سجال محتدم في السودان.. حميدتي يلوح بتدخل العسكر واحتجاجات في الخرطوم داعمة للحكومة المدنية
احتدم السجال بين شركاء السلطة في السودان، وحمّل مجلس السيادة الجهاز التنفيذي المسؤولية عن تردي الوضع المعيشي للمواطنين، في وقت شهد فيه مقر لجنة إزالة التمكين بالعاصمة الخرطوم احتجاجات داعمة للحكومة المدنية، وسط دعوات دولية للتهدئة.
وقال الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة في السودان إن المكون العسكري في المجلس لن يسكت عن تردي الأوضاع المعيشية في البلاد، وذلك وسط توتر متصاعد بين العسكريين والمدنيين في السلطة الانتقالية.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsنصوص دستورية مربكة.. الغموض يكتنف انتقال السلطة من العسكر للمدنيين بالسودان
يهدد بفناء 20 مليون سوداني.. الإعلام المصري يناقش دراسة تحذر من انهيار سد النهضة
وذكر حميدتي -في كلمة ألقاها خلال حفل تخرج دفعة جديدة من قوات الدعم السريع في الخرطوم اليوم الثلاثاء- أن الحالة المعيشية للمواطنين "مسؤولية الجهاز التنفيذي بالدرجة الأولى".
وتابع "صلاحياتنا في مجلس السيادة تشريفية، ونحن كعسكريين حريصون على التحول الديمقراطي"، ودعا إلى "تصحيح المسار" بمشاركة الجميع.
كما دعا حميدتي إلى توسيع دائرة المشاركة السياسية في الفترة الانتقالية، على أن يستثنى منها حزب الرئيس المعزول عمر البشير، واتهم بعض الأطراف بعدم الالتزام بالوثيقة الدستورية التي نصت على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
لا انقلابات
وتطرق حميدتي -في كلمته- إلى ما أعلنه الجيش من إحباط محاولة انقلابية في الآونة الأخيرة، وقال إنه تم الإعداد لهذه المحاولة جيدا منذ 11 شهرا.
وجدد الالتزام بتنفيذ اتفاق جوبا للسلام وجميع الترتيبات الأمنية المرتبطة به، مؤكدا عدم السماح بحصول أي انقلاب في البلاد، وعلى حق الشعب في اختيار نظام الحكم.
وخلال الحفل نفسه، قال رئيس أركان الجيش السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين إن القوات النظامية "على قلب رجل واحد" للعبور إلى مرحلة ديمقراطية آمنة ومستقرة.
وأضاف الحسين أنه بعد التغيير "اندس بيننا أصحاب الغرض وطلبوا السلطة وشيطنوا القوات المسلحة".
احتجاجات واسعة
وشهد مقر لجنة إزالة التمكين في العاصمة السودانية الخرطوم -وهي اللجنة المعنية بتفكيك نظام "30 يونيو" السابق- احتجاجات واسعة، وردد المشاركون شعارات داعمة للحكومة المدنية، ومنددة بما سموه "تغول" المكون العسكري.
واستقبل المقر وفودا من مختلف التجمعات المهنية والنقابية تأكيدا على دعم الحكومة المدنية.
يذكر أن المكون العسكري كان سحب أطقم الحراسة من مقر اللجنة، وتدخل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعادها إلى مواقعها.
ويأتي هذا استمرارا للسجال الأخير بين العسكريين والمدنيين بشأن الشراكة في إدارة المرحلة الانتقالية في السودان بعد الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير.
دعوة للتهدئة
ويواصل الجانبان تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن تردي الأوضاع في البلاد، رغم دعوات دولية لتخفيف التوتر.
وشدد رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس -عقب لقاء مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وحميدتي وعدد من الأطراف المدنية- على ضرورة التقدم في المسار الانتقالي.
وقال بيرتس إنه اتفق مع البرهان على التركيز على المهام الانتقالية عبر التعاون والحوار بين كافة الأطراف والمكونات لإنجاز الفترة الانتقالية، مؤكدا ضرورة الحفاظ على الشراكة حتى لا تضيع المكاسب.
وكان بيرتس دعا أمس الاثنين شركاء الفترة الانتقالية إلى التهدئة، وحل الأزمة في إطار الوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي بين هؤلاء الشركاء.
وقال عضو المجلس السيادي عن المكون المدني محمد الحسن التعايشي عند لقائه المبعوث الأممي؛ إنه لا خيار للخروج من الأزمة إلا عبر نجاح الفترة الانتقالية، وتحقيق التحول الديمقراطي بالكامل.
دعم أميركي
وأبدت الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء دعمها لعملية "التحول الديمقراطي، وقضية الحريات" في السودان.
جاء ذلك خلال لقاء بين بريان هنت مساعد وزير الخارجية الأميركي بالإنابة مع وزيرة الحكم الاتحادي بالسودان بثينة دينار، بمقر الوزارة في العاصمة الخرطوم، وفق وكالة أنباء السودان الرسمية.
وقال هنت إن الولايات المتحدة داعمة لعملية التحول الديمقراطي وتطلعات الشعب، وقضية الحريات بالسودان.
وعبر عن سعادة بلاده بالخطوات التي قامت بها الجهات المختلفة لإيقاف العملية التي تستهدف ما وصفه بـ"التغول على الانتقال الديمقراطي في السودان مؤخرا".
كما التقى هنت ممثلين عن المجتمع المدني وعددا من السياسيين لمناقشة الحاجة إلى حل التحديات الاقتصادية والأمنية والحوكمة، بما في ذلك تشكيل مجلس تشريعي انتقالي، مؤكدا وجوب مشاركة جميع المواطنين السودانيين في بناء الديمقراطية.
وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وقوف إثيوبيا إلى جانب السودان، ورأى أن لدى السودانيين القدرة والحكمة لإيجاد الحلول لمشاكلهم من دون الحاجة لتدخلات خارجية.
ودعا آبي أحمد -في منشور على صفحته بموقع فيسبوك- السودانيين لعدم إفساح المجال لما سماها الإملاءات الظاهرة والخفية.
وأشار إلى أن القرن الأفريقي يمر بمرحلة من التحديات، محذرا من انزلاق الدول في صراعات داخلية تستغلها "قوى الشر الخارجية" لفرض هيمنتها، على حد تعبيره.