ارتباك دستوري بالسودان.. انتقال رئاسة مجلس السيادة من العسكر للمدنيين معركة مؤجلة
عضو اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير المحامي المعز عمر حضرة للجزيرة نت: النص المتعلق برئاسة الفترة الانتقالية محسوم وحدد مدة كل طرف في الرئاسة، لكن اتفاق جوبا اعتبر بداية الفترة الانتقالية من تاريخ توقيعه
الخرطوم – ركن المدنيون والعسكريون في حكومة السودان الانتقالية للتهدئة بعد أسبوع حافل بالتصعيد، لكن ثمة معركة مؤجلة بين الغريمين تتمثل في موعد انتقال رئاسة المجلس السيادي من العسكر للمدنيين غير المحسوم في الوثيقة الدستورية.
ونصت الوثيقة الدستورية الموقعة في 17 أغسطس/آب 2019 على فترة انتقال مدتها 39 شهرا تكون رئاستها مناصفة بين العسكر والمدنيين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsانقسامات الرفاق تهدد الانتقال بالسودان.. هل ينجح العسكر بضم حلفائهم في ائتلاف الحرية والتغيير؟
تفاصيل يوم عاصف بالسودان.. معركة كسر العظم في ذروتها بين القادة المدنيين والعسكر
قرارات البرهان.. كيف قتل الجيش الثورة السودانية؟
وحددت الوثيقة -التي وقع عليها المجلس العسكري حينها وقوى إعلان الحرية والتغيير- نصيب العسكر في رئاسة مجلس السيادة بـ21 شهرا ونصيب المدنيين بـ18 شهرا، لكن تعديل الوثيقة بموجب اتفاق السلام في جوبا بين الخرطوم وعدد من الحركات المسلحة أربك نصوص الانتقال.
وأقرت تعديلات الوثيقة الدستورية بدء الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على اتفاقية السلام في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وحتى تاريخ التوقيع على اتفاق السلام ترأس الفريق أول عبد الفتاح البرهان مجلس السيادة لـ14 شهرا.
خلاف دستوري
وحتى الآن لا يوجد تصور محدد لميقات وترتيبات الانتقال في ظل خلاف دستوري حول موعد نقل رئاسة المجلس السيادي من العسكريين للمدنيين ما بين نوفمبر/تشرين الثاني القادم ويوليو/تموز 2022.
وكان عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان (من المكون المدني) قد أفاد في مقابلة تلفزيونية يوم الجمعة الماضي بأن عملية الانتقال تحتاج لنقاش، وأن عضوا في المجلس طلب فتوى من وزارة العدل، لكن تصورهم أن الموعد بعد شهرين.
وطبقا لمسؤول حكومي رفيع تحدث للجزيرة نت، فإن عدة مسؤولين غربيين أثاروا مع البرهان قضية ترتيبات نقل رئاسته للمدنيين.
لكن عضو اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير المحامي المعز عمر حضرة يقول إن النص المتعلق برئاسة الفترة الانتقالية محسوم، وحدد مدة كل طرف في الرئاسة، لكن اتفاق جوبا اعتبر بداية الفترة الانتقالية من تاريخ توقيعه.
ويضيف حضرة للجزيرة نت "وعليه تبدأ مدة رئاسة العسكريين (21 شهرا) من توقيع اتفاق جوبا في أكتوبر/تشرين الأول 2020 وتنتهي في يوليو/تموز 2022".
