يضم ضباطا بالنظام السابق وقوات حفتر ومرتزقة.. تشكيل مسلح متهم بانتهاك حقوق الإنسان شرق ليبيا
أعاد حفتر جهاز الأمن الداخلي إلى الواجهة في الشرق الليبي عام 2015، ويعرف إلى الآن بهذا الاسم، خاصة بعد إعادة ضباطه من أنصار النظام السابق إلى العمل من جديد ضمن التشكيلات المسلحة التابعة لحفتر.

طرابلس- أعاد تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية -يتهم "جهاز الأمن الداخلي" في شرق ليبيا بارتكاب انتهاكات مروعة بحق المعارضين- إلى أذهان الليبيين الصيت السيئ لهذا الجهاز بعهد نظام معمّر القذافي.
وقالت منظمة العفو الدولية -في تقرير لها أول أمس الجمعة (6 أغسطس/آب)- إن "أعضاء جهاز الأمن الداخلي -وهم من الجماعات المسلحة القوية العاملة شرق ليبيا- ارتكبوا انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان، وذلك من أجل إسكات المنتقدين والمعارضين، بما في ذلك احتجازهم تعسفيا، وتعريضهم للتعذيب والاختفاء القسري".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsليبيا.. المجلس الأعلى للدولة يعيد انتخاب المشري رئيسا لدورة رابعة
الحكومة تعمل على بناء جيش منظم.. خطة لإخراج المرتزقة من ليبيا ومقترحات أممية بشأن الانتخابات
شاهد ـ رئيس أركان سابق: مرتزقة فاغنر تحولوا لوجود روسي رسمي في ليبيا وحفتر لا يستطيع إخراجهمسيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدة
وبحسب المنظمة الدولية، فإن مجلس النواب الليبي يقوم بمراجعات لميزانية الحكومة لعام 2021، والتي خصص منها أموال لمليشيات وجماعات مسلحة لها تاريخ في الانتهاكات، بما في ذلك "جهاز الأمن الداخلي".
وطالبت المنظمة الدولية حكومة الوحدة الوطنية بعدم مكافأة المليشيات والجماعات المسلحة السيئة، بمنحها الشرعية والرواتب، بعد استهدافها أفرادا على أساس انتمائهم القبلي، ونشطاء من منتقدي مليشيات اللواء خليفة حفتر.

الاسم السابق والعناصر القديمة
وأعيد تسمية جهاز الأمن الداخلي في ليبيا؛ فأصبح "جهاز المباحث العامة"، نظرا لارتباطه في أذهان الليبيين بالانتهاكات المروعة المرتكبة من قبل عناصر الأمن الداخلي في عهد معمر القذافي.
وفي شرق ليبيا أعاد حفتر جهاز الأمن الداخلي إلى الواجهة عام 2015، ويعرف إلى الآن بهذا الاسم، خاصة بعد إعادة ضباطه من أنصار النظام السابق إلى العمل من جديد ضمن التشكيلات المسلحة التابعة لحفتر.
وتتهم منظمات محلية ودولية عناصر الأمن الداخلي في شرق ليبيا بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد مؤيدي ثورة "17 فبراير" والمعارضين لحفتر ومليشياته في المنطقة الشرقية، وملاحقتهم وسجنهم وتعذيبهم "لتصفية حسابات سياسية".
ويقود جهاز المباحث العامة "الأمن الداخلي" في بنغازي عبد الحميد الرعيض المغربي، وهو رئيس قسم معلومات الأمن الداخلي في عهد معمر القذافي. كما يُعد موسى الورفلي الشهير بـ "موسى فرعون"، وونيس العبدلي وأشرف العرفي؛ أبرز قادته المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
عودة الاستبداد
واعتبر عماد الدين المنتصر -رئيس مؤسسة الديمقراطية وحقوق الإنسان- تقرير منظمة العفو الدولية ذا أهمية كبيرة، ويمكن الاعتماد عليه في مخاطبة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين والحكومة الأميركية بشأن تسلل عناصر الأمن الداخلي من عهد القذافي إلى مؤسسات الدولة الحالية وتحالفها مع حفتر، ما يعني عودة الاستبداد من جديد.
وقال إن "روايات الضحايا والشهود التي بحوزتنا تدل صراحة على ضلوع الأجهزة الأمنية في المنطقة الشرقية في جرائم ممنهجة وواسعة النطاق ومستمرة ضد المدنيين، لقمع حرية الرأي والتعبير، وإزاحة المعارضين السياسيين المنتقدين لهرم السلطة التي يتربع عليها خليفة حفتر".
وأفاد المنتصر للجزيرة نت بأن هناك محاولة للتستر وراء ما يسمى توحيد المؤسسة الأمنية، وإن لم تتوقف الحكومة الليبية عن تعيين أدوات القمع -التي تدين بالولاء لعائلتي القذافي وحفتر- سيجد الليبيون الأمن الداخلي والمخابرات خارج سيطرة الدولة تماما.
ويتهم خليفة حفتر بالمسؤولية المباشرة عن تمهيد الطريق لرجوع هذه العناصر الأمنية عبر جهاز الأمن الداخلي، وهو -كما يقول المنتصر- "الذي عجز عن بناء أجهزة أمنية واستخباراتية جديدة، فلجأ إلى استقطاب عناصر النظام السابق والاعتماد عليهم، إضافة إلى تماشي الحكومة في طرابلس مع هذه المليشيات".

