمقاطعة الانتخابات لاعتقاده بعدم جدواها.
يقول العبريدي للجزيرة نت "تغيرت فكرتي، واقتنعت أن المشاركة في المستوى المحلي يمكن أن تغير شيئا، وأنه إذا كثر مستشارون جماعيون شباب وشكلوا مجالس المدن، يمكن أن تتطور المدن بشكل سريع".
يميل محمد لليسار، ويعتقد أن له أجوبة حول الأسئلة الراهنة خصوصا الاجتماعية.
ينخرط مع محمد في الحملة شباب يدرسون العلوم السياسية، وآخرون تعمدوا وضع صفة متطوع على قمصانهم، تميزهم عن "تجار الحملات"، منهم الشاب عماد الشرقاني (29 عاما) حديث عهد بالسياسة، ويعتقد أن الوقت قد حان للانخراط الفاعل وأن المشاركة الواعية في الفعل السياسي طريق لإيصال صوت الشباب وانتظاراتهم.
نضال وتجربة
بمدينة تمارة (المجاورة للعاصمة) تخوض الشابة اعتماد الزاهدي غمار حملتها الانتخابية وكيلة للائحة، بلون حزب التجمع الوطني للأحرار.
والزاهدي مهندسة في الإعلاميات وباحثة دكتوراه في القانون الدولي، رغم صغر سنها في جعبتها 20 سنة من التجربة السياسية.
تقول للجزيرة نت "اخترت العمل بواقعية، وأتوقع أن نكون أقرب من المواطن كيف ما كان، أترشح بدائرتي، وسبق أن مثلت الساكنة في البرلمان، وفي المحلية، مدينة تمارة ليست مدينة سهلة وسكانها صعب إقناعهم، لدي صدى طيب وبنيت علاقات مع الساكنة بطريقة تعاملي مع فئات مختلفة من المجتمع".
بخبرة مناضل شبيبي يقول عبد الله السيباري (39 عاما)، في حديث مع الجزيرة نت، إن استحقاقات الثامن من سبتمبر/أيلول استحقاقات استثنائية، وستكون لها بصمة كبيرة في المسار الديمقراطي الذي تشهده البلاد، ولابد أن تكون لها مخرجات مؤسسات قادرة أن تصل بالبلاد إلى بر الأمان.
والسيباري كاتب عام للشبيبة الاتحادية، يترشح وكيلا للائحة الجهوية بإقليم الرباط. يتوقع السيباري الذي لا يتوانى عن متابعة حملة حزبه وحملة لائحته ويتابع كل التفاصيل، أن يربح المعركة رافعا شعار الأمل "نتمنى أن تكون استحقاقات 2021 منصفة للشباب قطب الرحى الحقيقي في تحقيق التنمية".
إصرار واستمرارية
على خلاف الشخصيات السابقة التي تخوض حملاتها قريبا من المركز، اختار الحسين حريش وهو من الوجوه الشابة بحزب العدالة والتنمية، الترشح بإقليم أسازاك جهة كلميم واد نون جنوب المغرب، حيث المناخ الصحراوي وساكنة أغلبها من الرحل.
يترشح الحسين للانتخابات التشريعية بعد تجربة ولاية مثل فيها منطقته عبر اللائحة الوطنية للشباب. يقول حريش للجزيرة نت "المنطقة هنا حارة وخلال الصيف كل الناس تسافر للمدن المجاورة، مع ذلك الحملة تسير بشكل جيد، وهي رقمية بالأساس". ويراهن الحسين على الاستمرارية واستثمار حصيلته النيابية السابقة وكله ثقة في الفوز.
التشبيب معركة مستمرة
تقول الزاهدي إن مشاركة الشباب فيها تطور وفيها وعي، لكن لم تصل بعد لتطلعات البلد من قوة الشباب في العمل السياسي. وتعبر الزاهدي عن تفاؤلها بكون المرحلة المقبلة مرحلة شباب، ومرحلة عمل واقعي.
ومن جهته، يرى السيباري أن الترشيحات تجاوزت ما كانت تسمح به لائحة الشباب الخاصة التي لم يعمل بها خلال هذه الاستحقاقات.
ويؤكد أن الشباب سيقول كلمته في المستقبل، مشيرا إلى أن معركة التشبيب ما زالت مستمرة، وأن السلوك الانتخابي للمغاربة ما زال يظهر ثقة غير كافية في الشباب.
في السياق ذاته، يقول الحسين حريش إن إلغاء اللائحة الوطنية للشباب وضع الأحزاب أمام اختبار حقيقي، مسجلا تراجع في اعتماد الشباب ومحدودية في عدد المترشحين. ويعتقد حريش أن الشباب البرلمانيين ساهموا في إعطاء البرلمان صور إيجابية، وتميزوا في الأداء التشريعي.
أما العبريدي فيعتقد أن مقابل العزوف واللامبالاة، رشحت بعض الأحزاب شبابا كرد فعل لتلميع صورتها، وبعض المشاركات لا تتجاوز كونها تأثيث للوائح.
ويستدرك العبريدي أن هناك أحزابا تراهن على المشاركة الفعلية للشباب، مشيرا إلى أن ملفات الشباب ليست هي المحدد في مناخ يسود فيه استعمال المال لاستمالة الناخب، ويضيف أن حتى الوسائط الرقمية لا تحقق عدالة الوصول للناخب على اعتبار أن من يدفع أكثر سيصل لأكبر عدد من الناخبين.
أزمة ساسة لا سياسة
يرى طارق بوطيبي وزير شاب مكلف بالتعاون في حكومة الشباب الموازية، أن أزمة الشباب المغربي ليست مع السياسة بل مع الساسة.
ويذكر بوطيبي، في حديث مع الجزيرة نت، أن حكومة الشباب الموازية نبهت إلى عدم تواصل أُطُر وقيادات الأحزاب مع الشباب إلا لاستجداء أصواتهم في الحملات الانتخابية واللجوء إلى الوعود المتكررة في التعامل مع الناخبين، ويضيف أن عدم تحقيق الوعود يكرس عزوف الشباب عن المشاركة في العملية الانتخابية.
ويعتقد أن سؤال الثقة لا يزال حاضرا بقوة وسط الشباب الذي يختار الانسحاب من الفعل السياسي، مجسّدا بذلك حالة من النفور تجاه التنظيمات القائمة، بل يرى نفسه مؤثرا من خارج آليات المشاركة التقليدية، متمثلة فيما أسماه "نخب جامدة وبيروقراطية انتخابية".
وحسب وزير حكومة الشباب الموازية فإن الشباب يعرض عن المشاركة في المؤسسات، وتصدح معظم شعاراته في الملاعب الرياضية وعبر منصات التواصل الاجتماعي.