مرافعة قانونية
من جهتها، تشرح ابتسام سنهوري الريح عضوة اللجنة الفنية لوفد قوى الحرية والتغيير المفاوض للمجلس العسكري حينها أن الوثيقة الدستورية حددت فترة الانتقال بـ39 شهرا تبدأ من تاريخ توقيعها في 17 أغسطس/آب 2019، على أن تبدأ فترة رئاسة المكون العسكري من 17 أغسطس/آب 2019 وحتى 16 مايو/أيار 2021، لتبدأ رئاسة المكون المدني من 17 مايو/أيار وحتى 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وتضيف سنهوري أستاذة القانون الدستوري في كلية القانون بجامعة الخرطوم -للجزيرة نت- أنه ووفقا لتمديد الفترة الانتقالية بموجب اتفاق جوبا أدخل تعديل في الوثيقة الدستورية قضى بانتهاء فترة الانتقال في 2 يناير/كانون الثاني 2024 بإضافة 3 أشهر فوق السنوات الثلاث، وهو أمر غير مفهوم.
وتشير إلى أن التعديل غفل عن مناقشة تواريخ تبادل رئاسة مجلس السيادة بين المكونين، وما إذا ستكون بالكيفية ذاتها، وكيف ستحسب الفترة السابقة للاتفاق، الأمر الذي أدى إلى الارتباك الحالي.
وتؤكد أن النص والمرجعية في رئاسة مجلس السيادة سندهما الأول بالتفصيل في الفصل الثاني من الاتفاق السياسي الموقع بين طرفي الانتقال في 17 يوليو/تموز 2019، حيث نصت المادتان السادسة والسابعة على مواقيت تقاسم رئاسة مجلس السيادة.
رؤية للحل
وترى ابتسام سنهوري -التي تعد أحد عرابي الوثيقة الدستورية- أنه في غياب النص الذي يتناول الأمر يكون الافتراض ثبات ما تم التوافق عليه في الاتفاق السياسي، 21 شهرا مقابل 18 شهرا.
ورأت أن من العدل والوجاهة حساب الفترة السابقة لاتفاق جوبا وهي 14 شهرا مناصفة بين الشريكين، 7 أشهر تضاف إلى فترة كل منهما.
وعليه -ووفقا لابتسام- ستنتهي فترة رئاسة المكون العسكري للمجلس السيادي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، لتبدأ فترة رئاسة المكون المدني حتى نهاية الفترة الانتقالية في 2 يناير/كانون الثاني 2024 لتسلم السلطة للحكومة المدنية المنتخبة.
وتقول إن ثمة تحديا يتمثل في توافق قوى الحرية والتغيير وشركاء السلام حول من يتولى رئاسة المجلس للفترة المقبلة والمهمة والحاسمة في الانتقال.
وتمنت أن يتم التوافق بإجماع أو عبر حل عادل يناسب تحديات التحول الديمقراطي نحو المدنية الكاملة.
وصاية العسكر
بدوره، يتفق الأمين العام لهيئة محامي دارفور الصادق علي حسن مع ابتسام سنهوري بقوله إنه بحسب الوثيقة الدستورية كان يفترض انقضاء فترة العسكر في الرئاسة منذ مايو/أيار الفائت، لكن بعد تعديلات اتفاق السلام وبحساب المدة يجب أن تنتقل الرئاسة للمدنيين في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ويؤكد علي حسن -للجزيرة نت- أن انتقال رئاسة مجلس السيادة للمكون المدني استحقاق دستوري حددته الوثيقة الدستورية السارية منذ أغسطس/آب 2019.
لكن المتخصص في القانون الدستوري كمال عمر عبد السلام يستبعد انتقال السلطة من العسكر للمدنيين، لأن هناك غموضا، هل يسري التاريخ المحدد للانتقال في الوثيقة الدستورية أم التاريخ المنصوص عليه في اتفاق جوبا؟
ويرى عبد السلام -في حديثه للجزيرة نت- أن شهوة السلطة عند العسكر ستجعلهم يستغلون هذه "الربكة"، ولن يسلم البرهان السلطة للمدنيين بسهولة مهما ضربوا من مواقيت.
ويشير إلى أن الوثيقة الدستورية صدرت بمرسوم دستوري من البرهان عندما كان رئيسا للمجلس العسكري، وبالتالي فإن الوثيقة "منحة" من البرهان الذي عندما قال إنه "وصي" على البلد كان يعني ما يقول رغم اعتراض المدنيين.