ممارسات مخالفة
وأكد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة أن ممارسات جهاز الأمن الداخلي مخالفة لنصوص قانون الإجراءات الجنائية، وتتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتحدث حمزة -للجزيرة نت- عن "غياب الالتزام بأحكام القانون الدولي في شرق ليبيا خاصة، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان قد توصف كجرائم الحرب".
وحمّل حمزة الحكومة المسؤولية المباشرة بعد أن منحت الشرعية والتمويل المالي للتشكيلات المسلحة التي ارتكبت جرائم مروعة.
وقال إن القيادات الأمنية والعسكرية مسؤولة قانونا حيال الممارسات المروعة على الأرض التي ترتكبها تشكيلاتها المسلحة، ولا يمكن إعفاؤهم من المسؤولية أمام القضاء المحلي والدولي.
وطالب حمزة حكومة الوحدة الوطنية بإعادة هيكلة قطاع الأمن وإصلاحه في عموم ليبيا، بما يتوافق مع مبادئ سيادة القانون ومعايير حقوق الإنسان، و"حل وتفكيك الجماعات والتشكيلات المسلحة التي تم احتواء (أعضائها) في أجهزة أمنية غير منضبطة وغير خاضعة لسلطة الحكومة".

مؤشر مهم
وينظر أستاذ القانون الدولي سامي الأطرش إلى تقرير منظمة العفو الدولية بشأن ضباط النظام السابق الذين كانوا يعملون في جهاز الأمن الداخلي؛ كمؤشر مهم لمتابعة دقيقة من منظمة دولية غير حكومية لهذه التشكيلات الأمنية في المنطقة الشرقية.
وحسب الأطرش، فإن التشكيلات المسلحة المتحكمة في المنطقة الشرقية تتكون من ضباط من النظام السابق التي تعمل ضمن مسار الثورة المضادة، ومن المرتزقة والقوات الأجنبية، بالإضافة إلى مليشيات حفتر التي حاولت ركوب موجة "ثورة 17 فبراير"، من أجل تحقيق أهدافها.
وتابع الأطرش للجزيرة نت إن "هذه التشكيلات تعمل على تصفية الحسابات، وهي تمثل -في الوقت ذاته- طموحا سياسيا توظف فيه كل الأدوات الأمنية لاستغلالهم في أي وقت من قبل قادتهم".
وقال أستاذ القانون الدولي إن إعادة عناصر وجنود النظام السابق الموجودين في مصر، وتنسيبهم لتشكيلات مسلحة بتوجيه من قياداتهم القديمة الموجودة في الخارج والمتورطة في جرائم حقوق الإنسان؛ يجعل منهم طرفا أمنيا في المنطقة الشرقية ويربطهم ارتباطا أصيلا بسيف القذافي، إذا قرر الترشح للانتخابات المقبلة.
وصرح الأطرش بأن محاولة حكومة الوحدة الوطنية تغطية الجرائم المرتبكة من عناصر الأمن الداخلي في شرق ليبيا، ومنحهم الشرعية والتمويل من الميزانية العامة بدل تقديمهم للعدالة؛ من أخطر الأعمال التي تهدد السلم الأهلي والاستقرار، وتنسف جهود العدالة الانتقالية وأساس العمل المدني الديمقراطي.