مبعوث أممي رابع إلى اليمن.. هل يُحدث خرقًا جديدًا في جدار الأزمة؟
حرص غروندبرغ خلال عمله كسفير للاتحاد الأوروبي إلى اليمن على حث الحكومة اليمنية والحوثيين للعودة إلى التفاوض، وتشجيع الأطراف السياسية والعسكرية في تبنّي السلم، وقال في مقال سابق له إن إمكانية السلام في اليمن ليست خيالًا بعيد المنال.
عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السويدي هانز غروندبرغ رابع مبعوث له إلى اليمن الممزق بالحرب، ضمن مساعيه لإعادة أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات ووقف أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم.
وجاء تعيين غروندبرغ، خلفًا للبريطاني مارتن غريفيث، ليكون الشخصية الرابعة التي تتولى تلك المهمة، إذ سبقهما المغربي جمال بن عمر، والموريتاني إسماعيل ولد الشيخ. وبحسب مكتب المبعوث الخاص إلى اليمن فإن غروندبرغ يمتلك خبرة أكثر من 15 عامًا من العمل في مجال حلّ النزاعات والتفاوض والوساطة، مع تركيز خاص على الشرق الأوسط.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمن ينهب نفط اليمن؟ آلاف البراميل تسرق يوميا وسوق سوداء تروّجها من دون رادع
إصدار عملة جديدة في اليمن.. أزمة اقتصادية في القطاع المصرفي يدفع ثمنها المواطنون
اليونيسيف تدق ناقوس الخطر بشأن واقع التعليم في اليمن
وما يشفع للمبعوث الجديد احتكاكه المباشر بالملف اليمني، إذ عمل سفيرًا للاتحاد الأوروبي إلى اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2019، وترأس قبل ذلك قسم الشؤون الخليجية بالخارجية السويدية خلال فترة استضافت فيها ستوكهولم مفاوضات بين أطراف النزاع باليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018.
اليمن يرحب بتعيين الأمم المتحدة هانز غروندبرغ مبعوثا خاصا لليمن https://t.co/tEcUBpuj1s
— Ahmed A. BinMubarak (@BinmubarakAhmed) August 6, 2021
وزير الخارجية الأمريكي يؤكد تطلع بلاده للعمل مع المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن هانز غروندبرغ، ويقول إن هناك حالة إجماع غير مسبوقة لحل الصراع وفرصة حقيقة للسلام. فقط اتفاق دائم بين اليمنيين يمكن أن يعكس الأزمة الإنسانية الأليمة.
لا يفهم ماهية الاتفاق الدائم بين اليمنيين؟ https://t.co/jnd9yuRyo5
— أحمد فوزي Ahmed Fawzi 🇾🇪 (@AFYemeni) August 6, 2021
أفكار جريئة
حرص غروندبرغ -خلال عمله كسفير للاتحاد الأوروبي إلى اليمن- على حث الحكومة والحوثيين للعودة إلى التفاوض، وتشجيع الأطراف السياسية والعسكرية في تبنّي السلم، وقال في مقال سابق إن إمكانية سلام اليمن ليست خيالًا بعيد المنال، بل فرصة قائمة في الواقع.
وإن كان بدا في مهمته السابقة قليل الحيلة للضغط نحو مفاوضات جادة ووقف إطلاق النار، لكن الأمر مختلف هذه المرة إذ سيكون الدبلوماسي السويدي مدفوعًا بدعم دولي وأممي واسع، إضافة إلى كونه يملك تصورًا واضحًا عمّا يمكن عمله في اليمن.
يأتي تعيين المبعوث الأممي الجديد بينما يتم بحث حل أزمة اليمن من خلال نقل السلطةً إلى نائب رئيس توافقي جديد أو بتشكيل مجلس رئاسة لذلك على المؤتمر تقديم رؤية ومشروع وطني لإعادة تشكيل رئاسة دولة قادرة على إنهاء الحرب والبناء دون اعتبار لمشاركة المؤتمر في السلطة أو المحاصصة
— Dr Abubaker Alqirbi. الدكتور أبو بكر القربي (@AAlqirbi) August 6, 2021
ووفق مصدر مطّلع تحدث للجزيرة نت فإن "غروندبرغ يحمل أفكارًا جريئة، أبرزها تجاوز القرار الأممي 2216 الذي يطالب الحوثيين بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح، كما سيعترف بالحوثيين كطرف مباشر ومسيطر على العاصمة صنعاء خلافًا لاعتبارها جماعة انقلابية، إضافة للتعامل مع أطراف مختلفة بالجانب الآخر بدلًا عن الحكومة اليمنية وحدها.
نرحب بتعيين السيد هانز مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة ونتمنى أن يكون الإفراج الفوري عن السفن ورفع الحصار عن الشعب اليمني أولى أولوياته باعتبار ذلك ضرورة إنسانية للتخفيف من معاناة شعبنا المظلوم وخطوة أساسية على طريق يناء الثقة وخلق أجواء داعمة لمحادثات بناءة ومثمرة.
— حسين العزي (@hussinalezzi5) August 7, 2021
حصيلة سابقيه
كما سيحاول المبعوث الجديد تلافي الأخطاء التي ارتكبها أسلافه، فبنعمر رغم نجاحه خلال سنوات عمله 2011-2015 في توقيع الأطراف اليمنية على المبادرة الخليجية، وعقد مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014) فإنه فشل في تجنيب البلاد الحرب الدامية، بحسب مراقبين.
تهانينا للسيد هانز غروندبرغ على المنصب الجديد، نتطلع لتعاون وثيق نحو السلام والاستقرار في الجنوب العربي واليمن. https://t.co/UkS21BV9P8
— Amr Al-Bidh عمرو البيض (@AmrAlBidh) August 6, 2021
ويتهم يمنيون بنعمر بتجاوز الأصوات المنتقدة له، والتغاضي عن جماعة الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح اللذين قادا ثورة مضادة أنهت آمال التغيير عقب ثورة فبراير/شباط 2011، حيث رعى اتفاق "السلم والشراكة" الذي منح الحوثيين الشراكة بالحكم رغم سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 بقوة السلاح.
لكن بنعمر عزا فشله في مهمته إلى تدخل التحالف السعودي الإماراتي في مارس/آذار 2015، وقال إن ذلك التدخل عطّل العملية السياسية، ليضطر عقب ذلك لتقديم استقالته في وقت كان البلد يشهد أعنف المعارك وينحدر لأسوأ أزمة إنسانية حد وصف الأمم المتحدة.
عيّنت الأمم المتحدة وزير الخارجية الموريتاني الحالي ولد الشيخ خلفًا لبنعمر، والذي بدأ مهمته سريعًا بعقد جولات من المفاوضات بين ممثلي الحكومة والحوثيين في جنيف والكويت. ورغم إحرازه تقدمًا فإن تمسكه بالمرجعيات الثلاث (مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، المبادرة الخليجية، قرار مجلس الأمن 2216) دفع الحوثيين لوقف التعامل معه.
اضطرت المنظمة الدولية لتعيين البريطاني غريفيث الذي بدا أكثر حظًا من سابقيه، إذ كان مدعومًا من بلاده التي تُعد حاملة القلم للملف اليمني بمجلس الأمن، ليحقق أول اختراق في الأزمة بتوقيع الأطراف اتفاق ستوكهولم الذي أوقف المعارك بمدينة الحديدة نهاية 2018، كما كان قريبًا من إنجاز اتفاق مماثل لوقف النار في مأرب مؤخرًا.
نجح غريفيث أيضًا في رعايته لتبادل أطراف النزاع 1056 أسيرًا في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وأطلق مفاوضات المسار الثاني التي تجاوزت طرفي النزاع والتي يعوّل عليها أن تكون داعمة لمفاوضات المسار الأول.
فصل جديد للأزمة اليمنية مع رابع مبعوث أممي منذ 2011
رسميا… السويدي هانس غروندبرغ مبعوثا أمميا لليمن خلفا لغريفيث.
وفق بيان أممي، كان غروندبرغ رئيس القسم الخليجي بالخارجية السويدية عندما انعقدت مشاورات ستوكهولم نهاية 2018، ومنذ سبتمبر/أيلول 2019 عمل سفيرا للاتحاد الأوروبي لدى اليمن. pic.twitter.com/jrFjgD6VWM
— B a d r Alqahtani (@BadrAlQahtani) August 6, 2021
إرادة إقليمية ودولية
لكن تعيين مبعوث أممي جديد قد يكون لا معنى له إذا لم يصاحبه إرادة سياسية إقليمية ودولية لإنهاء الصراع وغياب أدوات جديدة داعمة له للتعامل مع الحقائق على الأرض، حسبما يرى وليد الحريري المدير الإقليمي لمركز صنعاء للدراسات في نيويورك (يمني غير حكومي).
على هانس غروندبرغ السويدي مبعوث الأمم المتحدة الجديد، إن أراد أن ينجح في مهمته ويتجنب الفشل الذي مني به المبعوثون قبله، أن يستمع إلى ما تريد الشعوب لا ما تريده الدول، وأن عدم النظر للقضية الجنوبية هو الفشل برمته لأن الصراع في اليمن هو من أجل الجنوب، فالقضية الجنوبية هي بوابة الحل pic.twitter.com/ovIMQfwfqH
— علي الحدادي القعيطي 🇦🇪🇸🇦 (@AlialhaddadiHg) August 7, 2021
ويقول الحريري للجزيرة نت إن زيادة احتمالات النجاح لغروندبرغ يمكن أن تكون من خلال تمرير قرار أكثر تحديثًا لقرار مجلس الأمن رقم 2216 بما يعكس الحقائق الحالية والجهات المؤثرة على الأرض، إضافة إلى توسيع دائرة التفاوض لتشمل المجموعات التي تم تجاهلها أو تهميشها في جهود الوساطة الأممية السابقة.
وأشار إلى أن إطار عمل الأمم المتحدة يحتاج إعادة تصور لإحداث فرق، إذ يفتقر حاليًّا إلى المعرفة المحلية، خصوصًا أن المبعوثين السابقين قصروا جهودهم على التنقل الدبلوماسي بين العواصم والعمل مع أشخاص محددين.
ويختم الباحث بقوله "إذا استمر مبعوث الأمم المتحدة على النهج وأدوات الوساطة الحالية، فلا فرق بين الأمس واليوم وغدًا".